على وقع طبول الحرب: النفط ينخفض اليوم ليرتفع غداً

  • 2022-04-15
  • 12:57

على وقع طبول الحرب: النفط ينخفض اليوم ليرتفع غداً

  • أحمد عياش

خلال أسبوع واحد، بدءاً من الحادي عشر من نيسان/ابريل الحالي، تأرجحت أسعار النفط هبوطاً وصعوداً متأثرة بعوامل الحرب في أوكرانيا نفسها. وهذه التقلبات التي استقرت فوق خط مئة دولار للبرميل الواحد، أعطت إشارة الى ان أسعار هذه المادة لن تعرف الاستقرار في المرحلة المقبلة، لكنها في الوقت نفسه، لن تشهد تراجعاً ما دون حاجز المئة دولار للبرميل.

بداية، فقد تراجعت أسعار النفط منتصف هذا الأسبوع بعد يومين من الارتفاعات التي قادت الأسعار من جديد لفوق مستوى 100 دولار للبرميل، مع قيام المستثمرين بتقييم عدد من العوامل كالغزو الروسي المستمر لأوكرانيا والإغلاقات المرتبطة بكورونا في الصين.

لكن، ومع إقتراب الأسبوع من نهايته قبل عطلة عيد الفصح، ارتفعت أسعار النفط لتعكس مسارها بعد انخفاض مبكر مع شراء المستثمرين العقود الآجلة قبل عطلة نهاية أسبوع طويلة بفعل أنباء عن أن الاتحاد الأوروبي قد يفرض حظراً تدريجياً على واردات النفط الروسية.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الاتحاد الأوروبي يتجه نحو تبني حظر تدريجي للنفط الروسي، لإعطاء ألمانيا ودول أخرى الوقت لترتيب موردين بديلين.

ووفقاً لرويترز، قال أندرو ليبو من شركة ليبو أويل أسوشيتس في هيوستن إن فرض حظر تدريجي على النفط الروسي سيجبر المشترين الأوروبيين على "البحث عن مصادر بديلة، بعضها على المدى القريب يتم الوفاء به من خلال ضخ كميات من احتياطي البترول الاستراتيجي، ولكن في المستقبل، ستكون هناك حاجة إلى المزيد من الإمدادات القادمة من الأرض".

وحذرت وكالة الطاقة الدولية من أنه اعتباراً من أيار/مايو المقبل فصاعداً، يمكن فقدان ما يقرب من 3 ملايين برميل يومياً من النفط الروسي بسبب العقوبات أو تجنّب المشترين طواعية الشحنات الروسية. 

وتخطط شركات التجارة العالمية الكبرى أيضاً لتقليص مشتريات الخام والوقود من شركات النفط الروسية التي تسيطر عليها الدولة في الشهر الجاري.

في الوقت نفسه، ذكرت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، أن مخزونات النفط الأميركية ارتفعت بأكثر من 9 ملايين برميل الأسبوع الماضي، مدفوعة جزئياً بما ضخته الحكومة من الاحتياطات الاستراتيجية.

في سياق متصل، خفضت منظمة أوبك توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2022، مشيرة إلى تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا وارتفاع التضخم مع ارتفاع أسعار الخام وعودة ظهور متحور فيروس كورونا أوميكرون في الصين. وقالت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في تقرير شهري إن الطلب العالمي سيرتفع بمقدار 3.67 ملايين برميل يومياً في 2022 بانخفاض 480 ألف برميل يومياً عن توقعاتها السابقة.

وقالت أوبك في التقرير "بينما من المتوقع أن تواجه كل من روسيا وأوكرانيا ركوداً في 2022 فإن بقية الاقتصاد العالمي سيتأثر تماماً أيضا".

وقالت أوبك إن التضخم هو العامل الرئيسي الذي يؤثر على الاقتصاد العالمي وخفضت توقعات النمو الاقتصادي هذا العام إلى 3.9 في المئة من 4.2 في المئة وقالت إن هناك فرصة لمزيد من الخفض.

