بيروت تنتهي كعاصمة اقتصادية للبنان ما لم يعد مرفأها إلى الحياة

  • 2020-08-07
  • 16:09

بيروت تنتهي كعاصمة اقتصادية للبنان ما لم يعد مرفأها إلى الحياة

  • أحمد عياش

التقارير الدبلوماسية التي رفعتها البعثات المعتمدة للبنان بعد الانفجار الهائل الذي ضرب بيروت، ركّزت حيزاً وافراً فيها  لما آل اليه مرفأ بيروت. فهذا الانفجار لم يسوّ فقط هذا المرفق البالغ الاهمية بالارض، بل أنهى تماماً الدور الذي تلعبه المدينة عاصمة إقتصادية للوطن بأسره. فهل من الممكن ان يعود هذا الدور لبيروت؟

أحد التقارير إستخدم كلمة "كارثة" كيّ يصف النتائج المباشرة للإنفجار بإعتبار ان هذه النافذة البحرية  للبنان على العالم هي الوسيلة الرئيسية لهذا البلد كي يستمد منها عافيته الاقتصادية، ورأت ان تقديرات أحد المسؤولين لحجم الخسائر بما يصل الى 15 مليار دولار، هي أولية ولا تستند الى مسح كامل للاضرار، وتالياً فإن هذا الرقم مرشح للإرتفاع أكثر بكثير مما هو عليه الآن، تماماً كما يحصل بالنسبة الى الضحايا الذي تتواصل ارقامهم بالارتفاع تبعاً لاكتشاف جديد لهؤلاء المفقودين الذين غابت أجسادهم وسط الركام الهائل.

على قاعدة "الحياة لن تتوقف"، جرت مشاروات بين خبراء إقتصاديين محليين واجانب تمت التطرق بصورة عامة لخسارة لبنان دور المرفأ وما مثله عبر تاريخه القديم والحديث، وتبيّن ان القضية الرئيسية تتمحور حول كيفية إعادة المرفأ إلى الحياة على الرغم من أن هذه القضية تتعلق بهدف بعيد المنال في الوقت الحاضر بسبب الحجم الهائل من الدمار الذي لحق بهذا المرفق. وطرح أحد الخبراء سؤالاً: هل بالإمكان تصوّر أن يتولى القطاع العام هذه المهمة، أم أن المطلوب الذهاب الى القطاع الخاص لإنجازها؟ ووفق المعلومات التي حصل موقع "أولاً-الاقتصاد والاعمال"، فإن الخبراء كانوا مجمعين على ان لا مفرّ من وضع المهمة بيد القطاع الخاص لأسباب عدة ابرزها، ان المرفأ ينتمي الى جيل المؤسسات الناجحة التي أدارها القطاع الخاص حتى قبل ان ينال لبنان إستقلاله العام 1943  وعرض أحدهم تجربة المرفأ التي ادارتها شركة لمدة 99 عاماً بدءاً من العام 1894 وفق أحد المراجع التاريخية التي تقول إن الفرنسيين أنشأوا مرفأ بحرياً عصرياً ومن ثم أصبح بعهدة الدولة منذ ذلك العام بعد مرور قرن.

وصرّحت وزيرة الاعلام منال عبد الصمد بعد جلسة مجلس الوزراء بعد انفجار المرفأ ان المجلس "طلب من وزارة الاشغال العامة والنقل اتخاذ ما يلزم في سبيل تأمين عمليات الاستيراد والتصدير عبر المرافئ الاخرى غير مرفأ بيروت ولاسيما طرابلس وصيدا"، الامر يعني عملياً ان مرفأ بيروت سيغيب عن الخدمة التي قد تطول او تقصر حسبما سيكون السلوك الرسمي والوطني لمواجهة هذا الغياب، وفي هذا الصدد تقول اوساط وزارية سابقة على دراية بملف النقل ان تأخر ولادة الحل لقضية إعادة إعمار المرفأ سيعني "ان المدن الاخرى ستحلّ محل بيروت للقيام بدورها الاقتصادي"، وفي موازاة ذلك، يقول ناشط بارز في المجتمع المدني ان بيروت قبل إنفجار المرفأ كانت "ساقطة سياسياً"، أما بعد إنفجار المرفأ صارت "ساقطة إقتصادياً".

وسط أزمة وصلت الى حدّ الكارثة من الرابع من الشهر الجاري، لا يمكن التكهن بمستقبل المرفأ ومعه مستقبل المدينة، لكن ما هو واضح ان عاصمة لبنان قد فقدت احد جناحيّها الاقتصاديين وهو المرفأ وبقيت بجناح وحيد هو المطار، لهذا لن تستطيع الطيران بالمعنى المجازي، ولا بدّ من متابعة ما ينتظر بيروت ومعها كل لبنان.