جامعة القديس يوسف في لبنان: خسائر بـ 12 مليون دولار

  • 2020-06-25
  • 21:20

جامعة القديس يوسف في لبنان: خسائر بـ 12 مليون دولار

"اليسوعية" تسعى إلى مساعدة الطلّاب بإثقال كاهلهم بقروض المصارف!

  • أدهم جابر

لا تختلف حال جامعة القديس يوسف في بيروت عن غيرها من الجامعات الخاصة في لبنان، لذا، كان طبيعياً أن تعاني المشكلات نفسها، وأن تغرق في رحلة البحث عن الحلول ذاتها، في ظل ظروف متقلبة لا يمكن توقع تداعياتها بسهولة، غير إن هذه الحال الصعبة والظروف القاسية لم تدفعا الجامعة إلى اعتماد مبدأ الشفافية ومصارحة طلّابها وأساتذتها حول الإجراءات التي يمكن أن تلجأ إليها مستقبلاً..

 

15 في المئة من الطلّاب عاجزين عن دفع أقساطهم

وإدارة الجامعة تبحث خيارات التسديد وتخصم من الأقساط 100 ألف ليرة فقط!

 

تؤكد مصادر إدارية في جامعة القديس يوسف "اليسوعية" أن خسائر الجامعة بلغت 12 مليون دولار العام الماضي، فيما ارتفعت خسائر مستشفى "اوتيل ديو" التابع إلى نحو 25 مليون دولار خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وقد نجمت هذه الخسائر عن مجموعة من المعطيات أهمها، أن ما بين 10 إلى 15 في المئة من الطلّاب لم يتمكّنوا من دفع أقساطهم"، مشيرة إلى أن الجامعات الكبيرة تأثرت بالأزمة أكثر من الجامعات الأخرى، وذلك بسبب الالتزامات المالية الكبيرة المخصّصة للبحث العلميّ والاشتراكات تحديداً في كبريات المكتبات الإلكترونيّة ومصاريف أخرى.

هذه الخسائر ربما تكون السبب في عدم اتجاه الجامعة إلى النظر في مسألة الأقساط من ناحية التخفيف عن كاهل الطلّاب، إذ يؤكد ممثلوهم أن مساعي كثيرة بذلت في هذا السياق وتمّ اللجوء إلى وزارة التربية للبحث في هذه المسألة غير إن كل الحراك الطلابي لم يجد نفعاً، فالجامعة تعتبر أنها تتمتع باستقلالية خاصة، وبالتالي فإن أي قرارات قد تتخذها وزارة التربية والتعليم العالي ليست ملزمة بالنسبة إليها، وعليه فإن جلّ ما تمكن الطلاب من تحقيقه هو الحصول على خصم مقداره 100 ألف ليرة (ما يعادل 20 دولاراً وأقل)، وهو مبلغ أثار سخرية الطلّاب وخنقهم في الوقت نفسه.

 

خيارات عدة لتقاضي المستحقات المالية مستقبلاً:

قسم بالدولار وآخر بالليرة والتقسيط على دفعات

 

وفي ما يوضح ممثلون من مجلس فرع طلاب الجامعة، أن الخصم المذكور جرى على القسط الرابع وتمّ على شكل بدل انترنت، فإن جامعة القديس يوسف التزمت في المقابل، في تأمين الرواتب لأساتذتها، وتوضح المصادر نفسها أن "الأساتذة حصلوا على رواتبهم كل بحسب عقده أو عدد ساعات حصصه"، لكن هذا بالنسبة إلى ما مضى، أمّا مستقبلاً، تقول المصادر: "إن الجامعة في صدد دراسة خيارات عدة منها إبقاء سعر صرف الدولار على 1515 ليرة لبنانية، أو اللجوء إلى خيار دفع قسم بالليرة اللبنانية وآخر بسيط بالدولار"، موضحة أن هذا الخيار لم يتم حسمه حتى اليوم في انتظار الموازنة ودراسة نتائج العام الحالي، لكن على الرغم من ذلك، فإن الجامعة لن تتوقف عن تقديم المنح إلى طلّابها، مشددة على أن "الأقساط أو التعثر المالي لن يكون سبباً من دون إكمال الطلاب لتحصيلهم العلمي. وتضيف المصادر أن من الخيارات المطروحة ايضاً هي المساعدات المالية التي تعمل دائرة الخدمة الاجتماعية في الجامعة على تأمينها لكل طالب كل بحسب وضعه الخاص، منها مثلاً إمكانية التقسيط على أشهر عدة أو بعد التخرّج، ومجدداً فإن الحديث عن مساعدات وتقديمات يبقى نظرياً، خصوصاً في ظل تأكيد ممثلي الطلّاب أن المساعدات التي تتحدث عنها إدارة الجامعة، هي التقليدية وغير المرتبطة بالظروف الاستثنائية، ويرى هؤلاء أنه كان يجب على الجامعة أن تلتفت إلى الطلاب تحديداً في ظل الظروف القاهرة التي يعيشها اللبنانيون وفي ظل الظروف التي فرضها انتشار فيروس كورونا وما رافقه من حالة "التعبئة العامة" التي أدت إلى خسارة الكثير من اللبنانيين لمصادر دخلهم ما انعكس ضعفاً في قدرتهم على تسديد المستحقات المالية المتوجبة عليهم، ومنها الأقساط الجامعية.

