المصارف السعودية: ديمومة الربحية برغم الجائحة

  • 2021-01-02
  • 22:10

المصارف السعودية: ديمومة الربحية برغم الجائحة

  • دائرة الأبحاث

 

من ملف:
المصارف العربية بعد الجائحة: الأداء والتوقعات المستقبلية

 

فرض عاملان منفصلان ومهمان ايقاعهما الخاص على أداء القطاع المصرفي السعودي خلال النصف الأول من العام الحالي. العامل الأول ذو صفة عالمية أنتجته أزمة كورونا بتداعياتها على الأسواق والقطاعات بمعزل عن متانة الاقتصادات الوطنية في كل الدول. أما العامل الثاني فيتسم بخصوصية محلية ذات مزايا اقليمية ودولية، وتتمثل بانتعاش خيار الاندماج حتى بين كبار صنّاع السوق.

على الجبهة الأولى، أظهرت المصارف المدرجة مخزون خبرات واحترافية عالية في ادارة التعامل مع تداعيات ازمة كورونا مدعومة بسياسات مالية ونقدية تحفيزية، وأفلحت في احتواء العوائق المستجدة بسببها، محتفظة بمستويات ربحية مرضية بلغت 12.8 مليار ريال سعودي (3.5 مليارات دولار أميركي) في النصف الأول من العام الحالي.

 

للإطلاع على:
ترتيب المصارف السعودية في النصف الأول

 

واكتسبت الأرباح المحققة ميزة مهمة كونها عوضت الدخل الفائت من تراجع مردود الفوائد بأكثر من مليار ريال، بسبب تقلص متوسط معدلات الفوائد محلياً وعالمياً وتأثر قدرة المصارف على تحصيل مستحقاتها من العملاء في ظل انعكاسات الوباء، وبذلك استجابت الى توجيهات الجهات الناظمة القاضية بتأجيل الاقساط المستحقة على المقترضين بهدف مساعدة القطاع الخاص على تخطي التبعات المستجدة. وعززت البنوك السعودية هذه الوقاية المسبقة بحجز مخصصات وازنة ناهزت مبالغها المجمعة 8.6 مليارات ريال في النصف الأول، بهدف تغطية اي احتمالات ضاغطة على جودة الائتمان في بعض القطاعات الأكثر تاثراً بتداعيات الوباء  خلال الفترات المقبلة.

بالتوازي، لم تنكفء المصارف عن مدّ السوق بالسيولة المطلوبة من خلال تقديمها المزيد من القروض والتي بلغت قيمتها 1613 مليار ريال خلال النصف الأول، مرتفعة بنسبة 13 في المئة على أساس سنوي، وبلغت نسبة القروض إلى الودائع نحو 86.6 في المئة، مرتفعة بنحو 333 نقطة أساس، وهو ما يبين استمرار توافر السيولة لدى المصارف لمواكبة أي ارتفاع محتمل على التمويل خلال الفترة المقبلة.

وفي ايقاعات العامل الثاني، تمّ رصد استمرار سعي بعض المصارف للإندماج مع إلاعلان عن اتفاق لدمج بنكي "الأهلي التجاري" و"سامبا" الذي من شأنه انتاج عملاق مصرفي سعودي واقليمي، ومن الدوافع المحركة لهذه العملية، كانت مواكبة رؤية المملكة 2030 بخلق كيانات كبيرة قادرة على  دعم برامج وخطط التحول الاقتصادي وعلى التوسع في الأسواق الدولية إضافة إلى خفض المصاريف وتعزيز متانة رأس المال لمواجهة التحديات المستقبلية التي قد تواجه القطاع ولاسيما  في حال استمرار جائحة كورونا وتراجع أسعار النفط وما يرافق ذلك من تأثير مباشر على الاقتصاد المحلي.

 

أبرز نتائج النصف الأول للمصارف السعودية
)مليون ريال سعودي ما لم يذكر العكس( النصف الأول 2020 النصف الأول 2019 نسبة التغير السنوي
الموجودات 2,633,084 2,331,173 13.0%
القروض 1,613,256 1,430,467 12.8%
الودائع 1,862,801 1,717,771 8.4%
نسبة القروض إلى الودائع 86.6% 83.3% تحسن 333 نقطة أساس
حقوق المساهمين 379,549 365,086 4.0%
اجمالي دخل الفوائد 45,729 46,779 -2.2%
المخصصات 8,562 6,166 38.9%
صافي الدخل 12,831 22,355 -42.6%
"المصدر: افصاحات المصارف، "أولاً-الاقتصاد والأعمال

أداء الاقتصاد المحلي

خلال النصف الأول من العام الحالي، سجّل الناتـج المحلـي الإجمالـي الحقيقـي تراجعاً بنحو 4 في المئة  نتيجـة انخفـاض الناتـج النفطـي الحقيقـي بمعـدل 9.4 في المئة، فـي حيـن انكمـش الناتـج غيـر النفطـي الحقيقـي بنسـبة 3.3 في المئة مع تراجع مجمل الانشطة الاقتصادية، وفقاً لوزارة المالية.

وقــد عملــت الحكومة على الحـدّ مـن هـذا التأثير من خلال تنفيذ العديد من المبادرات التحفيزية والتي شملت إعفاءات وتأجيل سـداد الرسـوم والضرائب، إضافـة إلى ما قام به البنك المركزي السعودي مـن مبـادرات لدعـم القطـاع المالـي وضـخ السـيولة في السوق.

 

ماذا عن التوقعات المستقبلية للقطاع المصرفي السعودي خلال العامين المقبلين؟

 

 وفــي ضــوء ذلــك، شــهدت المؤشــرات الاقتصاديــة خــلال الربــع الثالــث تحســناً ملموســاً مع إعــادة الحركــة وفتــح الانشــطة الاقتصاديــة تدريجيــاً مما انعكس ايجاباً علـى مؤشـرات الاسـتهلاك والطلـب المحلـي وبعـض مؤشـرات الانتـاج، وقـد سـاهمت هـذه العوامـل فـي توقـع أداء اقتصـادي أفضـل خلال النصف الثانـي، كما أعلنت وزارة المالية.

وبالنظـر إلـى توقعـات كامـل العـام 2020، أشار بيان وزارة المالية أنه مـن المتوقـع أن يسـجل الناتـج المحلـي الاجمالـي الحقيقـي تراجعـاً بنسـبة 8.3 في المئة، كما يتوقع أن يبلغ التضخـم لكامـل العـام نحو 7.3 في المئة، مع احتساب الاثـر المرتبــط بزيادة نســبة ضريبة القيمة المضافة والرسـوم الجمركية على بعض السلع، كذلك مـن المتوقـع أن يبلـغ إجمالي ايرادات العام الحالي نحو 770 مليار ريـال بانخفاض نسبته 17 في المئة مقارنة بالعام السابق، إلا أنه من المتوقع أن ترتفع الايرادات لتبلغ 846 مليار ريال في العام 2021.