"مصائب" روسيا عند الصين وغيرها قد تكون "فوائد"!

  • 2022-04-21
  • 14:50

"مصائب" روسيا عند الصين وغيرها قد تكون "فوائد"!

  • أحمد عياش

 

سيكون السعي الى إيجاد ثغرة من التفاؤل في جدار التشاؤم الذي يحيط بالاقتصاد العالمي، ضرباً من العبث، خصوصاً عندما يتوقع تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الجديد الصادر عن صندوق النقد الدولي أن يتباطأ النمو إلى 3.6 في المئة هذا العام. لكن ذلك، لا يحجب وقائع ما يدور حول العالم من تأثيرات للحرب الاوكرانية التي وضعت دولة عظمى، هي روسيا، في شباك عقوبات غربية لا سابق لها، ما يفسح في المجال لترداد القول المأثور "مصائب قوم عند قوم فوائد".

كيف تبدو صورة الاقتصاد العالمي حالياً؟

يوضح  تقرير أعدّه آلان رابيبورت وآنا سوانسون لصحيفة "النيويورك تايمز" ان الاقتصاد العالمي دخل فترة من عدم اليقين الشديد مع تضافر الوباء المتقلب وتداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا لتأجيج التضخم السريع والتأثير على التعافي العالمي الهش بالفعل.

وتواجه هذه التحديات المتصادمة صنّاع السياسات ومحافظي البنوك المركزية في الولايات المتحدة وأوروبا، في الوقت الذي يسعون فيه إلى خفض التضخم من دون إبطاء النمو إلى الحد الذي يجعل اقتصاداتهم تميل إلى الركود.

في الأسبوع الماضي، بدأت المنظمات الدولية ومراكز الأبحاث في خفض توقعاتها للنمو والتجارة في الوقت الذي تحدث فيه اضطرابات الحرب في إمدادات الطاقة والغذاء والسلع العالمية، فضلاً عن عمليات الإغلاق الشاملة في الصين لاحتواء تفشي فيروس كورونا المتجدد.

وأكد بيير أوليفييه جورينشاس، كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي "ان الآفاق الاقتصادية العالمية تعرّضت لانتكاسة شديدة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى غزو روسيا لأوكرانيا".

ولفت التقرير النظر الى ان تأثير الحرب الروسية على الاقتصاد العالمي كان موضوعاً مركزياً لصانعي السياسات الذين اجتمعوا في واشنطن لحضور اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين.

في غضون ذلك، ارتفعت أسعار النفط يوم الخميس في 21 نيسان/ إبريل الحالي مع مخاوف بشأن الإمدادات في الوقت الذي يدرس فيه الاتحاد الأوروبي حظراً محتملاً على واردات النفط الروسية بعد أيام من تراجع الإمدادات من ليبيا التي هزت السوق، وفق رويترز. وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 1.11 دولار أو 1 في المئة إلى 107.91 دولارات للبرميل، فيما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 87 سنتاً أو 0.9 في المئة إلى 103.06 للبرميل.

ولا تزال سوق النفط ضيقة مع معاناة منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها بقيادة روسيا، الذين يطلق عليهم معاً اسم أوبك+، لتحقيق أهداف إنتاجهم. ومع انخفاض مخزونات الخام الأميركية بشكل حاد في الأسبوع المنتهي في 15 نيسان/ أبريل. ووفق مذكرة اوردتها رويترز، فإن "قدرة الإمداد العالمية للنفط لا تزال محدودة ". وتضيف المذكرة: "مع وجود دولتين فقط في تحالف أوبك + تمتلكان طاقة فائضة كبيرة، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فإن المجموعة متمسكة بنهج حذر في إلغاء تخفيضات الإنتاج المرتبطة بالوباء".

ولا تزال توقعات الطلب في الصين تلقي بثقلها على السوق، حيث يخفف أكبر مستورد للنفط في العالم ببطء القيود الصارمة المفروضة على كوفيد-19 والتي أضرّت بنشاط التصنيع وسلاسل التوريد العالمية.

وفي الوقت نفسه، يمكن أن تعود محطة البحر الأسود التابعة لكونسورتيوم خط أنابيب بحر قزوين إلى طاقتها الكاملة قريباً، بحسب ما قال وزير الطاقة الكازاخستاني بولات أكتشولاكوف.

في المقابل، زادت الصين وارداتها من روسيا من الفحم الحجري المستخدم في صناعة الصلب، إلى أكثر من الضعف في آذار/ مارس الماضي، حيث تحصل عليه بسعر منخفض وسط اتجاه دول أخرى لحظر الاستيراد من روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا.

