القطاع الزراعي في لبنان: لا قدرة على الانتاج ولا من يدعمون!

  • 2020-10-15
  • 11:53

القطاع الزراعي في لبنان: لا قدرة على الانتاج ولا من يدعمون!

خسائر القطاع 130 مليون دولار حتى اليوم.. فهل من حلول؟

  • كريستي قهوجي

 

بدأ "الموس يقترب من ذقون" اللبنانيين أكثر فأكثر مع الحديث عن توجّه مصرف لبنان إلى رفع الدعم عن المواد والسلع الأساسية والمحروقات والأدوية، الأمر الذي سيؤدّي إلى انفجار اجتماعي ضخم وشلّ ما تبقى من قطاعات اقتصادية حيوية في البلاد، ومن بينها القطاع الزراعي الذي يشهد ارتفاعاً في أسعار المستلزمات الزراعية الأساسية من أسمدة وبذور وكيماويات، التي تراجع الطلب عليها من قبل المزارعين لارتفاع أسعارها.

 

 

إقرأ: 

لبنان يتقدم بسرعة لوقف دعم السلع الاستراتيجية

 

وعلى الرغم من "تسويق وتطبيل" الدولة اللبنانية لسلتها الغذائية المدعومة طيلة الأشهر الماضية، والادعاءات المستمرة بدعم المواد الاستراتيجية، إلا أن القطاع الزراعي لم يستفد بشكل ملموس من عملية الدعم هذه بسبب تفشي المحسوبيات والعمل لمصلحة كبار التجار المحتكرين واشتمال الدعم على عدد محدود من المواد المستخدمة في الانتاج الزراعي، الأمر الذي أثّر بشكل كبير على المزارعين والمستهلكين على حدّ سواء، فالمزارعون لا طاقة لهم بتحمل تكاليف الانتاج الباهظة، فيما لا يملك المستهلكون القدرة الشرائية اللازمة لشراء منتجات المزارعين، وفي ظل هذه الدوامة تراجع الانتاج الزراعي بشكل لافت للإنتباه.

 

كارثة اجتماعية

 

وفي هذا السياق، يعتبر رئيس "تجمع مزارعي وفلاحي ​البقاع" ابراهيم ترشيشي في حديث إلى "أولاً-الاقتصاد والأعمال" أن رفع الدعم عن المواد الأساسية وخصوصاً الزراعية سيؤدي إلى كارثة اجتماعية ضخمة وإلى ارتفاع أكثر لأسعار السلع الزراعية، مشيراً إلى أن القدرة الشرائية للمستهلك اللبناني ستنعدم ولن يستطيع بالتالي شراء حاجته الضرورية.

 

ابراهيم ترشيشي: لن نسمح للتجار باستغلال المواد الزراعية 

 

القطاع الزراعي لم يحصل على الدعم المطلوب

 

وفي المقابل، يوضح ترشيشي أن القطاع الزراعي لم يحصل على الدعم المطلوب من قبل الدولة خصوصاً أنه شمل مواد زراعية من أعلاف وذرة وشعير على حساب مواد زراعية أساسية كالبذور والأسمدة والكيماويات، لافتاً النظر إلى أن هذا الدعم ذهب باتجاه بعض التجار الذين يستوردون الكيماويات والأسمدة من دون معرفة وجهة هذه البضائع وبالتالي لم يستفد القطاع الزراعي منها بشكل كبير، معتبراً أن هذا الدعم لا ينفع وهو لمصلحة التجار والمنتفعين من سرقة الدولة بشكل مكشوف، ويضيف ترشيشي أن هؤلاء التجار يعمدون إلى شراء الأسمدة المدعومة ويقومون بتخزينها في مستودعاتهم ويبيعونها بأسعار باهظة، ويقدّمون فواتير وهمية باسم مزارعين وهميين، مؤكداً أن المزارعين سيتحرّكون ضد هذا الموضوع.

