السعودية: تعيين الخريف رئيساً لهيئة المحتوى المحلي يوسع دعم الصناعة

  • 2020-09-02
  • 13:40

السعودية: تعيين الخريف رئيساً لهيئة المحتوى المحلي يوسع دعم الصناعة

  • رشيد حسن

في تطور بارز للسياسات الاقتصادية السعودية، أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز أمراً بتعيين وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر عبد الله الخريف رئيساً لهيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية وهي المؤسسة الوطنية المسؤولة عن تشريع وتطبيق الأنظمة المتعلقة بإعطاء الأفضلية للمؤسسات الصناعية السعودية في المشتريات الحكومية، وتوفير آليات وأنظمة ومعايير محددة لتطبيق تلك السياسات.

 

 

إقرأ:

القطاع العقاري السعودي: مرحلة استيعاب أضرار كورونا

 

 

جدير بالذكر أن الحكومة السعودية الساعية إلى دعم التنمية الصناعية تسعى منذ سنوات إلى وضع قواعد واضحة تسمح بزيادة حصة الصناعات المحلية في المشتريات الحكومية، وهي حققت في السنوات الأخيرة تقدماً مستمراً ظهر بصورة خاصة في إصدار أول دفعة من الأنظمة واللوائح التفصيلية التي ترعى تطبيق مبدأ تفضيل المنتج السعودي في عدد من القطاعات مثل الإنشاءات وقطاع الأدوية على أن يصدر لاحقاً المزيد من اللوائح، مع مراعاة المحافظة على التنافسية ومعايير الجودة والقدرة الاستيعابية والتسعير التنافسي.  

 

 

أول لائحتين تفصيليتين لتطبيق أفضلية المنتج المحلي

تغطيان قطاعي الإنشاءات والمنتجات الدوائية

 

 

وتوفر السعودية منظومة متكاملة لدعم الصناعات المحلية تضم بصورة خاصة صندوق التنمية الصناعية السعودي (الصندوق الصناعي) وبنك التصدير والاستيراد وهيئة تنمية الصادرات وأنظمة المشتريات الحكومية وغيرها، إلا أنها واجهت تحديات مستمرة في إعطاء الصناعة السعودية الأفضلية في المشتريات الحكومية نتيجة لعدم اكتمال الأطر القانونية والفنية اللازمة لذلك.

لهذه الأسباب، قررت الحكومة في العام 2018 إنشاء هيئة متخصصة يتركز عملها في تعظيم حصة الصناعات المحلية من المشتريات الحكومية وتفعيل دور هذه المشتريات في التنمية الاقتصادية وفي الوقت نفسه، المساهمة في تحقيق الشفافية والتميّز في عمليات المشتريات الحكومية عبر إخضاعها لمعايير الجودة والسعر والتنافسية. وظهر حجم اهتمام الحكومة السعودية بهذا الجانب في طبيعة "مجلس تنسيق المحتوى المحلي في الصناعات السعودية" الذي أطلقته، ويضم مجموعة من الشركات بينها "أرامكو السعودية"، سابك، الشركة السعودية للكهرباء، شركة الاتصالات السعودية، شركة التعدين العربية السعودية "معادن"، والمؤسسة العامة للخطوط الجوية السعودية، إلى جانب مجلس الغرف السعودية.

 

 

 

إقرأ أيضاً:

الخريف: المنتج السعودي منافس في الأسواق المحلية والإقليمية

 

 

جدير بالذكر أن وزير الصناعة بندر الخريف الذي تسلّم رئاسة هيئة المحتوى المحلي وفريقها التنفيذي ليس جديداً على الموضوع، إذ إنه لعب دوراً أساسياً في وضع الأنظمة الخاصة بها عندما كان في القطاع الخاص منتدباً للمشاركة في عملها، وهو أكد أن أول ما قام به المسؤولون عند العمل على أنظمة ولوائح الهيئة كان تقييم التجربة السابقة وأسباب تأخر تطبيق مبدأ الأفضلية للصناعات السعودية، وتم التوافق بناء على ذلك على ضرورة البدء بإصدار لوائح تفصيلية توضح طريقة تطبيق مبدأ الأفضلية في كل قطاع من قطاعات النشاط الاقتصادي.

وتتضمن كل من اللوائح التفصيلية الخاصة بقطاع محدد قائمة المنتجات الوطنية الواجب شراؤها من مُصنِّعين وطنيين في كل قطاع.

وحددت الهيئة بالاتفاق مع مركز تحقيق كفاءة الانفاق ثلاثة معايير أساسية لإدراج المنتجات ضمن القائمة الإلزامية وهي جودة المنتج، السعر، السعة الإنتاجية للمصانع الوطنية للتأكد من قدرتها على الوفاء بمتطلبات المشتريات الحكومية.