وأوضحت احدث بيانات للجمارك الصينية، أن واردات فحم الكوك من روسيا قفزت إلى 1.4 مليون طن في آذار/ مارس هذا العام، مقارنة بـ550 ألف طن في الشهر نفسه العام الماضي وإلى 1.1 مليون طن في شباط/ فبراير، بينما انخفضت واردات الصين من روسيا من الفحم الحراري، الذي يستخدم في توليد الطاقة، نظراً الى الطقس المعتدل الذي أدى إلى تراجع الطلب وأيضاً دعم الصين للإنتاج المحلي.

في الاطار نفسه، كتب كلايد راسل مقالاً في موقع رويترز الالكتروني، أشار فيه الى ان واردات الهند من الفحم تعكس تغير ديناميكيات التجارة والتسعير العالمية في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا المجاورة.

 

وينظر إلى الهند، ثاني أكبر مستورد للفحم في العالم بعد الصين، منذ فترة طويلة على أنها مشتر حساس للأسعار للوقود الملوث، وبالنظر إلى ارتفاع الأسعار بعد هجوم روسيا على أوكرانيا في 24 شباط فبراير، كان من المرجح دائماً أن تتأثر التدفقات التجارية.

وتعدّ روسيا ثالث أكبر مصدر للفحم في العالم، ومن المتوقع أن يتوقف العديد من المشترين، خصوصاً في أوروبا واليابان، عن استيراد الوقود من روسيا في الأشهر المقبلة كجزء من الجهود الاقتصادية لعزل موسكو.

غير إن الهند لم تكن مشترياً رئيسياً للفحم الروسي، لكنها ستظل متأثرة بفقدان الشحنات الروسية حيث يسعى مستوردون آخرون إلى استبدال الكميات الروسية بإمدادات من مصدرين مثل أستراليا وإندونيسيا وجنوب أفريقيا.

هؤلاء المصدرون الثلاثة هم الموردون الرئيسيون للهند ومن المرجح أن يشهدوا طلباً متزايداً على الشحنات في الأشهر المقبلة.

ومن المرجح أن تتدفق شحنات جنوب أفريقيا إلى أوروبا في سعيها لاستبدال الفحم الروسي، في حين من المرجح أن تزداد الكميات الأسترالية للمشترين التقليديين في شمال آسيا، مثل اليابان وكوريا الجنوبية.

ويبدو أن إجمالي واردات الهند من الفحم سيكون قوياً نسبياً في نيسان/ أبريل الحالي، حيث يقدر مستشارو السلع الأساسية كبلر أن إجمالي الوافدين سيبلغ 15.92 مليون طن، وهذا أقل من 21.79 مليون طن في آذار/ مارس، ولكن أكثر ارتفاعاً من 12.77 مليون طن في شباط/فبراير.

تحت عنوان "التكنولوجيا الجديدة تسرّع ثورة طاقة الرياح" كتب  فيليسيتي برادستوك في موقع "أويل برايس" الالكتروني ان إنتاج طاقة الرياح يتزايد بشكل مطرد، مع إنشاء العديد من المشاريع المبتكرة في جميع أنحاء العالم. وبينما تواصل بعض البلدان الاستثمار في مشاريع طاقة الرياح التقليدية، يبحث البعض الآخر عن مشاريع جديدة مبتكرة، حيث يبدو أن طاقة الرياح وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة ستتفوق على الوقود الأحفوري في أجزاء عدة من العالم خلال العقد المقبل.

تجاوز إنتاج طاقة الرياح إنتاج الفحم والطاقة النووية في الولايات المتحدة في آذار/ مارس، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتجاوز فيها إنتاج طاقة الرياح إنتاج الفحم والطاقة النووية في الوقت نفسه، على الرغم من أن الغاز الطبيعي لا يزال المصدر الرئيسي لتوليد الكهرباء.

وخلص الكاتب الى القول: "تعمل العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم على تسريع الاستثمارات في تطوير طاقة الرياح، باعتبارها أحد الأشكال الرئيسية لإنتاج الطاقة المتجددة. مع ظهور عدد أكبر من مزارع الرياح في جميع أنحاء العالم، تبحث شركات الطاقة عن طرق لجعلها أكثر كفاءة وزيادة الإنتاج من خلال دمج التقنيات الرقمية الجديدة، بينما تبحث شركات أخرى في هياكل طاقة الرياح البديلة".

هل من داع للتذكير مجدداً بالتأثيرات المتناقضة للحرب الدائرة في اوكرانيا؟ قد نضرب اليوم مثلاً للفحم الحجري الذي تستورده الصين من روسيا بسعر أقل. لكن هناك أمثلة غيره، وهي كثيرة في قطاع الطاقة وحده.