وأوضح مثال على التضخم، كما ذكرت رويترز، زيادة مبيعات التجزئة الأميركية بقوة في آذار/مارس الماضي مدعومة بارتفاع قياسي في أسعار البنزين. لكن المستهلكين بدأوا يشعرون بوطأة التضخم المرتفع، حيث سجل الإنفاق عبر الإنترنت انخفاضات متتالية للمرة الأولى منذ أكثر من عام. وأشار التقرير الصادر عن وزارة التجارة الاميركية، والذي أظهر أيضاً نمواً أقوى في مبيعات التجزئة في شباط/ فبراير الماضي مما كان يعتقد في البداية، إلى أن الإنفاق الاستهلاكي انتعش في الربع الأول، مما ساعد على دعم الاقتصاد الكلي.

وسجل التضخم السنوي في الولايات المتحدة أكبر قدر في 41 عاماً في آذار/مارس، على الرغم من وجود علامات على أن ضغوط الأسعار قد بلغت ذروتها ويجب أن تبدأ في التراجع تدريجياً.

بالعودة الى أسعار النفط، فقد كتب ستانلي ريد في نيويورك تايمز أن "التوقعات غارقة في عدم اليقين" وأن النفط في مستودعات التخزين يتضاءل بسرعة اعتباراً من شباط/ فبراير، وهو وضع قد يؤدي إلى المزيد من ارتفاع الأسعار.

وتحت عنوان "هل سنشهد اختراقاً آخر لأسعار النفط قريباً؟" قال أليكس كيماني في مقال على موقع "أويل برايس" الالكتروني: "مع احتمال انتقال الغزو الروسي لأوكرانيا إلى حرب استنزاف ممتدة في شرق أوكرانيا، هدأت التوترات في إمدادات النفط في السوق إلى حد كبير. ويبدو أيضاً أن الكميات الأخيرة التي تمّ سحبها من الاحتياطي الاستراتيجي، التي رفضها العديد من الخبراء عرضاً باعتبارها مجرد أداة مساعدة، تحقق الأثر المنشود".

كيف تبدو صورة نتائح الحرب في اوكرانيا على منطقتنا؟

في أحدث تقرير صادر عن البنك الدولي، حذّر رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس من أن الحرب الروسية على أوكرانيا، تسببت بالفعل بسلسلة من ردود الفعل في الاقتصاد العالمي، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء وتفاقم الفقر والجوع.
وبحسب التقرير الصادر يوم أمس الخميس، فقد يكون لارتفاع أسعار المواد الغذائية "آثار بعيدة المدى تتجاوز زيادة انعدام الأمن الغذائي"، مشيراً إلى أنه "تاريخياً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ساهمت الزيادات في أسعار الخبز في حدوث اضطرابات اجتماعية".

على الرغم من ذلك، يتوقع البنك الدولي أن يبلغ النمو الاقتصادي في المنطقة 5.2 في المئة في العام 2022، وهو أسرع معدل نمو منذ العام 2016، وأوضح كبير خبراء الاقتصاد لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك الدولي دانييل ليدرمان لوكالة الصحافة الفرنسية أن "المنطقة بأسرها تنتعش بفضل النفط"، والأداء الاقتصادي فيها "أفضل" من أي منطقة أخرى في العالم.
في الخلاصة، يلتقي الخبراء على القول، إن العالم قبل حرب أوكرانيا، هو ليس العالم خلال الحرب حتى تضع اوزارها. أما أسعار النفط، التي بدأت رحلة الصعود قبل 24 شباط/ فبراير الماضي، عندما نشبت هذه الحرب، فهي ماضية في الاتجاه نفسه تقريباً، ولو بصورة متقلبة، فهي ان إنخفضت اليوم، ستعود الى الارتفاع غداً، مصحوبة بقرع طبول حرب التي ما زال ضجيجها مرتفعاً.