لبنان: كيف تواجه AUB و LAU الأزمة وما هي خططهما المستقبلية؟

  • 2020-06-15
  • 23:50

لبنان: كيف تواجه AUB و LAU الأزمة وما هي خططهما المستقبلية؟

هل سترفع الجامعتان أقساطهما وتغيرا سعر صرف الدولار.. وهل لعب التعليم عن بُعد دوراً في عدم خصم الأقساط وصرف الموظفين؟

  • أدهم جابر

 

لطالما شكّل التعليم العالي في لبنان علامة فارقة، ورافداً أساسياً لسوق العمل في لبنان والدول العربية بالمهارات والكفاءات وأصحاب الاختصاص، ولطالما عانى هذا التعليم بشقيه الرسمي والخاص من السياسات التعليمية للحكومات اللبنانية المتعاقبة، ومن الأزمات الاقتصادية والمالية إلى حدّ وجد نفسه أمام معضلة تحتّم عليه "قبع شوكه بيديه" والاعتماد على المحبين والأصدقاء داخل لبنان وخارجه.

اليوم تواجه الجامعات الخاصة في لبنان أزمة مفصلية نابعة من الأزمة السياسية والاقتصادية التي يواجهها لبنان الى أن بات لبنان مهدداً بفقدانه أحد الأعمدة التي ساعدت اللبنانيين على مواجهة الأزمات.

في ملف "التعليم العالي في لبنان والأزمة الاقتصادية: قصة معاناة مفتوحة"، يتطرق "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال" إلى المشكلات والتحديات التي تواجهها الجامعة اللبنانية والجامعات الخاصة من خلال حوارات ولقاءات مع مسؤولين في هذه الجامعات لتسليط الضوء على معاناتها والاطلاع على خططها المستقبلية، وقد شملت اللقاءات والحوارات بعض الرؤساء والمسؤولين في هذه المؤسسات. فكيف يرى هؤلاء مستقبل التعليم العالي وما هي أبرز التحديات في ظل الظروف الاقتصادية الحالية الصعبة؟ وماذا عن تجربة التعليم عن بُعد؟ وما هي الخطط التي تبحثها الجامعة اللبنانية والجامعات الخاصة للعام المقبل؟

 

الجامعة الأميركية واللبنانية الأميركية في بيروت: المحافظة على البقاء

 

 

لم يسلم التعليم العالي في لبنان من تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية التي يعيشها البلد منذ شهور، ولم يكن ينقصه سوى جائحة مرضية حتى تتفاقم مشكلاته، وإذا كان نصف العام الدراسي 2019-2020 انقضى بالنسبة إلى بعض الجامعات عن بُعد، وبالنسبة إلى أخرى كيفما اتفق، فإن العام المقبل سيكون مختلفاً بالنسبة إلى العديد من الجامعات الخاصة في لبنان.

إذاً، هي أزمة للقطاع لم تجد لها الجامعتان الأميركية في بيروت (AUB) واللبنانية الأميركية (LAU) حلاً، ولم تهتديا إلى سبيل للتخفيف من وقعها سوى الاعتماد على مساعدة "الأصدقاء والخريجين والمحبين" في إطار مبادرات تمكنتا عبرها من جمع "قروش بيضاء" لتستعين بها في "الأيام السوداء"، ومن جانب آخر الاستعداد من خلال خطط مختلفة تشير الجامعات إلى انها توازن بين مراعاة ظروف الطلّاب وذويهم، وفي الوقت نفسه المحافظة على البقاء في ظل هذه الظروف الاستثنائية..

 

الخسائر كبيرة والأزمة مختلفة في شكلها وتفاصيلها

 

على مدى نحو 150 عاماً على انطلاقتها لم تواجه الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) ظروفاً صعبة كالتي تواجهها اليوم، فالجامعة التي شهدت مجاعات وحربين عالميتين وحرباً أهلية لبنانية امتدت على مدى 15 عاماً وتجاوزتها جميعها، تمرّ اليوم في أزمة تكاد تكون مختلفة في شكلها وتفاصيلها عن كل الأزمات السابقة، فخسائرها المالية كبيرة وهي ناجمة عن أزمتين مالية واقتصادية وجائحة كورونا خصوصاً أن الجامعة تضم مستشفى وهذا ما زاد الأمور تعقيداً، وما يفاقم أزمة الجامعة الأميركية، وكحال معظم المؤسسات العاملة في لبنان، العلاقة غير السوية مع الدولة اللبنانية، ذلك أن للجامعة مشكلة تاريخية مع الدولة المديونة لها بملايين الدولارات، والتي حتى اليوم تتمنع عن سداد المتوجب عليها ولو على شكل أقساط، وهذا ما دفع إدارة الجامعة، إلى اعتبار الديون المذكورة خسائر.

