الاستحواذ على "فودافون مصر": STC تدخل سوق الـ 90 مليون مشترك

  • 2020-02-02
  • 08:58

الاستحواذ على "فودافون مصر": STC تدخل سوق الـ 90 مليون مشترك

  • إياد ديراني

لم يشكل خروج "فودافون العالمية" المثقلة بالديون والتحديات من مصر مفاجأة للمراقبين، خصوصا بعد خروجها من عدة أسواق حول العالم. لكن المفاجئ كان دخول مجموعة الاتصالات السعودية إلى السوق المصرية التي تشهد منافسة شديدة بين 3 شركات وتشبعا كبيرا في سوق يصل عدد مشتركيها إلى 90 مليونا، فضلا عن أن "معدل الإيراد لكل مشترك" ARPU (2.3 دولار شهريا) فيها يُعد من بين الأدنى في المنطقة.

طبعا لدى "الاتصالات السعودية" أسبابها وحساباتها الخاصة للتقدم بعرض لشراء كامل حصة "فودافون مصر" (55  في المئة) لقاء 2.39 مليار دولار بخاصة أنها أبدت مرات عدة اهتمامها بالاستثمار في مصر، آخرها في العام 2016 في لقاء جمع رئيسها التنفيذي الأسبق خالد البياري مع وزير الاتصالات الأسبق ياسر القاضي. كذلك من الواضح أن لدى الاتصالات السعودية قراءتها الخاصة في الأسباب الموجبة لخطوتها، خصوصا أنها على دراية بمعطيات السوق المصرية ومستقبل عائدات قطاع الاتصالات فيها والتحديات التي تميّزها. لكن يبرز سؤال حول الأسس التي استندت إليها المجموعة للموافقة على تقييم "فودافون مصر" بنحو 4.35 مليار دولار في الوقت الذي ينظر فيه الخبراء الماليون إلى هذا التقييم باعتباره مرتفعا، ويعتبرون أن مكرّر الربحية للسهم الذي وصل إلى 14.6 ضعفا أعلى بكثير من متوسط القطاع في مصر والبالغ 5.5 أضعاف.

على العموم ستبقى هذه الفرضيات والإجابات على التساؤلات رهن السنوات المقبلة، لكن ما هي القراءة الأولية لهذه الصفقة التي قد تتم بغضون 75 يوما بعد موافقة الجهات المعنية، وما هي الظروف المحيطة بها؟ 

تبدّل الأولويات

يقول الرئيس التنفيذي لمجموعة "فودافون العالمية" نيكولاس ريد إن الخروج من مصر مرتبط بالتغيرات التي طرأت على أولويات استراتيجية الشركة عالميا وعلى خطط تتعلق بتركيز استثماراتها في مجالات معينة. ومن المعروف أن لدى "فودافون" توجّها لتخفيف أعباء ديونها التي ارتفعت من 27 مليار يورو بداية عام 2019 إلى 48.1 مليارا بنهايته خصوصا بعد دفعها مبالغ كبيرة لقاء رخص ترددات الجيل الخامس، واستحواذها على أعمال "ليبرتي غلوبال" لقاء 18.4 مليار يورو. وفي هذا السياق يأتي تصريح الرئيس التنفيذى لشركة "فودافون مصر" ألكسندر فرومان الذي قال إن "فودافون العالمية" تفضل التركيز خلال الفترة المقبلة على السوق الأوروبية لا سيما في ما يتعلق بنشر شبكات الجيل الخامس.

ويأتي خروج "فودافون" المتوقع من مصر أيضا بعد بيع شركتها في نيوزيلندا مقابل 2.23 مليار دولار وشركتها في مالطا وتزايد احتمالات خروجها من الهند. وبحسب تقارير مالية، تتطلع الشركة إلى استخدام عائدات بيع بعض شركاتها لتسديد الديون، خصوصا بعد تسجيلها خسائر في بريطانيا خلال النصف الأول من سنتها المالية 2019، بلغت 7.8 مليارات يورو (تنتهي السنة المالية لديها في مارس).

كذلك بدأت "فودافون" بفصل أعمالها في مجال أعمدة الإرسال الخاصة بشبكات الاتصالات النقالة عن سائر أعمالها، ولهذا فقد أسست شركة جديدة باسم TowerCo لخدمة مشغلي شبكات الاتصالات النقالة، وتبدأ هذه الشركة نشاطها ابتداءا من مايو 2020. وتخطط "فودافون" لتحقيق المزيد من التنويع في خدماتها من خلال بيع اشتراكات المحطات التلفزيونية (كايبل) واشتراكات البرودباند الثابتة وحقوق بث مباريات الفوتوبول.  

من جهتها تنظر مجموعة الاتصالات السعودية إلى الاستثمار في مصر باعتباره فرصة لتنويع مصادر إيرادتها. ويقول الرئيس التنفيذي لشركة الاتصالات السعودية ناصر الناصر أن الاستحواذ المحتمل على حصة أساسية في "فودافون مصر" يشكل خطوة تتماشى مع إستراتيجية الشركة للنمو إقليميا وتحقيق ريادة في القطاع على المستوى الإقليمي والدولي. ومع أن الاتصالات السعودية أجرت توسعا دوليا، لا تزال تحقق 90 في المئة من إيراداتها من سوقها الأساسية في المملكة. ولدى المجموعة استثمارات في عدد من الشركات الدولية مثل "أكسيس" الماليزية التي تدير عددا من شبكات الاتصالات في عدة بلدان، إضافة إلى استثمارها في مجال الاتصالات النقالة في الكويت فضلا عن قطاعات أخرى كالأقمار المدارية.

إعادة ابتكار

نموذج العمل

خطوات "فودافون" تأتي في الوقت الذي تشير فيه كل التوقعات إلى أن نموذج أعمال شركات الاتصالات بات يتطلب تعديلات نتيجة تغيّر القطاع ككل وحدوث تبدلات في مصادر عائداته. وتتوقع شركات الاتصالات أن تسجل مستقبلا المزيد من الانخفاض في ايرادت خدماتها التقليدية لمصلحة الشركات التي تقدم الخدمات الرقمية Over the Top (OTT) مثل "نتفلكس" Netflix و"بلاي ستايشن" Palystation وفايسبوك وغيرها. ولتعويض هذا الانخفاض يتجه مشغلو الشبكات الى الاستثمار في شبكات انترنت الأشياء Mobile IoT التي ستنشط في أسواق الاتصالات التي تتمتع بقواعد مشتركين يمتلكون القدرات الشرائية ويعتمدون بشكل أساسي على شبكات الاتصالات من الجيل الرابع والخامس. هذا السيناريو غير متوفر في مصر التي لا يزال المشتركون فيها يعتمدون على شبكات الجيلين الثاني والثالث بشكل كبير، ولا يتمتعون بقدرات شرائية عالية.