قطاع المعقمات رابح في معركة كورونا

  • 2020-03-16
  • 09:00

قطاع المعقمات رابح في معركة كورونا

ارتقاع غير مسبوق في الطلب على المعقمات

  • رانيا غانم

دفعت حالة الهلع التي خلفها فيروس كورونا المستهلكين في مختلف أرجاء العالم إلى التهافت على شراء مواد التنظيف والمعقمات والمطهرات، فرسخ هذا الواقع المثال القائل "مصائب قوم عند قوم فوائد"، إذ إن الطلب على المعقمات ارتفع بوتيرة غير مسبوقة في الشهرين الماضيين، دافعاً الشركات إلى زيادة إنتاجها أو وارداتها وبالتالي أرباحها. لكن المخزون لدى الكثير من الشركات المزودة لتلك المنتجات قد نفذ، الأمر الذي خلق هاجساً لديهم حول إمكانية تأمين الكميات المطلوبة.

تجمع الشركات المزودة للمعقمات والمطهرات في معظم الأسواق العربية على الارتفاع غير المسبوق في الطلب على وقع انتشار كورونا. وساهمت حملات التوعية التي أطلقت للوقاية من المرض بدعم وتعزيز القطاع في مختلف البلدان. ففي الإمارات مثلاً، لاحظت فيفاء للكيماويات، الشركة المصنعة لمواد التعقيم بالعلامة التجارية غردينيا، زيادة بنسبة مئتي في المئة في الطلب على منتجات التعقيم سواء من قبل المستشفيات أو الصيدليات أو تجار الجملة. وعمدت الشركة إلى زيادة إنتاجها في الآونة الأخيرة بهدف تلبية حاجة السوق، لكنها تتخوف من عدم قدرتها على تأمين استمرارية الإنتاج في الفترة القادمة، نظراً إلى النقص الكبير في المواد الأولية المطلوبة لهذه الصناعة. الواقع مشابه في السعودية، حيث خلت رفوف الصيدليات وبعض المحال التجارية من المعقمات اليدوية نتيجة نفاذ الكميات.

المخزون ينفذ

المشهد ليس مغايراً في الكويت، إذ بمجرد الإعلان عن أول إصابة بالفيروس، تهافت المستهلكون إلى شراء المطهرات. وفي هذا الإطار يلفت بلال قانصو، مدير مجموعة شركات معرفي في الكويت، الشركة المستوردة لمروحة من المنتجات الكيماوية منها منتجات تورك السويدية، النظر إلى أن نمو الطلب في الفترة الأخيرة أدى إلى نفاذ مخزون الشركة من معقم اليدين. ويضيف: "لقد كان لدينا مخزوناً من المعقمات يكفي لمدة ثلاثة شهر، لكنه نفذ في أربعة أيام فقط". وباتت الشركة تتلقى طلبات هائلة غير قادرة على تأمينها، لذا عمدت إلى توزيع كميات محدودة من المعقمات لا تتعدى الصندوق الواحد لكل تاجر. وقد تلقت الشركة شاحنة في الأسبوع الماضي نفذت في غضون أربعة أيام. وما يزيد الطين بلة، بحسب قانصو، هو أن الشركات العالمية المزودة لتلك المنتجات باتت عاجزة عن تأمين احتياجات التجار.  ويقول: "طلبت الشركة شاحنتين من المعقمات من تورك بقيمة تبلغ 350 ألف يورو، لكنها لم تتمكن من إعطائنا تاريخ محدد لوصول الشاحنة إلى الكويت، فاضطررنا للبحث عن مصادر أخرى". وبدأت الشركة مؤخراً باستيراد المعقمات من دبي.

ارتفاع الأسعار يجابه بالرقابة

أدى الارتفاع في الطلب على منتجات التعقيم إلى تصاعد أسعار المواد الأولية الخام التي تدخل في هذه الصناعة. وتراوحت الزيادة في أسعار المواد الخام بين 30 ومئة في المئة وفق شركة فيفاء للكيماويات. فأسعار الإيثانول مثلاً تضاعفت ثلاث مرات في غضون شهرين. وعمد بعض الشركات إلى رفع أسعار المنتجات النهائية تماشياً مع غلاء أسعار المواد الأولية. لكن بهدف حماية السوق من المتلاعبين، عمدت وزارة الاقتصاد الإماراتية إلى فرض غرامات فورية على المتلاعبين بأسعار المطهرات والمعقمات تصل إلى 100 ألف درهم (27 ألف دولار). وشددت على أنها لن تتهاون مع أي محل مخالف ويستغل الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الدولة لمواجهة فيروس كورونا. وتنفذ الوزارة عدداً من الحملات التفتيشية بهدف ضبط السوق، وقد حررت مخالفات لعدد من محال بيع المطهرات والمعقمات في الدولة لرفعها أسعار السلع الخاصة بها خاصة الكمامات. وتأتي هذه الخطوة بهدف منع حدوث أي عمليات استغلال نتيجة زيادة السعر.

كذلك في الكويت، أبقى بعض الشركات أسعار المعقمات كما كانت عليه قبل انتشار فيروس كورونا. ويشير قانصو إلى أن الشركة رفضت زيادة الأسعار على المنتجات، لكنها ستسعر السلع المستوردة حديثاً وفقاً لأسعارها العالمية التي ارتفعت نظراً لوجود نقص فيها في الدول المصدرة. يقول قانصو: "الأزمة عالمية والطلب كبير يأتي من شتى الأصقاع".

واقع قطاع المعقمات مشابه أيضاً لقطاع بعض المستلزمات الطبية التي باتت تستخدم بكثرة بعد انتشار فيروس كورونا مثل الكمامات والقفازات الطبية والأبر وغيرها. إذ شهدت تلك المنتجات طلباً مرتفعاً ونفذت الكميات في بعض الأسواق. وتشير شركة بروميد الطبية المستوردة للكمامات والقفازات الطبية والمتمركزة في الإمارات، إلى أن مخزون الشركة من تلك المنتجات قد نفذ، وأنها عاجزة عن الاستيراد حالياً، نظراً إلى الشح في المعروض من الصين. وتؤكد شركة Gulf East Paper and Plastic Industries أنها لم تعد قادرة على تلبية زبائنها وتأمين الكمامات الطبية لهم. صحيح أن أزمة كورونا، كبدت المستهلك مصاريف إضافية كان بغنى عنها، لكن بالنسبة إليه الوقاية خير من قنطار علاج، وهذه النظرية أنعشت قطاع المعقمات.