بوينغ تعلّق إنتاج طائرات "737 ماكس": كفى نزفاً

  • 2019-12-17
  • 14:45

بوينغ تعلّق إنتاج طائرات "737 ماكس": كفى نزفاً

سهم الشركة يتراجع بحدة وإيرباص أول المستفيدين

أعلنت شركة بوينغ أنها ستعلق مؤقتاً إنتاج الطراز "737 ماكس" الذي تحاصره المشاكل اعتباراً من كانون الثاني/يناير المقبل. ومنيت أسهم عملاق صناعة الطيران الأمريكي بانتكاسة قوية فور إعلان النبأ، حيث أغلق سهم الشركة منخفضاً بأكثر من أربعة بالمئة الاثنين، في حين انخفض بأكثر من نصف نقطة مئوية بعد تداول تقارير مبكرة أفادت بأن شركة بوينغ قد توقف أو تحد من إنتاج هذا الطراز. 

وقالت بوينغ في بيان إنها تعتقد أن "هذا القرار هو الأقل تعطيلاً للحفاظ على نظام إنتاج طويل الأمد وسلامة سلسلة التوريد". وأضاف البيان: "سبق أن ذكرنا أننا سنجري بصورة مستمرة تقييماً لخطط الإنتاج لدينا إذا استمر منع تحليق ماكس لفترة أطول مما توقعنا. وكنتيجة لهذا التقييم المستمر، قررنا إعطاء الأولوية لتسليم الطائرات المخزنة وتعليق الإنتاج مؤقتاً في برنامج 737 اعتباراً من الشهر المقبل". 

واستمر إنتاج "737 ماكس" بالرغم من وقف تشغيل هذا الطراز من قبل شركات الطيران العالمية قبل تسعة أشهر. وباتت بوينغ تحتفظ الآن بمخزون لحوالى 400 طائرة حالياً. وتوقفت طلبات شراء الطائرة "737 ماكس" خلال الفترة التي لحقت بتعليقها، ولم تتم بوينغ أي صفقات حتى الشهر الماضي في أول طلبية شراء جديدة تكونت من طلب لثلاثين طائرة فقط. وفي أثناء تعليق رحلاتها، واصلت الشركة إنتاج طائرات “٧٣٧ ماكس”، إذ كانت تأمل إعادة تأهيل الطائرة والموافقة عليها بشكل أسرع من قبل منظمي شركات الطيران في جميع أنحاء العالم. 

وكانت الشركة الأمريكية تأمل في استئناف استخدام الطائرات من هذا الطراز بنهاية 2019. لكن الجهات المنظمة في الولايات المتحدة أوضحت بما لا يدع مجالاً للشك أنها لن تصرح للطائرات من هذا الطراز بالعودة للطيران في وقت قريب. 

وارتفع سهم إيرباص في التداولات الصباحية اليوم الثلاثاء بواقع 1.6 بالمئة فور شيوع قرار منافستها بوينغ القاضي بتعليق إنتاج الطائرة 737 ماكس، في حين تراجعت أسهم شركتي سافران وميلروز المصنعتين لأجزاء الطائرات بنسبة 2.3 بالمئة وستة بالألف على التوالي. 

وإضافة إلى سمعتها التي تلوثت بالوحول، كلف تعليق إنتاج بوينغ "737 ماكس" الشركة الأمريكية بالفعل حوالى تسعة مليارات دولار. وقالت بوينغ إنها ستركز راهناً على تسليم المخزون من هذا الطراز للعملاء. وبالرغم من وجود طلبات من العديد من شركات الطيران لشراء هذا الطراز، فقد علقت الشركة تسليم هذه الطلبات حتى يتسنى لمهندسيها إصلاح الخلل في برامج الكمبيوتر المعيبة. 

وتكبدت بوينغ جراء الأزمة تكلفة مالية كبيرة بالنظر إلى أن الطائرة مثلت ثمانين بالمئة من طلبات الشركة المتراكمة في النصف الأول من العام الماضي. 

ويأتي هذا القرار في وقت يعاني قطاع الطيران العالمي مصاعب جمة تتصل بضعف الطلب وعودة أسعار الوقود إلى الارتفاع. وينتظر أن تواجه الشركات التي سبق أن أدخلت هذا الطراز من بوينغ ضمن أساطيلها أو كانت تخطط للتوسع بحيازته مشكلات فعلية في المستقبل المنظور. 