 

غياب تنظيم الدعم أدّى إلى التلاعب في أسعار المستلزمات الزراعية

 

أدى غياب تنظيم الدعم بشكل عادل ومتساوٍ إلى تلاعب في الأسعار واختفاء المستلزمات الزراعية من الأسواق بشكل واسع مما أدّى إلى نقمة كبيرة لدى المزارعين، ويطالب ترشيشي، في هذا الإطار، بتنظيم عملية دعم الأسمدة والبذور والكيماويات بشكل واضح من قبل الدولة وبيعها بسعر موحّد، مشدداً على ضرورة منع التجار من احتكار هذه المواد والاستفادة منها لمصالحهم الشخصية والتجارية.

 

دعم نظري لم يطبّق

 

من جهته، يقول رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان الحويّك في حديث إلى "أولاً-الاقتصاد والأعمال" إنه جرى تقديم دعم نظري للمستلزمات الزراعية من أسمدة وبذور على سعر صرف 3900 ليرة للدولار إلا أن أحداً لم يستورد البضائع على هذا الأساس وبالتالي لا تزال تستورد على أساس سعر صرف السوق السوداء مع ما يرافق ذلك من زيادة خسائر القطاع، مشيراً إلى أن هذا الأمر سيؤدي إلى الاستمرار بارتفاع الأسعار وانخفاض الإنتاج الزراعي، موضحاً أن رفع الدعم عن المستلزمات الحيوانية من أعلاف وشعير وذرة سيرفع الأسعار نسبة الى سعر الدولار في السوق السوداء.

 

أنطوان الحويك: المزارع هو الضحيّة الأولى لهذه الأزمة 

 

أصبح المزارع الضحيّة الأولى بسبب شرائه للمستلزمات الزراعية بأسعار مرتفعة وبيع إنتاجه بخسارة كبيرة يليه المستهلك الذي باتت قدرته الشرائية بحكم المعدومة، ويلفت الحويّك النظر إلى أن هذه السياسة ستؤدي إلى المزيد من إفقار الناس وتشريد العائلات وبالتالي إلى انفجار اقتصادي كبير، مطالباً بضرورة دعم الانتاج الزراعي اللبناني بشكل عاجل وتعزيز قدرة المستهلك بشكل واسع.

 

خسائر القطاع الزراعي تبلغ 130 مليون دولار

 

وحول خسائر القطاع الزراعي، يوضح الحويّك أن الخسائر المباشرة للقطاع بلغت نحو 130 مليون دولار نتيجة الأزمة الاقتصادية والمالية التي يمرّ بها لبنان، مضيفاً أن هناك غياب تقييم واضحاً لخسائر الاستثمارات الزراعية والأسعار.

 

هل من حلول؟

يوضح ترشيشي أن هناك حلولاً يمكن وضعها على السكة الصحيحة وتبدأ من تحديد الدعم لأصناف معيّنة كالبذور والأسمدة والأدوية الكيماوية وأن تستورد لمرّة واحدة لصالح التجار، مشدداً على عدم السماح لهم ببيع هذه البضائع بأسعار أغلى من السعر المدعوم بالاضافة إلى السماح للشركات باستيراد المستلزمات الزراعية على أساس فاتورة لا تتعدّى 100 مليون دولار.

 

إقرأ أيضاً: 

رفع الدعم عن المواد الأساسية يرفع منسوب الغضب الشعبي في لبنان

 

في المحصّلة، يصارع القطاع الزراعي في لبنان للاستمرار والصمود في ظل كل العواصف التي يمر بها في حين لم تعط الدولة الدعم الكامل للمواد الحقيقية التي يحتاجها المزارع في زراعاته المتنوعة التي تستطيع أن تكفي حاجات السوق المحلية بكميّات كافية ولفترات طويلة، وعلى الدولة اللبنانية أن تتحرّك لدعم الزراعة في ظل الحديث عن التحوّل من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج وتقديم أفضل الحلول للمزارعين.