 

بندر عبد الله الخريف

من الصناعة إلى قيادتها

 

نظراً إلى إعطاء وزارة الصناعة، وللمرة الأولى، استقلالية عن الوزارات الأخرى وما يلتحق بها من مؤسسات حكومية مثل الصندوق الصناعي وبنك التصدير والاستيراد وهيئة تنمية الصادرات وغيرها، فإن وزارة الصناعة والثروة المعدنية باتت إحدى أهم الوزارات الاقتصادية في السعودية، وعليه، فإن تعيين الخريف رئيساً لمجلس إدارة هيئة المحتوى المحلي، ينسجم مع الحاجة إلى تركيز مسؤوليات تطوير الصناعة السعودية في وزارة متخصصة كما ينسجم أيضاً مع الصعود اللافت للانتباه لرجل الأعمال المخضرم الذي يملك تجربة غنية في القطاع الخاص. فالخريف هو أحد أسرع الشخصيات العامة السعودية ارتقاء في سلم المسؤوليات في المملكة، وأول من يتسلم وزارة للصناعة لا تكون ملحقة بوزارة أخرى مثل التجارة أو الطاقة، كما إنه أول من يتسلم الوزارة بحجمها الجديد الذي يضم إلى مسؤولياتها، الإشراف على الثروة المعدنية للمملكة والتي يحتل تطويرها مكانة بارزة بين أهداف رؤية المملكة 2030. وإلى شخصيته الهادئة وخبرة 25 عاماً في الصناعة وفي العديد من القطاعات التي تمرّس فيها من خلال مجموعة أبناء عبد الله إبراهيم الخريف، يضيف بندر الخريف مقدرة فطرية على فهم المشكلات والأولويات وتفصيل الحلول، وهو جمع خبرته من تجاربه في قطاع الأعمال وتعلم الإدارة والإنجاز "من حسابه الخاص" وليس عبر التدرج الطويل في المناصب الحكومية.

 

الوزير المتخصص

 

في حواراته التلفزيونية أكد الخريف على أن إنشاء وزارة متخصصة للصناعة تحول كبير في الموقف من الصناعة الوطنية وتأكيد واضح من أولي الأمر على أولوية الصناعة في الرهان الكبير على تنويع الاقتصاد السعودي ووضع الأسس لمرحلة ما بعد النفط، علماً أن رؤية المملكة 2030 تضع رفع مساهمة الصناعة من الناتج المحلي من 5 إلى 15 في المئة في العام 2030 واحداً من اهدافها الرئيسية، وهو يعتبر أن الوزارة الصغيرة المتخصصة تعمل عادة على تركيز أكبر على المشكلات التي تواجه نطاق مسؤولياتها بينما قد تتأثر الوزارة الكبيرة المتعددة الاختصاصات بحجم العمل وصعوبة إعطاء الوقت الكافي لكل من مجالات المسؤولية، الأمر الذي قد يؤثر على إنتاجية الوزارة والوزير.

 

الخريف وتوظيف العائدات النفطية

 

ويعتبر الخريف أن أحد القرارات الاستراتيجية السديدة التي اتخذتها المملكة منذ ذلك الحين كان استخدام قسم كبير من العائدات النفطية في توفير البنى الأساسية للصناعة ووضع الأسس المادية لقيام صناعة وطنية وتقاليد صناعية وشريحة كبيرة من المهارات الصناعية الهندسية والإدارية، ويرى أن الصناعة السعودية أصبحت مطلوبة في النطاق الإقليمي والمحلي باعتبارها صنواً للنوعية والأسعار المنافسة، وهو ينتقد بلطف الذين يقللون من شأن الصناعة السعودية كقطاع إنتاجي أساسي وكأحد أهم مجالات التشغيل للشباب السعودي، موضحاً أنهم يحتاجون إلى الاطلاع عن قرب على حجم التقدم الصناعي للمملكة وعلى حجم القطاع الصناعي الذي يضم 7800 مصنع تساهم بنحو 300 مليار ريال في الناتج المحلي وقوى عاملة يقدرعددها بنحو 550,000 عامل وعاملة.

 

ماذا عن التعليم؟

 

يؤمن الخريف بأهمية تطوير برامج ومؤسسات التعليم لتحقيق التطور المطلوب في الصناعة السعودية، وبضرورة تطوير الشراكة بين الجامعات والصناعة والاهتمام بالتدريب خصوصاً البرامج التي تقدمها شركات سعودية رائدة مثل أرامكو وسابك وغيرهما، كما يؤمن بقدرة المملكة على استقطاب الجيل الرابع من الصناعات والمعتمد على التقنيات العالية وتقنيات الرقمنة والتشغيل الآلي والذكاء الاصطناعي، مؤكداً على أن المملكة تتوافر لها الموارد لتوطين هذه الصناعات وإقامة الشراكات مع الشركات الدولية البارزة في قطاعاتها، لكنه يشدد على ضرورة توفير بيئة الاستثمار والأعمال السهلة والمحفزة للمستثمرين والشركات الأجنبية.

وأخيراً، يدرك الخريف الأهمية الكبرى لقطاع التعدين الذي أصبح تحت إدارة الوزارة بعد فصل الثروة المعدنية عن قطاع الطاقة، وينكب على استكمال التشريعات والأنظمة التي تسمح بتحويل الثروة المعدنية الهائلة للمملكة إلى أحد أكبر القطاعات الإنتاجية غير النفطية والذي أعطت رؤية 2030 له دوراً أساسياً في تنويع الاقتصاد وتعزيز دور القطاع الخاص.