شركات النفط الصخري أمام امتحان كورونا

  • 2020-04-17
  • 12:40

شركات النفط الصخري أمام امتحان كورونا

  • حنين سلّوم

برهنت شركات النفط الصخري الأميركيّة خلال أزمة 2014-2016، عندما تدنّت أسعار النفط، أنّها تستطيع أن تتأقلم مع الأسعار المنخفضة وأنّ باستطاعتها تخطّي الأزمات من خلال رفع فعاليّة الإنتاج، أي من خلال خفض التكلفة. وها هي اليوم أمام امتحان جديد وأشدّ صعوبة وذلك لسببين، الأول أنّ الأزمة هذه المرّة على صعيدي العرض والطلب، وليس العرض فقط كما خلال الأزمة السابقة، والثاني أنّ الأسعار التي وصل إليها سعر النفط ليست فقط متدنيّة بل هي أدنى من تكلفة استخراج برميل إضافي.

وفي حين بدأ بعض الشركات مثل Whiting petroleum Corp بالإعلان عن إفلاسه، وبدأ في المقابل بعض المصارف الكبرى مثل JPMorgan Chase & Co، Wells Fargo & Co وغيره بإنشاء شركات لتشغيل أصول الشركات التي قد تتخلّف عن تسديد القروض المستحقّة، فإن السؤال الذي يمكن طرحه في هذا السياق هو: ما هي الفرص المتاحة أمام شركات النفط الصخري وكيف تتخطّى هذه المرحلة؟

شركات توقف الإنتاج للمرّة الأولى

وفقاً لمقال نشرته رويترز في 15 نيسان/ أبريل، تعتزم شركة MCA Petroleum Corp، بعد أربعة عقود من التشغيل المتواصل حتّى خلال الأزمات السابقة، إيقاف معظم عمليّات الإنتاج للمرّة الأولى في تاريخ الشركة. فقد توقّفت الشركة عن حفر آبار جديدة كما أرجأت عمليّات الصيانة في ظل امتلاء صهاريج التخزين وتراجع الطلب بنحو 30 مليون برميل يوميّاً بعد أن أدّى انتشار كورونا إلى شلّ معظم القطاعات وبالتالي إلى تراجع الطلب العالمي. فوفقاً لمالك الشركة، الخوف الأكبر والدافع وراء اتخاذه هذا القرار هو تخوّفه من عدم شراء المصافي الأميركيّة النفط الصخري الذي ستستخرجه الشركة في حال لم تتوقف عن التشغيل أو عزم المصافي شراء النفط بأقل من تكلفة انتاجه.

ووفقاً لدراسة أجرتها شركة Rystad Energy، فإن نحو 240 ألف عامل في قطاع النفط في الولايات المتّحدة سوف يخسر وظيفته هذا العام أي نحو ثلث العمّال العاملين في التنقيب البرّي والبحري، كما توقّعت شركة Spears & Associates، انخفاض الانفاق على خدمات حقول النفط بنسبة 21 في المئة فيسجّل 211 مليار دولار هذا العام، وهو أدنى مستوى منذ سنة 2005.

وعلى خلاف الأزمة السابقة، يبدو أنّ المصارف هذه المرّة ليست مستعدّة لتوفير السيولة بل على العكس، إذ إنّها تتحضّر لتشغيل أصول المتخلّفين عن تسديد القروض. في الواقع، ليس ذلك مفاجئاً لأنّ الاقتصاد العالمي في ركود وليس واضحاً حتّى الساعة متى سيتعافى.

نتيجة هذه الأحداث، من المتوقّع أن ينخفض انتاج النفط اليومي في الولايات المتّحدة بنحو 500 ألف برميل هذا العام.

هل باستطاعة الشركات تخطّي الأزمة؟

بحسب ما نشرته بلومبرغ في 15 نيسان/ أبريل، فإنّ ما يميّز منتجي النفط الصخري عن بقية قطاع النفط والغاز هو أنّ استخراج النفط الخام من الحقول قد يستمر لعقود بينما آبار إنتاج النفط الصخري قد تجف بعد نحو ثلاث إلى أربع سنوات، وهو ما يجبر الشركات على حفر آبار جديدة في مدّة زمنيّة قصيرة. نتيجة هذا التكرار، يصبح منتجو النفط الصخري أكثر كفاءة من غيرهم أي أنّهم يقومون بالعمل في شكل أسرع وبتكلفة أقل. وقد ورد في دراسة أجرتها شركة Rystad Energy، أنّ شركات النفط الصخري ستتمكّن من خفض التكاليف بنسبة 16 في المئة في العام الحالي، مقارنةً بتخفيض بنسبة 10 في المئة للشركات التقليدية للتنقيب البرّي وانخفاض بنسبة 12 في المئة لشركات التنقيب البحري.

فضلاً عن الكفاءة، تستطيع الشركات خفض الإنفاق من خلال استخدام بنية تحتيّة ومعدّات أقل للتنقيب عن عدد أكبر من الآبار أو استبدال مواد بعض من المواد الباهظة التي تستخدم للتنقيب بأخرى أقل تكلفة كما استبدلت الشركات رمال الغرب الأوسط (الذي يجب دفعه إلى الترسبات لكسر الصخور وإطلاق الهيدروكربونات المحبوسة في الداخل) التي كانت تشحن تقليدياً إلى المناطق المنتجة للنفط بتكاليف باهظة بحبوب رملية محليّة أقل جودة ولكن أرخص بكثير.

إلى ذلك، تحدث المقال أيضاً عن الآبار التي سبق وتمّ حفرها ولكنها لم تضخ حتى الآن وهي تسمّى fracklog وقد وصل عددها في Permian Basin في غرب تكساس إلى أعلى مستوياته، تستطيع الشركات ضخ هذه الآبار عندما يتعافى الطلب في الأشهر المقبلة بتكلفة منخفضة تقدّر بنحو 20 دولاراً للبرميل وهو ما يخوّلها الإنتاج بتكلفة منخفضة إلى حين ارتفاع أسعار النفط من جديد.