جوليان سوسيه: 30 مليار دولار حجم سوق العطور الفاخرة

  • 2021-02-12
  • 11:56

جوليان سوسيه: 30 مليار دولار حجم سوق العطور الفاخرة

أول حوار مع رئيس دار PARFUMS DE MARLY

  • برت دكاش

لا تشبه الكتابة عن العطر سواها من الكتابات إذ قد تضيع الأرقام التي لا بدّ منها لتقييم أداء أي سوق، بين نفحات الروائح المختلفة، "وما يرافقها من إيقاظ للمشاعر ولذكرى ترتبط بكل رائحة"، بحسب ما يقول أحد مصممي العطور الفرنسيين التابع لإحدى الدور الراقية.

بيد أن العطر لا يوقظ المشاعر والذكريات فقط، بل التاريخ أيضاً، مثلما حدث لمؤسس دار Parfums de Marly جوليان سبريشر Julien Sprecher، ومدير الإبداع فيه. تاريخ استيقظ بداخله، فكان قصر فيرساي وحدائقه وإرث البلاط الفرنسي في القرن الثامن عشر مصدر إلهام عطوره "التي تعد اليوم 20 عطراً للرجل و9 للسيدات"، كما يخبر الرئيس التنفيذي للدار جوليان سوسيه Julien Sausset في أول حوار له والذي خص "أولا- الاقتصاد والأعمال" به.

الأناقة الفرنسية

كل عطر من هذه العطور يتمتع بتجربته العطرية الخاصة التي تعكس بجوهرها مفهوم الأناقة الفرنسية. ويجيب سوسيه رداً على سؤال عن ميزة كون العلامة فرنسية بالقول إن ذلك "بمثابة مرادف للرفاهية، مع ما يعنيه من نمط عيش مرتبط بها"، معلّلاً بذلك السبب وراء كون العدد الكبير من العلامات الفاخرة إما فرنسية أو إيطالية.

ويضيف سوسيه: "معظم صانعي العطور والمختبرات الكبرى هي فرنسية. لطالما نُظر إلى العطر كقصة فرنسية. وهكذا هي قصة علامتنا، ترجع إلى حقبة حكم الملك لويس الرابع عشر مع كل ما رافقها من نمط عيش وأسلوب حياة، وأعتقد أن المستهلكين يحبون ذلك "الشعور" المرتبط بأصول Parfums de Marly"، ويلفت الانتباه موضحاً: "لا أقصد بذلك أن بلداناً أخرى لا تستطيع صناعة عطور رائعة، إنما أعتبرها ميزة تفاضلية أن يحب المستهلكون فكرة ارتداء عطر فرنسي".

تطوير شبكة التوزيع التقليدي والأونلاين

تملك عطور Parfums de Marly التي تأسست العام 2009 اليوم ثلاثة متاجر تحمل اسمها في كل من باريس، ونيويورك ودبي، إلى جانب أكثر من 1000 نقطة بيع حول العالم. ويكشف سوسيه لـ "أولاً- الاقتصاد والأعمال" عن "التخطيط لافتتاح عدد قليل فقط من المتاجر الخاصة، إذ سينصبّ تركيزنا على توسيع نطاق انتشار شبكة توزيعنا عالمياً، ونتطلع في هذا السياق إلى أسواق تمتد من أوروبا إلى آسيا فالولايات المتحدة، وتشمل هذه الشبكات التوزيع التقليدي والأونلاين".

لكن، إلى أي مدى يصلح البيع أونلاين لشراء عطر؟ يرد سوسيه: "تحقق مبيعاتنا أونلاين، وللمفاجأة، أداءً جيداً، ليس فقط على نطاق منصاتنا الخاصة بالأونلاين، إنما كذلك من خلال المتاجر الشاملة Department stores التي بات لديها بدورها حضور تجزئة أونلاين".

