السعودية تحرز تقدماً كبيراً في التحول نحو المدفوعات الرقمية

  • 2020-12-10
  • 15:40

السعودية تحرز تقدماً كبيراً في التحول نحو المدفوعات الرقمية

وإمكانات النمو لا تزال كبيرة للوصول إلى مجتمع غير نقدي

  • رانيا غانم

 لم يكن العام 2020 عاماً عادياً لشركات المدفوعات المالية في بلدان الخليج، فالظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة كورونا أعطتها دفعة قوية إلى الأمام وخولتها تحقيق نمو غير مسبوق يوازي إجمالي النمو الذي حققته منذ انطلاقتها، وقد ساهمت القرارات الحكومية التي أجبرت المستخدمين على وقف الدفع النقدي واعتماد الدفع الإلكتروني في ترسيخ مكانة شركات المدفوعات الرقمية ونجاحها.

وقد شهدت الأسواق الخليجية عموماً والسعودية خصوصاً إقبالاً من قبل المستثمرين ورواد الأعمال للإستثمار في قطاع المدفوعات الرقمية، حيث بلغ عدد الشركات المرخصة من البنك المركزي السعودي – مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) سابقاً العشرة، فضلاً عن عدد كبير من الشركات الناشئة التي انضمت إلى البيئة التشريعية التجريبية (ساندبوكس) التابعة لساما، مثل شركة النقد الرقمي العالمية وشركة عزم التقنية المالية. ويوجد بعض الشركات التي تنتظر الحصول على رخصة من ساما خلال العام المقبل مثل "هايبر باي" و"تلر" وغيرها، وقد بادرت الكثير من الشركات الناشطة في مجال تقديم حلول تكنولوجية إلى توسيع نطاق خدماتها لتقديم حلول وأنظمة دفع رقمية لمواكبة النمو في الطلب على خدمات الدفع الرقمية.

شركات المدفوعات الرقمية المرخص لها من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما):

شركة المدفوعات الرقمية السعودية
شركة جيديا
شركة مدفوعات بيان المحدودة
شركة هللة
شركة البرامج المتألقة
شركة تاب للمدفوعات
شركة شور العالمية للتقنية
(شركة التقنية المالية السعودية (مصرف الإنماء
شركة اللون الرقمي لتقنية المعلومات
شركة سكاي باند المالية

 

عوامل النمو

عوامل عدة ساهمت في نمو القطاع وتطوره، ويؤكد المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة خليل العلمي في حوار مع "أولاً-الاقتصاد والأعمال" أن قطاع المدفوعات الرقمية بدأ يشهد تطوراً غير مسبوق منذ أكثر من عام، وتحديداً بعد إطلاق حلول دفع إلكترونية متعددة مثل Apple Pay وغيرها، والتي أخذت حصة سوقية كبيرة من طرق المدفوعات المتوافرة في السوق. ويضيف: "إن الابتعاد عن الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل، ودعم التوجهات التكنولوجية والتحول الرقمي في مختلف القطاعات وتحديداً القطاع المالي حفزا شركات كثيرة على ابتكار حلول تقنية مالية".

وجاء انتشار جائحة كورونا ليعزز من أداء القطاع، ويشير مدير عام شركة فيزا في السعودية علي بيلون في حديث إلى "أولاً-الاقتصاد والأعمال" إلى أن الجائحة دفعت المستهلكين نحو اعتماد منصات التجارة الإلكترونية لشراء احتياجاتهم اليومية من الطعام والدواء وغيرها من السلع الاستهلاكية، الأمر الذي عزّز الدفع الرقمي، مؤكداً أن سلوك المستهلكين تغير كثيراً خلال تلك الفترة، إذ إن الشريحة التي لم تكن تستخدم المدفوعات الإلكترونية إطلاقاً اعتمدتها كوسيلة للدفع، لافتاً النظر إلى أن هذا التوجه سيستمر ويترسخ أكثر في المستقبل.

