لبنان والتحويلات المشبوهة: مرجعية قانونية برأسين

  • 2020-01-14
  • 10:25

لبنان والتحويلات المشبوهة: مرجعية قانونية برأسين

  • علي زين الدين

مع تصدر مطلبي ملاحقة التحويلات المشبوهة واستعادة الأموال "المنهوبة " قائمة المطالب الإصلاحية لموجات الاحتجاجات الشعبية المتواصلة في لبنان، يبرز دور هيئة التحقيق الخاصة كمرجعية قانونية وتنفيذية في ملاحقة الانحرافات المالية المحتملة، سندا إلى دورها المركزي في مكافحة تبييض الأموال.

وبحسب المداولات الجارية، فإن تزخيم خطوط التنسيق والتعاون بين الهيئة والنيابة العامة التمييزية، يمكن أن يشكّل اطاراً مرجعياً لملاحقة وتتبع التحويلات التي تخرج من لبنان خلال هذه الفترة الحرجة، والنظر في معطيات العمليات التي جرت في الأشهر الأخيرة واحتمال شمولها بأي من تهم الفساد والإضرار بالوضع المالي والنقدي. وذلك في انتظار اكتمال المنظومة القانونية وتحديد مرجعية جديدة ذات اختصاص بالجرائم المالية والتعامل بمرونة كافية مع جدار الحصانة الذي يحجب عملياً مساءلة كبار المسؤولين ومحاكمتهم.

تعريف الجريمة المالية

ففي التعريف القانوني، تعتبر الهيئة أن الجريمة المالية هي "مطلق عمل يرمي إلى إخفاء المصدر الحقيقي للأموال غير المشروعة، أو إحداث أي تغيير فيها بهدف إضفاء مظهر شرعي عليها، أو تملك هذه الأموال أو استعمالها، أو المشاركة في أي من الأعمال السابق ذكرها، مع العلم أنها أموال غير مشروعة ". بينما يمكن للهيئة تنفيذيا، " تجميد الحسابات أو العمليات أو الأموال أو الموجودات عند وجود شبهة تبييض أموال، ويحال الملف إلى الجهات القضائية المختصة."

ووفقاً لمطالعات قانونية تم التداول بها بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بصفته رئيساً لهيئة التحقيق ومدعي عام التمييز غسان عويدات، يتكامل دور النيابة العامة التمييزية مع مهام الهيئة في مكافحة تبييض الأموال وفقًا للقوانين الوطنية المرعية الإجراء. إذ أن الهيئة تتولى درس الملفات أو الطلبات ذات العلاقة بالحسابات المصرفية، والمحالة إليها قضائيا من قبل المرجعيات المحلية والدولية، وأيضا الملفات المشتبه بها التي ترد من جهات ذات صفة رقابية أو لدى الشك بتحركات غير مألوفة في حسابات معينة.

وتشكّل هذه المعطيات تحولات إضافية ومثيرة في التعامل مع الخلفية المالية لنتائج الاحتجاجات الشعبية العارمة التي تجتاح لبنان منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تزامنا مع تحريك النيابات العامة وألأجهزة القضائية لبعض الملفات تحمل شبهات فساد وتبديد أموال عامة، واستدعاء مسؤولين كبار حاليين وسابقين للاستماع إليهم. علما أن نادي القضاة تقدم بمذكرة إلى هيئة التحقيق الخاصة لدى "البنك المركزي" طلب فيها التجميد الإحترازي والموقت لحسابات كل السياسيين والموظفين الكبار والقضاة وكل من يتعاطى الشأن العام وشركائهم من متعهدين وعائلاتهم.

تشويش كبير في المعلومات

ويلاحظ مسؤول في المصرف المركزي " وجود تشويش كبير في المعلومات والشائعات التي تتعلق بالوضع النقدي والمالي . وثمة مبالغات في الحديث عن موجة تحويلات وخروج أموال من الجهاز المصرفي، في ظل التدقيق والمتابعة من قبل مكونات السلطة النقدية، وخصوصا لجنة الرقابة على المصارف وهيئة التحقيق الخاصة ".

ويوضح المسؤول الكبير، أنه قد يتعذر على هيئة التحقيق، ولا يقع في نطاق مهامها أصلا، المتابعة والتدقيق في كل الطلبات التي وردت أساسا في مذكرة نادي القضاة، أو ترد من مصادر متنوعة، وبعضها ينطلق من تضخيم لمعلومات معينة او شائعات غير مستندة الى وقائع حسية. لكنها، في المقابل، ملزمة وجاهزة لتتبع أي حساب يرد بحقه طلب من السلطات القضائية المختصة. وتم وضع هذه المعطيات بتصرف الجهات المعنية .

ووفقا للنص القانوني فإن مهمة "هيئة التحقيق الخاصة" هي "إجراء التحقيقات في العمليات التي يشتبه بأنها تشكل جرائم تبييض أموال وتقرير مدى جدية الأدلة والقرائن على ارتكاب هذه الجرائم أو إحداها. ويحصر بالهيئة حق تقرير رفع السرية المصرفية لمصلحة المراجع القضائية المختصة ولمصلحة الهيئة المصرفية العليا ممثلة بشخص رئيسها وذلك عن الحسابات المفتوحة لدى المصارف أو المؤسسات المالية والتي يشتبه في أنها استخدمت لغاية تبييض الأموال.

مسؤول مصرفي كبير:توجيه الاخبارات والمذكرات القانونية
يجب أن يوجه إلى النيابة العامة التمييزية

وبالاستناد إلى هذه المهام، يعتبر المسؤول المصرفي، أنه "ينبغي توجيه الاخبارات والشكاوى والمذكرات القانونية إلى النيابة العامة التمييزية بوصفها المرجعية القانونية ذات الصلاحية لدرس الملف وتحديد الحسابات التي تريد الاطلاع عليها، وبما يشمل الاطلاع على حركة التحويلات في الأسابيع الماضية ضمن المعايير القانونية السارية، والتوسع في التحقيق عند وجود أي شبهة. أما في ما يخص تعاملات البنوك مع زبائنها داخليا، فهي، بحسب المصدر "تتبع منظومات عمل وتدابير خاصة بها وبإدارة السيولة. وهي ذات طابع مؤقت، ولا نتدخل في هذه الخيارات ما دامت تتم تحت سقف القانون والتعاميم التنفيذية الصادرة عن مكونات السلطة النقدية، وتشمل البنك المركزي ولجنة الرقابة على المصارف وهيئة التحقيق الخاصة وهيئة ألأسواق المالية ".

ولا تستبعد مصادر مصرفية مطلعة أن تحظى المذكرات الجدية وذات المرجعية القانونية باهتمام ومتابعة مرجعيات دولية معنية بمراقبة ألأصول ألأجنبية ومكافحة الجرائم المالية  لا سيما منها، مطالعة نادي القضاة التي ركزت على  ملاحقة أي تحويل أو نقل أو إستبدال أو توظيف أو إخفاء المصدر الحقيقي للأموال الناتجة عن جرائم الفساد، بما في ذلك الرشوة وصرف النفوذ والاختلاس واستثمار الوظيفة وإساءة استعمال السلطة والإثراء غير المشروع كما التهرب الضريبي، كونها تشكل جميعها جرائم تبييض ( غسل ) الأموال وفقا لقانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب رقم 44 تاريخ 24/11/2015  .