البخاري وسلامة: اللقاء حدث بذاته ريثما ينضح "الاناء"

  • 2020-06-24
  • 08:23

البخاري وسلامة: اللقاء حدث بذاته ريثما ينضح "الاناء"

  • علي زين الدين

 قد يصعب حتى إشعار ليس ببعيد، الإلمام بتفاصيل استضافة السفير السعودي في لبنان وليد البخاري في دارته في اليرزة، لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة برفقة نائبه السابق والمقرب الدائم محمد بعاصيري. فالمجتمعون حرصوا على مقولة "المجالس بالأمانات" وتوافقوا على تأكيد المؤكد لجهة حرص المملكة العربية السعودية على لبنان واستقراره ودعمه بكل السبل المتاحة.

واذ اكتفى بعاصيري، الذي شارك بالتحضير للإجتماع، بالقول إن المملكة قلقة على الوضع في لبنان وعلى استعداد للمساعدة، فإنه أفصح "ترميزاً" بأن مضمون اللقاء يتعدى الإطار الشخصي للحاكم، الذي جبه حملة مركزة تبنتها أطراف فاعلة في الحكومة وكادت تفضي إلى إقالته او دفعه إلى الاستقالة، لتنم عن رسالة سعودية صريحة بأن قيادة المملكة لم تنفض يدها من الشأن اللبناني وإن أرختها قليلاً ومؤقتاً نظير الملفات الإقليمية والدولية الملحة التي تنشغل في التعامل مع مقتضياتها، وأيضاً نظير ما تعرّضت له من حملات محلية ممنهجة.

في العموم، بدا الاعلان عن اللقاء حدثاً بذاته، لتتجلى الصفة الاستثنائية بمشاركة سلامة شخصياً، والذي قل ما يلبي دعوات ذات خصوصية بهذا القدر، في لقاء معلن وشبه مغلق على سفير وحاكم ومنسق، لتقتصر المعلومات الرسمية الموزّعة حول اللقاء بأنّ "تخللته نقاشات حول المستجدات والتطورات والقضايا ذات الاهتمام المشترك".

أما في الخصوص، فالسفير البخاري خبير بالبلد وأحواله، وحوارته المفتوحة مع أهل الفكر والثقافة والإعلاميين والاقتصاديين وسعت كثيراً من آفاقه الديبلوماسية التي أتقنها على مدى السنوات الماضية ضمن تدرجه في مراكز المسؤولية وزيادة المهام الموكلة إليه، وبالتالي فإن مجرد الافصاح عن اللقاء ينبيء بحراك ما قد يرقى الى مستوى المبادرة في الشأن النقدي والمالي المأزوم في لبنان.

ولا يمكن عزل اللقاء الاستثنائي، عن اجتماع عقده السفير البخاري قبل أسبوعين مع مدير عام وزارة المال آلان بيفاني، وهو المعروف بقربه من العهد ورئاسة الجمهورية وأحد أبرز المرشحين لخلافة سلامة، وهذا ما يكسب هذه اللقاءات "الخصوصية" أهمية إضافية، فهي تجمع عملياً آراء مختلفة، الى حدود التناقض أحياناً، على طاولة "ود" واحدة، وهو دور ريادي طالما أظهرته ومارسته قيادة المملكة مع الأفرقاء اللبنانيين، وتجلى خصوصاً في اتفاق الطائف الذي أنهى حروب لبنان وأعاد صوغ دستوره وانتظام الدولة ومؤسساتها الشرعية، بينما لم تبخل المملكة يوماً في مد لبنان بالدعم المعنوي والمالي، وفي منح اللبنانيين العاملين لديها كل ميزات الرعاية والحماية.

هل من مبادرة سعودية تضيء شعلة في النفق الذي انحدر إليه لبنان؟

ربما يسيء الاندفاع في الترقبات الى طبيعة المهمة التي يجري تحضيرها والتي يمكن أن تتوسع الى لقاءات أشمل ميزت دوماً دينامية السفير البخاري وسعة معرفته بالبلد وأحواله، وواقع الأمر أن ما حصل في لبنان من متغيرات سياسية وانهيارات اقتصادية ومالية ونقدية باتت تتطلب برامج إقليمية ودولية للتمويل والدعم تفوق نطاق المبادرات الخاصة، إنما هي مشروطة بأن يصلح أهل البلد أنفسهم حتى يحفزوا محبيهم وأصدقائهم لمعاونتهم.