الجزائر: القطاع الخاص يتجه إلى الإفلاس؟

  • 2020-01-16
  • 11:59

الجزائر: القطاع الخاص يتجه إلى الإفلاس؟

  • الجزائر - فريدة حمدي
يتجه القطاع الخاص في الجزائر نحو مجهول قد يقوده إلى الإفلاس، في ظل غموض مناخ الأعمال وشلل نشاط الكثير من الشركات بعد قرابة 7 أشهر من دخول معظم ملاك المؤسسات الخاصة من رجال الأعمال إلى السجن بتهم الفساد والمساهمة في تخريب اقتصاد البلاد خلال حقبة نظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة. 

هذا الواقع جعل الشركات الخاصة تحتضر أمام الاستراتيجية الجديدة والخطاب المعلن من طرف الحكومة الجزائرية بإعطاء دفع للقطاع العام وما يعرف بفصل المال عن السياسة. 

مشكلات مالية وإدارية

ينطلق مراقبون في مقاربتهم لخطورة الوضع الاقتصادي في الجزائر من أن معظم الشركات الخاصة التي يقبع ملاكها في السجن، تعاني مشكلات إدارية ومالية تحول دون استمرار نشاطها، فمجمع حداد الذي يعتبر عملاق الأشغال العمومية في البلاد يوظف أكثر من 13 ألف عامل، يشهد حالة إفلاس بعد سحب الدولة لمعظم المشاريع التي كان قد حصل عليها، بالإضافة إلى توقف كل المشاريع السارية بسبب صعوبات مالية تواجه المجمع وقد حالت دون دفع أجور العمال لمدة تزيد عن 6 أشهر، وهي الظروف نفسها التي تعيشها مصانع تركيب السيارات التي تشهد شبه احتضار بعد توقيف الحكومة لرخص التركيب لكل المصانع بسبب تورط كل ملّاكها في شبهات فساد للحصول على رخص الاستغلال وتهريب العملة الأجنبية إلى الخارج وكذلك الحصول على امتيازات غير مستحقة من قبل وزراء يقبعون حاليا معهم في السجون.

ويرى المحلل الاقتصادي والأستاذ الجامعي في جامعة الجزائر 3، الدكتور حميد علوان، أن التحديات الاقتصادية لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، تكمن في إعادة هيكلة الاقتصاد وفتح الفرص الاستثمارية للمستثمرين الحقيقيين من دون تمييز واسترجاع الأموال المنهوبة من قبل رجال الأعمال المتهمين في جميع قضايا الفساد أو مصادرة مصانعهم لإعادة إرسالها من جديد والتي وعد بها الرئيس تبون في خطة يرى أنها استراتيجية وسرية.

اقتراحات لتجنب الإنهيار

ولإنقاذ الشركات الخاصة الآيلة إلى إشهار الإفلاس يقترح الخبير الاقتصادي عبد الرحمان عية، خطة من شقين، قانوني يتمثل في المتابعة القانونية والإثبات بالأدلة لاختلاس المال العام واستخدام ذكاء خارق لإخراج الأموال خارج البلاد، وهو أمر صعب جدا بحكم أن الأموال كانت مؤطرة من البنوك وبنك الجزائر، والثاني يتعلق بالمنطق الاقتصادي. ويرى عية، أن استرجاع الأموال المنهوبة تكون وفقا لقانون 06-01 بالمعالجة الودية للقضايا باسترجاع الأموال وضخها في تمويل المشاريع الاستراتيجية وإعطاء دفع جديد لمناخ الاستثمار باعتبار أن شركات رجال الأعمال المحبوسين يشكلون 50 في المائة من تراجع نشاط المؤسسات الخاصة.

من جهته يرى الإعلامي المختص في الاقتصاد، أمين عمارة، أن الوضعية الحالية التي يعيشها الاقتصاد تتميز بالركود، محذرا من انكماش اقتصادي قد يضرب اقتصاد البلاد خلال الأشهر الست الأولى من السنة الجارية بسبب ارتفاع الدين الداخلي للبلاد إلى 65 مليار دولار جرّاء عملية التمويل غير التقليدي (طبع العملة) الذي ساهم في إضعاف قيمة الدينار الجزائري من جهة، وتآكل الدين الخارجي للبلاد إلى 51 مليار دولار نهاية السنة الماضية من جهة أخرى، مع توقعات بنسبة نمو جد ضئيلة (1.3 في بالمائة) التي حملها قانون الموازنة لسنة 2020.

توقعات البنك الدولي

وفي سياق متصل، توقّع البنك الدولي في آخر تقاريره بلوغ نسبة نمو الناتج المحلي الخام الجزائري في العام الحالي 1.9 في المئة، وهي نسبة تبقى بعيدة ولا تفي بالغرض في ظل تدهور كل المؤشرات الاقتصادية. علما أن البنك الدولي يذكر كل مرة الاقتصاديات الناشئة في طريق النمو من شاكلة الجزائر أن المستقبل في القطاع الخاص الفعّال الخلاق للثروة ومناصب الشغل.  

وكشف تحقيق أجراه الديوان الوطني للإحصائيات لدى رؤساء المؤسسات، عن تراجع النشاط الصناعي بالجزائر لدى القطاع الخاص خلال الربع الثالث من 2019. كما أكد على الصعوبات التي تعاني منها الشركات الخاصة الآيلة إلى إشهار الإفلاس بالنظر إلى مناخ الأعمال المتشنج والغامض ما يضع الحكومة الجديدة أمام أمر واقع بضرورة الإسراع في إطلاق مخطط الإقلاع الاقتصادي بإرادة سياسية قوية عبر إرساء حوافز استثمارية جديدة وتذليل العراقيل الإدارية.