ولأن الجامعة تضم مستشفى، يقول عميد شؤون الطلّاب في الجامعة الأميركية في بيروت د. طلال نظام الدين، فإن الخسائر كبرت خصوصاً مع انتشار فيروس كورونا الذي أدى إلى توقف أقسام كاملة في المستشفى عن العمل وقد تحوّل معظم عملها إلى استقبال الحالات الطارئة فقط، علماً أن المستشفى يضم اختصاصات عدة، وهذا ما كبّد الجامعة المزيد من الخسائر التي لم تكن في حسبانها.

وفيما دفعت الظروف الصعبة الجامعة الأميركية في بيروت إلى التحرك بشخص رئيسها د. فضلو خوري للبحث في خطة للمحافظة على بقاء الجامعة وتتضمن إجراءات قاسية ومؤلمة، فإن الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) لم تكشف حتى اليوم عن خطة أو إجراءات مستقبلية محددة، ذلك أنها تعتبر وبحسب رئيسها د. جوزيف جبرا أن "الخسائر على كبرها لا تعدّ خسائر لأن همنا هو تأمين التعليم لطلابنا فشغلنا الشاغل هو مساعدتهم على إنهاء علومهم ودفعهم إلى التخرج والانخراط في سوق العمل".

 

لا خصومات على الأقساط.. ولكن

 

 

د. جبرا: جمعنا 50 مليون دولار لمساعدة طلابنا

 

على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها الجامعتان، فإن إدارتيها لم تلجآ إلى رفع الأقساط، لكنهما في الوقت نفسه لم تقوما بأي خصم على الأقساط الجامعية وذلك بخلاف ما كان منتظراً وبعكس كل الدعوات إلى مثل هذا الإجراء، وإذ يشدد جبرا على أن همّ الجامعة هو مساعدة طلابها وأساتذتها، يؤكد أن تسديد الأقساط أمر لا بدّ منه، لكن ما فعلناه هو "أننا أنشأنا منذ بدء الأزمة صندوق دعم تمكنا من خلاله من جمع نحو 50 مليون دولار لمساعدة الطلاب غير القادرين على تسديد الأقساط كاملة وهذا انعكس تخفيضات بنسبة تراوحت ما بين 30 إلى 40 ووصلت في بعض الأحيان إلى 50 في المئة على المستحقات المتوجبة على الطلاب. ويضيف أنه ومثل كل الجامعات الأخرى أو غالبيتها، فإننا تركنا لطلابنا خيار تسديد المستحقات عليهم إمّا بالدولار أو الليرة اللبنانية، والثاني اعتماد التسعيرة الرسمية للدولار أي 1515 ليرة وهذا الأمر بانتظار العام المقبل. ومن جهتها، اعتمدت الجامعة الأميركية في بيروت المبدأ نفسه لجهة التسديد لكنها أيضاً لم تجر أي خصم على الأقساط، ذلك أن الجامعة بحسب نظام الدين تواجه تحديات كبيرة أدت إلى وقف العمل بالمشاريع التطويرية التي كان يجري العمل عليها، غير إن هذه الظروف الاستثنائية لم تدفعها حتى الآن، إلى إجراءات من شأنها أن تلقي بالمزيد من الأعباء على الطلاب وذويهم، ولا على كوادرها الوظيفية، لذا رسمت خطواتها انطلاقاً من واقع الحال ومن تقدير لظروف الأهالي والطلاب الناجمة عن غلاء الأسعار وتدهور سعر الليرة مقابل الدولار، وبالتالي فإن ما نتمسك به يقول نظام الدين: "هو مساعدة طلابنا في هذه الظروف الصعبة".  لكن لماذا لم تخصم الجامعتان من الأقساط خصوصاً أن العام الدراسي لم يكتمل؟

