هل تُقبِل المصارف العربية على الصين؟

  • 2020-01-27
  • 13:00

هل تُقبِل المصارف العربية على الصين؟

  • دائرة الأبحاث

مع بداية العام الحالي أصدرت الصين اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار الأجنبي والذي يهدف الى تحفيز الشركات الأجنبية للاستثمار في الصين وحماية حقوق ومصالح المستثمرين الأجانب وتعزيز الشفافية. وسيتم إزالة حدود الملكية للأجانب لشركات الأوراق المالية وشركات إدارة الثروات وشركات الوساطة وتخفيف قيود الملكية للأجانب في القطاع المصرفي. وجاء هذا التوجه تماشياً مع توقيع المرحلة الأولى للاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين وتعهد الأخيرة بفتح سوقها بشكل أكبر أمام الشركات الأجنبية.

وعليه، وخلال فترة زمنية قصيرة، تهافتت المصارف والشركات المالية العالمية لنيل الرخص اللازمة للدخول إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم، لا سيما وأن قيمة قطاع الخدمات المالية تقدر بنحو 45 تريليون دولار. وكما هو الحال مع البنوك الأجنبية، يشكل القانون الجديد في الصين فرصة مهمة أمام المصارف العربية ومن أبرزها:

أولاً، الاستفادة من التقارب بين الدول العربية والصين من خلال طرح منتجات تستقطب المستثمرين الصينيين مثل صناديق الاستثمار المباشر في البلدان العربية، وكذلك صناديق الاستثمار في الأسهم أو السندات أو الأصول المالية الاخرى في المنطقة. كما ويمكن استهداف قطاع رجال الأعمال والشركات والمؤسسات التي تسعى للاستثمار في كلي البلدين. وقد شهدت السنوات القليلة الماضية تقدماً ملموساً في العلاقات التجارية بين الصين والدول العربية. فالصين تسعى إلى تنفيذ مشروع الطريق والحزام الذي يشمل 68 دولة بما فيها عدد من الدول العربية، ويترافق مع ضخ استثمارات بمئات مليارات الدولارات. وبلغ حجم الاستثمارات الصينية في منطقة الشرق الأوسط 90 مليار دولار خلال السنوات الخمس الأخيرة، تركز ثلثها في الدول الخليجية.

ثانيا، استهداف قطاع الشركات لا سيما تلك الناشطة في حركة الاستيراد والتصدير للإستفادة من التبادل التجاري الضخم بين الدول العربية والصين. فقد شهدت العلاقات التجارية تطورا كبيرا في السنوات القليلة الماضية ونما حجم التبادل التجاري بين الطرفين بنسب مرتفعة حتى فاقت قيمته 187 مليار دولار في عام 2017 وهو يتوزع بطريقة عادلة بين الطرفين. فقد استوردت الصين أكثر من 92 مليار دولار في حين صدّرت نحو 95 مليار دولار إلى هذه البلدان.

ثالثاً، التوسع في مجالات إدارة الأصول خصوصاً لما يقدمه السوق الصيني من فرص واعدة إذ من المتوقع أن تفوق قيمة الأصول المُدارة في الصين من قبل البنوك الاستثمارية المتخصصة خمسة آلاف مليار دولار في العام القادم، وفقاً لشركة ماكنزي. وفي مقارنة مع حجم هذا القطاع في دول الخليج العربي، فقد قدّرت وكالة موديز أن قيمة الأصول المدارة في الخليج بلغت نحو 260 مليار دولار في العام 2018. وهو بالتالي يمثل نحو 5 في المئة فقط من حجم هذا القطاع في الصين. ويأتي ذلك في الوقت الذي تسعى فيه شركات إدارة الأصول العربية للتوسع وقد بدأ بعضها باتخاذ خطوات ملموسة في هذا المجال وحصلت أكثر من عملية دمج واستحواذ، منها كامكو وغلوبال في الكويت، وأبو ظبي المالية وشعاع في الإمارات، لتشكيل كيانات كبيرة وصلبة قادر على المنافسة في الأسواق العالمية.

رابعاً، تقديم منتجات متوافقة مع الشريعة الإسلامية تستهدف الشركات الإسلامية الطامحة لدخول الصين أو للإستفادة من التوسع الصيني في الدول الإسلامية ضمن مشروع الطريق والحزام. وقد أبدت الحكومة الصينية رغبة في تطوير القطاع المالي الإسلامي كما وأصبح بنك الصين الشعبي المملوك من الدولة عضواً منتسباً في مجلس الخدمات المالية الإسلامية. وهنا يمكن للمصارف الخليجية والعربية أن تلعب دوراً قيادياً فتعمل على تأسيس كيانات تابعة في الصين أو تتشارك مع جهات صينية لتأسيس كيانات مالية في الدول العربية تتولى عملية التمويل الإسلامي.