وقد أقنعت الجائحة أيضاً التجار التقليديين الذين كانوا يعتقدون أن التجارة الإلكترونية رفاهية، أن التحول الرقمي بات الحل الوحيد لهم للخروج من الأزمة بأقل خسائر ممكنة، ويؤكد المدير العام في بيتابس السعودية علي الشهري أن الجائحة شجّعت الكثير من التجار على تبني مفهوم التجارة والمدفوعات الإلكترونية، ولاسيما بعد أن لمسوا النجاح الباهر الذي حققته التجارة الإلكترونية والارتفاع غير المسبوق في المبيعات عبرها. وقد عزز من أداء القطاع أيضاً مبادرة المنظمين وتحديداً ساما إلى دعم مزودي خدمات الفنتك عبر إعفاء جميع التجار من الرسوم المتوجبة عليهم عند إجراء عمليات دفع إلكترونية. 

إقرأ: 

سوليفان من BCG: التحول الرقمي سيساعد اقتصادات الخليج على تجاوز الأزمة

مكانة الدفع الرقمي تترسّخ

إن توجه المستهلكين نحو منصات التجارة الإلكترونية ساهم في زيادة استخدام وسائل الدفع عبر الانترنت بنسبة 50 في المئة تقريباً خلال العام الحالي، بالمقارنة مع العام الماضي، وفقاً لبيلون من فيزا، وأطلقت فيزا خلال فترة الجائحة "مؤشر رصد تداعيات كوفيد-19"، الذي لاحظ نمواً غير مسبوق في السوق السعودي، إذ توقع 80 في المئة من تجار المملكة نمواً في الخدمات الإلكترونية، وهذا النمو قابل للازدياد. وبيّن المؤشر أن 38 في المئة من التجار أسسوا منصات تجارة إلكترونية كنتيجة مباشرة لكورونا، ويقول: "إن الحلول المرنة والسهلة والآمنة التي تمّ توفيرها خلال الجائحة لتنفيذ عمليات الشراء والتوصيل والدفع، ساهمت إلى حد كبير في تبني هذه الوسائل".

بدوره، يقدر العلمي نمواً مزدوج الأرقام خلال تلك الفترة، ويؤكد أن معظم القطاعات في السعودية باتت تقبل طريقة الدفع الإلكتروني بما فيها المراكز الحكومية، لافتاً النظر إلى أنه ثمة إقبال غير مسبوق من قبل المدارس والجامعات على اعتماد خيار الدفع الإلكتروني، بحيث تستوفي أقساطها عبر الإنترنت، وهذا من شأنه أن يزيد قيمة المدفوعات الإلكترونية التي تتم عبر الإنترنت. 

من جانبه، يوضح المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة هايبر باي مهند عبويني أن الشركة حققت نمواً في عدد العمليات المالية بلغ نحو 300 في المئة، وارتفاعاً في عدد المستخدمين بلغت نسبته 60 في المئة. ويقول: "هذا الارتفاع في الطلب شكّل ضغطاً كبيراً على المنظومة، لكن بفضل جاهزيتنا التقنية تمكّنا من مواكبة الطلب، وعلى الرغم من عودة الحياة تدريجياً إلى طبيعتها، إلا أن نصف الشركات لا تزال تعتمد التجارة الإلكترونية".

إقرأ أيضاً: 

تروشلر من FlexxPay: الدفع المسبق للرواتب ينعش الاقتصاد

ثلث التعاملات رقمية فقط

على الرغم من هذا التطور الحاصل، إلا أنه لا يزال ثمة الكثير من الإمكانات لنمو قطاع المدفوعات الرقمية في السعودية، ويشير بيلون إلى أن مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي الذي يقيس التعاملات النقدية يبين أن 28 في المئة فقط من التعاملات إلكترونية، ما يعني أن التعاملات المالية النقدية لا تزال واسعة الانتشار، لذا ثمة الكثير من الفرص الماثلة التي يمكن العمل عليها، لبلوغ رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى الوصول إلى مجتمع غير نقدي.