 

التعليم عن بُعد

 

يجيب د. جبرا أنه منذ بدء كورونا تمكنت الجامعة اللبنانية الأميركية من تجاوز هذا التحدي باعتماد التعليم عن بُعد، الذي أجبرنا عليه، وكنا مؤهلين لذلك، إذ إننا نمتلك البنية التحتية اللازمة لذلك، ولتسهيل هذا الأمر قمنا بمنح طلابنا 35 جيغابايت انترنت لمساعدتهم. أما د. نظام الدين فيرد قائلاً إنه منذ بدء جائحة كورونا وضعت الجامعة الأميركية في بيروت أمام اختبار جديد يتعلق بالتعليم عن بُعد، علماً أنها كانت قد بدأت هذا النمط، على الأقل في جزء منه قبل كورونا، تحديداً في فصل الخريف مع بدء التظاهرات والاحتجاجات في 17 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. هذه التجربة تطورت لاحقاً وكانت ناجحة بشكل عام وإن كان هناك تباين بين اختصاصات وأخرى، إذ إن التعليم الالكتروني كان سهلاً بالنسبة إلى بعض الاختصاصات وصعباً بالنسبة إلى أخرى تحديداً التطبيقية منها. ويضيف نظام الدين أن النتائج جاءت مماثلة للدراسة التقليدية، لكنها أفرزت تحديات جديدة خصوصاً بالنسبة إلى الأساتذة الذين كان عليهم أن يتكيفوا مع هذا النمط الجديد من التعليم.

وإذا كانت الجامعة الأميركية تخطط مستقبلاً لتعزيز تجربتها في هذا المجال من خلال جعل جزء من الصفوف عن بُعد. لماذا لم تقم بتخفيض أقساطها؟ يؤكد نظام الدين أن العام الدراسي استكمل وانتهى طبيعياً فثمة من تخرّج من الطلاب والخدمات استمرت بطريقة طبيعية وكان الفضل في ذلك للتعليم الالكتروني، مضيفاً: "لم يحدث أي تغيير يذكر لذا لم نجد أن هناك داعي لتخفيض الأقساط".

 

في انتظار العام المقبل: ناقوس خطر وخطة بالـ "الأميركية"

 

تحاول الجامعة الأميركية في بيروت استجماع طاقاتها والتعلم من تجاربها، ويؤكد د. نظام الدين أن الجامعة في ظل الظروف الراهنة تعين عليها العمل وفقاً لاتجاهين، الأول انتظار أعداد الطلّاب الذين سيقومون بالتسجيل في العام المقبل، وما هي المبالغ التي سيدفعونها وإذا كان الرقم ليس واضحاً حتى الآن، فإننا لا نتوقع أن يكون بعيداً عن العام الماضي، ولأن احداً لا يمكنه التوقع بشكل دقيق في هذه المرحلة، قمنا بدق ناقوس الخطر ووضعنا خطة "ب" هدفها الأساسي جعل الموظفين والأساتذة والطلاب أقل تأثراً، وهذا هدف أي ميزانية للجامعة، لكن في الوقت نفسه، لكي نستمر بأقل ضرر ممكن في العام المقبل.

يشدد د. نظام الدين على أن التطورات الحاصلة تفرض البحث في إصلاحات حقيقية في الجامعة لإحداث تغيير جذري مع التمسك بهدفنا الأساسي وهو: التعليم على مستوى عالمي والتمسك بالعطاء وخدمة المجتمع الذي نتواجد فيه. لكن ماذا في حال تعثر الخطط الحكومية؟ يجيب نظام الدين: "هذا متوقع من دولة مفلسة وديونها نحو 100 مليار دولار، وعليه فإننا سنعتمد على أنفسنا وعلى الداعمين والمحبين".

