ما هي تداعيات إقرار الصين قانون الأمن القومي لهونغ كونغ؟

  • 2020-08-01
  • 10:06

ما هي تداعيات إقرار الصين قانون الأمن القومي لهونغ كونغ؟

  • حنين سلّوم

أقرّت بكين أخيراً (30 حزيران/يونيو) قانون الأمن القومي لهونغ كونغ (National Security Law) وهو قانون جمهورية الصين الشعبية حول حماية الأمن القومي في منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة. عقب ذلك، أعلنت واشنطن عن إلغاء الوضع الخاص أو special status التي كانت تتمتّع به هونغ كونغ مع الولايات المتّحدة، وهو ما قد لا يمر من دون عواقب اقتصاديّة وماليّة على هونغ كونغ، الصين والولايات المتّحدة معاً.

 

امتيازات دامت لعقود

 

تتمتّع هونغ كونغ بالوضع الخاص مع الولايات المتحدة منذ سنة 1984 عندما كانت لاتزال تحت الاستعمار البريطاني. وقد ظلّت تتمتّع بهذه الخاصيّة بعد انتهاء الاستعمار. سنة 2019، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب قانوناً يتطلّب مراجعة استقلاليّة هونغ كونغ عن الصين بشكل سنوي، وبناءً على ذلك الإبقاء على أو تعديل وضعها الخاص.

وكانت هونغ كونغ تمتلك هامشاً من الاستقلاليّة عن جمهوريّة الصين الشعبيّة، فكان اقتصادها حر، قضاؤها مستقل، كما كانت تتمتّع بحريّة التعبير وباستقلاليّة تشريعيّة، وهو ما أتاح لها التحول إلى مركز مالي عالمي ينافس مراكز الأموال العالميّة مثل نيويورك ولندن وكانت الولايات المتّحدة تعد هونغ كونغ كيان تجاري منفصل.

ولكن ذلك تغيّر بعد إقرار الصين قانون الأمن القومي الذي يعطيها الحق في التدخل في شؤون هونغ كونغ وهو ما حرم الأخيرة من الامتيازات التجاريّة التي ساهمت على مدى السنوات الخمسين الماضية بازدهار هونغ كونغ وحيازتها رابع أكبر بورصة في العالم.

تداعيات بالجملة على هونغ كونغ

 

بلغت صادرات هونغ كونغ إلى الولايات المتّحدة نحو 6.3 مليارات دولار سنة 2018 بينما بلغت الواردات من الولايات المتحدة نحو 37.3 مليار دولار أميركي في السنة نفسها (وفقاً لOffice of the United States Trade Representative). وكانت قد شهدت سنة 2019 تراجعاً في التبادل التجاري بين البلدين بسبب الحرب التجاريّة بين الصين والولايات المتحدة، لأن أغلب صادرات هونغ كونغ ليست سوى re-exports فهي لا تتمتّع بقطاع صناعي ضخم. وقد بلغ الاستثمار الأجنبي المباشر أي FDI من الولايات المتحدة إلى هونغ كونغ نحو 82.5 مليار دولار أميركي سنة 2018.

وفي سياق آخر، قد تخضع هونغ كونغ إلى القيود نفسها على تبادل التكنولوجيا التي تخضع لها الصين اليوم، إذ قد تمنع الولايات المتحدة الشركات الأميركيّة من بيع المنتجات وخدمات التكنولوجيا إلى الشركات التي تتخذ من هونغ كونغ مقراً لها. وفقاً لـ South China Morning Post، فإن 70 في المئة من منتجات الأمن السيبراني (cybersecurity) في هونغ كونغ مصدرها الولايات المتحدة. وقد تخوّف روّاد الاعمال الالكترونيّة أن يصبح القطاع (cyber) عرضةً للصراعات الصينيّة الأميركيّة. ومن بين الواردات المهدّدة نجد المعدّات الكهربائيّة ومعدّات الاتصالات التي تشكّل أكثر من نصف الصادرات الأميركيّة إلى هونغ كونغ والتي في حال انقطعت لها تأثير على الشركات والأفراد معاً.