ويضيف سوسيه موضحاً: "قد يعتقد البعض أنه من غير الممكن شراء عطر من دون شم رائحته، إلا أن التجربة أظهرت وجود عادات شراء مختلفة. إذ مثلاً، تملك Parfums de Marly قاعدة زبائن مخلصين لها قوية جداً، يقبلون على شراء عطورنا أونلاين، وقد حقق أحد أحدث عطر طرحناه أخيراً أونلان أداءً جيداً جداً، إليهم يضاف المستهلكون الشغوفون الذين يبحثون عن علامة متخصصة، مثل علامتنا، ليشتروا منها، وذلك انطلاقاً من استعدادهم للشراء أونلاين من دون تجربة العطر".

ويكمل قائلاً:" إن مبيعاتنا السنوية عبر موقعنا الإلكتروني تضاعفت أربع مرات"، منوّهاً "بتغيرات كثيرة تحصل حالياً، وتثبت التجارة الإلكترونية أنها اتجاه قوي جداً في مجال العطور، وهو اتجاه واعد لم يبلغ بعد مرحلة النضوج".

اقرأ أيضاً:
تريليون دولار حجم سوق الرفاهية في 2020

عطور للرجال والسيدات

وعن إنتاج الدار يتحدث سوسيه فيقول إنها "تشتهر تاريخياً بعطورها الرجالية، إذ معها كانت البداية. وقد حققنا نجاحاً كبيراً من خلال عطري Pegasus وLayton على سبيل المثال، من ثم ابتكرنا عطر Delina  النسائي الذي تشكل الوردة التركية قلب نفحاته، وحقق بدوره أداء جيداً. ويحب جوليان سبريشر استكشاف عالمي الرجل والمرأة، مما يزيد القدرة على الابتكار".

وعن أكثر عطور العلامة مبيعاً في المنطقة، يذكر سوسيه "عطر السيدات Delina الذي يحقق كذلك  نجاحاً عالمياً، وهو العطر الذي فتح الطريق أمام طرح عطور أخرى ضمن الفئة نفسها مثل عطر Delina Exclusif، وهو نسخة رفيعة يمكن ارتداؤها في المساء، والعطر الذي أطلقناه حديثاً Delina La Rosée، وهو عطر منعش وموجه عموماً إلى الشابات الأصغر سناً".

نمو على الرغم من الأزمة

وفي مقاربته لواقع صناعة العطور في ضوء انتشار وباء كورونا، لا ينفي سوسيه تأثر الصناعة بالأزمة الصحية العالمية التي خلّفها، ويقول: "واجهت جميع فئات العطور من المصنّفة ممتازة، إلى العادية، فعطور المشاهير والمتخصصة أي الموجهة إلى شريحة معينة من العملاء Niche تحديات جمة، وتكبدت خسائر نتيجة انتشار الوباء، على غرار كل القطاعات، إلا أن العطور المتخصصة كانت الأقل تأثراً". لذلك، يوضح: "سجلت Parfums de Marly نمواً سنوياً بنسبة 40 في المئة"، واصفاً العام 2020 بالـ"ممتاز"، وبكونه "واحداً من تلك الأعوام التي لا تعكس اتجاه الصناعة ككل، إنما الاتجاه الذي تسير فيه علامتنا".

ويشرح سوسيه أن سبب تأثر صناعة العطور عموماً بنسبة أقل من صناعة مستحضرات التجميل والعناية التي سجلت تراجعاً ملموساً، "في كون استخدام الفرد للعطر، حتى وهو ملازم منزله، جزءاً من الروتين اليومي الذي يقوم به من أجله وليس من أجل الآخرين. لذلك، فإن فئة العطور المتخصصة حافظت خلال تلك الأوقات من عدم اليقين على استقرارها، ونتوقع نمو العلامات المتخصصة خلال العام الحالي بنسبة 5 في المئة".