وقالت شركة “ساوثويست إيرلا ينز”، أكبر مشغل لهذا الطراز من الطائرات، إن توقيف "737 ماكس" عن العمل سيخفض 225 مليون دولار من إيرادات التشغيل لعام 2019، في حين تتوقع “أميركان إيرلاينز” انخفاضاً قدره 400 مليون دولار. 

وحذرت شركة "فلاي دبي”، التي تعتبر ثاني أكبر زبون لدى شركة بوينغ لطائرات “737 ماكس”، من أن عملياتها قد تنكمش إلى مستويات عام 2014 في حال لم يوضع هذا الطراز من الطائرات في الخدمة ثانية. وسحبت فلاي دبي ١٤ طائرة بوينغ ماكس كانت تشغلها عندما أوقف الطراز عن العمل، ما أجبرها على وقف العديد من رحلاتها. وتسعى شركة الطيران الاقتصادي الإماراتية التي طلبت 251 طائرة من هذا النوع إلى الحصول على تعويض، واقترحت أنه يمكن أن تتحول إلى طائرة "أي 320 نيو" المنافسة من إيرباص. 

وبعد تعطل طائرات بوينغ ماكس منذ آذار/مارس وإعادة طائرات مستأجرة لمالكيها مع انتهاء عقودها، انتقلت “فلاي دبي” من التوسع السريع إلى النمو البطئ. 

وبلغت خسائر شركات الطيران الصينية التي تستخدم هذا الطراز من الطائرات أكثر من نصف مليار دولار بنهاية حزيران/يونيو الماضي بسبب وقف تحليق طائرات بوينغ “737 ماكس”، بحسب تقديرات رابطة النقل الجوي الصينية. ويشغل الطراز "737 ماكس" في الصين شركات عدة أبرزها "إير تشاينا" و”خطوط شرق الصين الجوية” و”خطوط جنوب الصين الجوية”. 

ومن المرجح أن يبلغ إجمالي خسائر الإيرادات العالمية الناتجة عن توقف بوينغ ماكس 1.5 مليار دولار بنهاية العام. 

وكانت سلطات الطيران العالمية أمرت بوقف تحليق "737 ماكس" في أعقاب تحطّم طائرة من هذا الطراز تابعة لشركة "لايون إير" في تشرين الأول/أكتوبر 2018 في إندونيسيا ومن ثم طائرة أخرى من الطراز نفسه تابعة للخطوط الجوية الإثيوبية في آذار/مارس في كارثتين جويتين أسفرتا عن مقتل 346 شخصاً. 

واتخذ قرار تعليق الإنتاج خلال اجتماع عقد الاثنين واستند إلى عدد من العوامل، أبرزها حالة اليقين المتعلقة بمتى وكيف ستتم إعادة الطائرة إلى الخدمة، وكذلك بالتراخيص المتّصلة بتدريب الطيارين على هذا الطراز من الطائرات على مستوى العالم، بحسب ما أوضح البيان. 

وتعتبر بوينغ، ومقرها سياتل بولاية واشنطن، من أكبر المُصدّرين الأمريكيين. وقالت الشركة: "إعادة الطائرة 737 ماكس إلى الخدمة على نحو آمن تعتلي قائمة أولوياتنا". وأضافت: "ندرك أن عملية الحصول على موافقة إعادة 737 ماكس إلى الخدمة وتحديد متطلبات التدريب المناسبة لابد أن تكون شاملة وقوية، لضمان استعادة ثقة الجهات الرسمية والعملاء والركاب في تحديثات هذا الطراز". 

وعلمت جلسة استماع في البرلمان الأمريكي (الكونغرس) الأسبوع الماضي أن الجهات الرسمية المسؤولة عن الطيران المدني في الولايات المتحدة كانت على علم، بعد تحطم الطائرة في إندونسيا في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، باحتمال وقوع حوادث أخرى. ورجح تحليل أجرته هيئة الطيران الفيدرالية في الولايات المتحدة أن تقع أكثر من 10 حوادث خلال عمر الطائرة ما لم يخضع هذا الطراز إلى تعديلات في التصميم. 

وتعكف بوينغ على إعادة تصميم نظام التحكم الإلكتروني للطائرة 737 ماكس الذي يرجح أنه السبب في وقوع الحادثين. وأشارت بوينغ في بيانها إلى أنّ قرار تعليق الإنتاج لن يؤدّي في الوقت الراهن إلى إلغاء أي وظائف، لكنّ هذا الأمر ستكون له حتماً انعكاسات سلبية على الشركات المتعاقدة مع عملاق صناعة الطيران الأميركي.