 

التعليم عن بعد يفتح شهية "اليسوعية"


وكغيرها من الجامعات الخاصة (AUB و LAU)، فإن اليسوعية استندت إلى التعليم عن بُعد، للقول بأن الطلّاب أنهوا فصولهم الدراسية، وبالتالي فإن هذا النوع من التعليم فتح شهيتها للاستمرار في اعتماده مستقبلاً ليكون عذراً قائماً لتقاضي المستحقات المالية خلال الظروف الاستثنائية، وعلى هذا الأساس تؤكد المصادر الإدارية في الجامعة أن "التعليم عن بُعد سيكون معتمداً كخيار في العام المقبل، سواء بشكل جزئي أو كلي"، موضحة في هذا الإطار أن الجامعة ملتزمة بقرار وزارة التربية والتعليم العالي لجهة إعادة فتح قاعات الصفوف"، وهنا يستغرب أحد ممثلي الطلّاب الذين تحدثوا إلى "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال" الاستنسابية التي تتعامل فيها الجامعة مع قرارات وزارة التربية إذ تأخذ منها ما يناسب مصلحتها فيما تتجاهل ما يناسب مصلحة الطلاب!

غير إن مصادر الجامعة تواصل تبرير اعتمادها على التعليم عن بُعد بالإشارة إلى أن "الجامعة أدركت أهمية هذا التعليم وحصلنا على اعتماد من وكالة ألمانية وانتقلنا من التعليم التقليدي إلى التعليم التفاعلي القائم على حضور الطلاب التفاعلي والتواصلي، واستطعنا وبسرعة قياسيّة أن نكمل الدروس عن بعد. لقد أعطينا 1200 مادة على مستوى الجامعة، وكنا ندرّس 500 حصة يومياً، إضافة إلى عشرات ساعات التدريب للأساتذة والموظفين الذين بحاجة إلى ذلك"، وتشير المصادر إلى أن أبرز تحدّيات التعليم عن بُعد هي الكلفة المرتفعة على الطالب، يضاف إليها مشكلة الإنترنت في لبنان، فهي غير متوفرة في كل المناطق والشبكة ضعيفة في بعض الأحيان، وتخلص إلى القول "إن التعليم عن بعد يحتاج إلى تكافل الجهود من أجل تطوير التربية ككل بمختلف أنظمتها ومقارباتها".

 

عكس التيار

 

وبخلاف الجامعات التي تعمل على مساعدة طلّابها بالاعتماد على المساعدات الخارجية، وعلى الرغم من تأكيد "اليسوعية" أن التعليم لديها أولية ورسالة، إلا أنها تصوّب سهامها باتجاه الحكومة اللبنانية، وفي هذا السياق علم "أوّلاً- الاقتصاد والاعمال" أن الجامعة تسعى الى الحصول على مساعدة الجهات الرسمية اللبنانية من أجل تسهيل أمور التعليم العالي من خلال دعم الأقساط عبر القروض من المصارف، وتسهيل مدفوعات الجامعات لتأمين الأمور الأساسية مثل المعلوماتيّة والمختبرات وحاجيات أخرى لا نجدها في السوق اللبنانيّة.

إذاً، ما تريده "اليسوعية" أو جامعة القديس يوسف، هو تحرك من الحكومة اللبنانية العاجزة، من أجل حل مشكلاتها وتأمين المساعدات للطلاب وبالتالي أن تشارك معها في تحقيق رسالتها! وهنا كلام حق يقال، وسؤال يطرحه كل طلّاب الجامعة: لماذا لا تعمد الجامعة إلى العمل على خطة واضحة لمساعدة طلّابها؟ مضيفين: لماذا تطالب الجامعة الحكومة بتأمين قروض للطلّاب عبر المصارف، ألا يخدم ذلك المصارف ويلقي بالمزيد من الأعباء المالية على كاهل الطلّاب وذويهم؟ ألا يعني ذلك أن الجامعة تفكر في مصلحتها قبل تحقيق ما تقول بأنه رسالة تؤديها؟!

 

من ملف: التعليم العالي في لبنان والأزمة الاقتصادية: قصة معاناة مفتوحة