 

 

خطة "ب" للجامعة الأميركية في بيروت:

صرف موظفين لا رفع للأقساط

 

 

في مكان ما، فإن الاعتماد على النفس يندرج في إطار إصلاحات شاملة تعدّ لها الجامعة الأميركية، وهي الخطة "ب" التي أشار إليها نظام الدين الذي يعيد التشديد على أنها حتى اللحظة، لا تتضمن رفعاً للأقساط، ولا اعتماد سعر صرف جديد للدولار وذلك حتى تتبلور الصورة النهائية لهذا السعر، إذ إن الجامعة كمؤسسة تلتزم بالإجراءات الحكومية في هذا الخصوص، وطالما أن السعر الرسمي للدولار هو اليوم 1515 فنحن سنعتمد ذلك حالياً. وفي المقابل، فإن المؤلم، وفقاً لـ نظام الدين هو أن الإصلاحات تتضمن صرف موظفين وهذا السبب كان وراء المشاورات التي يجريها رئيس الجامعة د. فضلو خوري مع المسؤولين اللبنانيين.

وفي هذا السياق، علم "اوّلاً- الاقتصاد والأعمال" من مصادر في وزارة العمل اللبنانية أن فضلو سيلتقي وزيرة العمل لميا يمين هذا الأسبوع، وأن إحدى الشركات المتعاقدة مع الجامعة الأميركية في بيروت قدمت طلب تشاور إلى الوزارة بعد أن قامت الجامعة بفسخ العقد معها، وذلك من أجل البحث في مصير موظفيها.

وبغض النظر، تؤكد مصادر متابعة في الجامعة الأميركية إلى "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال" أن إجراءات الجامعة ستكون قاسية جداً ومؤلمة، وستؤدي إلى إثارة ردود فعل غاضبة وتهجم على الجامعة، لأن عائلات كثيرة ستتضرر من الإجراءات الإصلاحية التي تسوّق لها إدارة الأميركية، وإذ تشدد المصادر نفسها على أن "هذا واقع لا بدّ منه"، تشير إلى أن الرئيس فضلو خوري يسعى من خلال لقاءاته بالمسؤولين اللبنانيين، إلى إيجاد تفهم سياسي لإجراءات الجامعة على صعيد الموظفين، والتي ستطاول الموظفين الذين سيستمرون في عملهم خصوصاً في ما يتعلق بالعلاوات والحوافز الممنوحة لهم التي تشكل جزءاً كبيراً من ميزانية الجامعة، علماً أن هؤلاء يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية لا الدولار، كما إنها تبحث جدياً في تغيير سعر صرف الدولار وإيجاد طريقة مختلفة لتسديد الأقساط كأن يكون جزء منها بالدولار وآخر بالليرة اللبنانية، خصوصاً أن هذا الأمر يعدّ تحدياً كبيراً للجامعة بحسب الاتجاه الذي ستعتمده الحكومة اللبنانية، إذ بحسب المصادر "لا يمكن اعتماد ميزانية واضحة إذا لم يكن سعر صرف الدولار مقابل الليرة مستقراً".

 

ماذا ستفعل LAU؟

 

أما بالنسبة إلى الجامعة اللبنانية الأميركية فإن المستقبل لا يزال غامضاً فلا خطط واضحة مستقبلية وربما يعود ذلك إلى السبب المتعلق بانتهاء ولاية رئيس الجامعة الدكتور جوزيف جبرا، وبالتالي فإن المهمة ستكون ملقاة على عاتق الرئيس الجديد، وهذا ما يفسر أيضاً عدم اتضاح الصورة في الجامعة إلى الآن سواء بالنسبة إلى الطلاب أو الأساتذة والموظفين.

وفي هذا السياق، يؤكد د. جبرا أنه حتى اليوم لا قرار برفع الأقساط في العام المقبل ولا قرار باعتماد سعر صرف مختلف للدولار، والأهم أننا لن نلجأ إلى صرف موظفين فتركيزنا اليوم ينصب على جمع الأموال اللازمة لنستمر، والخطة الوحيدة التي تعمل عليها الجامعة هي الاستعداد بشكل تام للتعليم عن بعد بكل أشكاله، وفي الوقت نفسه الدراسة التقليدية، ويخلص د. جبرا إلى القول: "لسنا في حاجة إلى الأموال، وإن أبرز التحديات أمامنا تكمن في عدم اتفاق السياسيين في ما بينهم، ذلك أن خلاص البلد هو في اتفاقهم، وبالتالي فإن ما تطلبه الجامعة من الحكومة الاتفاق على خطة إنقاذية لمختلف القطاعات وبينها الجامعات في لبنان".