وعن تقديراته لحجم سوق العطور الفاخرة، يفيد سوسيه أنه "استناداً إلى الأبحاث والإحصاءات الصادرة عن أسواق العطور، فإنها تقارب الـ 30 مليار دولار، وهي تشمل فئات العطور الممتازة، والفاخرة والمتخصصة"، مشيراً إلى أن الأخيرة "تشكل ما نسبته 10 إلى 15 في المئة منها، وبالتالي تقدر قيمتها بنحو 3 إلى 8 مليارات دولار".

اقرأ أيضاً:
صناعة الساعات في 2020: عام الخسائر والصين تبقى الحصان الرابح

حسنات وتحديات الاستقلالية

وعلى الرغم من تسجيل Parfums de Marly نمواً العام الماضي، لا ينفي سوسيه، في المقابل "وزر الأزمة على العلامات المستقلة المتخصصة، إذ من الصعب الصمود في وجه منافسة مؤسسات كبيرة مثل Estée Lauder، وL’Oréal وShiseido". ويوضح أن "عدداً محدوداً جداً من علامات العطور المتخصصة لا تزال غير مملوكة من لاعبين كبار ذات قدرات مالية هائلة، وعلى الأرجح نحن واحدة من آخر العلامات ذات إيرادات مبيعات تجزئة مهمة تقدر بـ 150 مليون دولار".

ويتابع في هذا السياق: "بالنسبة إلى شركات بحجم شركتنا، إذا كانت تريد أن تحافظ على موقعها كعلامة متخصصة، عليها أن تعتمد على نفسها في مواجهة لاعبين كبار مثل Creed وLe Labo والذين يملكون اتفاقات كبيرة مع وكلاء تجزئة في الأسواق الموجودين فيها، مما يحتم علينا امتلاك نموذج توزيع جيد جداً، الأمر الذي يمثل تحدياً للكثيرين".

ويكمل سوسيه: "في المقابل، من حسنات الاستقلالية، هامش الحرية الأكبر الذي نتمتع به، إذ ليس علينا أن نرفع تقريراً إلى المؤسسة التي تملكنا، مما يساعدنا على التحرك بسرعة واتخاذ قرارات سريعة. وخفة الحركة هذه مكّنتنا كعلامة راقية من الاستمرار في التصنيع والتوريد وزيادة حصتنا السوقية خلال فترة الوباء، في حين توقف الإنتاج لدى العديد في الفترة الممتدة من نيسان/ أبريل وأيار/ مايو الفائتين". ويذكّر سوسيه أن "واجبات والقرارات الواجب اتخاذها من جانب الأعمال الصغيرة تختلف عن واجبات وقرارات المؤسسات الكبرى، وهذا أمر إيجابي للغاية خلال الأوقات الصعبة؛ فعندما تكون المؤسسة صغيرة، يمكنها أن تكون أكثر مرونة وجرأة، وهما شيئان مهمان خلال مرحلة نمو الشركة، وأساسيان للابتكار واختبار اتجاهات سوق جديدة".

إعادة التغليف وعطور مستدامة

وعن الرفاهية المستدامة وكيفية تطبيقها من قبل الدار، يوضح سوسيه" شكلت المسؤولية الاجتماعية محور نقاشاتنا خلال العامين الماضيين، ويولي سبريشر أهمية بالغة لهذه المسألة ولشؤون البيئة وكيفية دعمها بشكل أفضل. وفي هذا السياق، نتطلع إلى مجموعة من العوامل الأساسية، إذ يعد تغيير تغليف منتجاتنا أكبر مشاريعنا قيد التنفيذ حالياً والذي جاء كرد على تدقيق داخلي اجريناه لتقييم وضعنا الراهن في ما يخص توازن الكاربون. إلى ذلك، نركز على المسؤولية الاجتماعية خصوصاً في ما يخص التراث الفرنسي، لذا ندعم حالياً مشروع تجديد أحد الأبنية الفرنسية التاريخية. وعلى مستوى العطر نفسه، نعمل مع اثنين من أكبر صانعي العطور ذات تصنيف عالمي في ما يخص تركيبة العطور المستدامة، هما جيفودان وفيرمينيك".