 

الصين: أضرار غير مباشرة

 

عقب التعريفات التي فرضتها الولايات المتحدة على الصين في خضم الحرب التجاريّة بين البلدين، كانت الصين تستفيد من first-sales rule (التي تنص على فرض رسوم على الصادرات التي تمر بأكثر من موقع على سعر المبيع الأولي لهذه البضائع) لخفض التعاريف التي تتكبّدها على صادراتها إلى الولايات المتحدة وذلك وفقاً للسيناريو التّالي.

وكانت تقوم الصين بتصدير البضائع إلى شركة في هونغ كونغ بسعر متدنّي وتقوم الأخيرة بإعادة تصدير هذه البضائع بسعر أعلى إلى الولايات المتحدة لكن الرسوم ووفقاً لقاعدة first-sales كانت تحتسب على السعر الأولي الأدنى وهو ما كان يعطي الصين متنفّساً على هذه الرسوم.

ولكن، بعد إزالة الوضع الخاص واعتبار هونغ كونغ غير مستقلّة عن الصين، قد لا تعتبر هونغ كونغ كيان منفصل عن الصين وبالتالي قد يصبح تطبيق قاعدة first-sales غير ممكن وهو ما سيرفع الرسوم الجمركيّة التي تدفها الصين للولايات المتحدة. وفقاً ل Hong Kong Trade Development Council Report، نحو 8 في المئة من صادرات الصين إلى الولايات المتحدة و6 في المئة من الواردات مرّت عبر هونغ كونغ سنة 2018.  

 

الشركات الأميركيّة من بين المتضررّين

 

لا تنحصر تداعيات قرار الولايات المتّحدة بهونغ كونغ والصين فقط، بل هي تمتد لتشمل الشركات الأميركيّة البالغ عددها نحو 300 والتي تتخّذ من هونغ كونغ مقر إقليمي رئيسي لشركاتها وعمليّات نحو 1300 شركة أميركيّة لديها أعمال في المدينة وذلك فضلاً عن نحو 85 ألف مواطن أميركي يعيش في هونغ كونغ.  

في الواقع، تتخذ شركات أميركية عديدة من هونغ كونغ مقراً رئيسياً لها بفضل الضرائب المنخفضة للشركات ونظام سعر صرف الدولار الهونغ كونغي المربوط بالدولار الأميركي والذي يجنّب الشركات الأميركيّة مخاطر العملات الأجنبيّة. لذلك، من المستبعد أن تقوم شركات عديدة بنقل مقرّها الإقليمي من هونغ كونغ إلى بلد آسيوي آخر وذلك لعدم خسارة هذه الامتيازات وبالتالي من غير المتوقّع أن تنخفض استثمارات هذه الشركات في هونغ كونغ.

 

..وماذا عن المواطنين؟

 

إنّ خسارة الوضع الخاص يطال أيضاً مواطنين مدينة هونغ كونغ اللذين يمتلكون جوازات سفر مختلفة عن الجواز السفر الصيني وفقاً للشروط نفسها التي يخضع لها الصينيون عن تقديم طلبات الهجرة أو تأشيرات السياحة، العلم، العمل وغيرها، وهي شروط أكثر قسوة حيث يخضع الأفراد إلى تدقيق أكبر. وعلى سبيل المثال، في شهر أيار/مايو الماضي، وضعت الولايات المتحدة قيوداً لتأشيرة طلّاب الدراسات العليا الصينين الذين يرغبون بإكمال دراساتهم في الولايات المتحدة. ومن بين الشروط، سيتم رفض التأشيرة الدراسيّة للطلاب الذين درسوا أو عملوا أو لديهم علاقة مع مؤسسة لها روابط مع مؤسسات عسكرية أو استخباراتية صينية. في المستقبل، قد تنطبق تدابير مثل هذه أيضًا على مواطني هونغ كونغ.

إثر هذه الأحداث، أعلنت بريطانيا (التي استعمرت هونغ كونغ بين 1841 و1997) عن الاتاحة لنحو ثلاثة ملايين مواطن من هونغ كونغ لحيازة الجنسيّة البريطانيّة وذلك بعدما اعتبرت بريطانيا فرض قانون الأمن القومي خرقاً واضحاً للإعلان الصيني البريطاني المشترك (Sino-British Joint Declaration).