مصر: هل تجد مبادرة سيارات الغاز طريقها إلى التنفيذ؟

  • 2020-07-14
  • 09:01

مصر: هل تجد مبادرة سيارات الغاز طريقها إلى التنفيذ؟

شركات سيارات: توفر فاتورة استهلاك الوقود.. وبنوك: ستفتح الشهية لإطلاق منتجات تجزئة جديدة

  • القاهرة- مها أبو ودن

 خلال افتتاحه مشروع "الأسمرات 3"، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن مجموعة من المبادرات لعلّ أبرزها السيارة التي تعمل على الغاز الطبيعي، لتخفيف فاتورة استيراد البنزين من خلال تحويل السيارات التي تعمل على استخدام البنزين إلى الغاز الطبيعي، فما مدى صلاحية هذه المبادرة وهل تجد طريقها إلى التنفيذ؟

بحسب أحدث إحصاءات السيارات في مصر، فإن عدد السيارات الملاكي في مصر يبلغ نحو 4.9 ملايين سيارة، كما تظهر بيانات رسمية صادرة عن وزارة البترول المصرية أن عدد السيارات العاملة على الغاز الطبيعي حالياً يصل إلى نحو 280 ألف سيارة، تخدمها 187 محطة تموين و72 مركز تحويل.

وتعمل وزارة البترول المصرية على خطة سنوية لزيادة اعداد السيارات المحولة والمحطات التي تخدمها، حيث تستهدف تحويل 50 ألف سيارة للعمل على الغاز الطبيعى كوقود، والذي يمثل رقماً قياسياً غير مسبوق في هذا النشاط، كما إن هذا المعدل متوقع زيادته خلال السنوات المقبلة في ظل تزايد الاقبال من المواطنين على تحويل السيارات.. فكيف ترى شركات السيارات هذه المبادرة؟

 

مبادرة في مصلحة البيئة والمستهلك

 

يقول رئيس مجلس ادارة شركة السبع أوتوموتيف، عضو مجلس ادارة شعبة السيارات، الموزع المعتمد للعديد من ماركات السيارات، علاء السبع إن المبادرة الرئاسية تصبّ في مصلحة البيئة والمستهلك معاً، فهي تعمل على تحقيق الاشتراطات البيئية نظراً إلى عدم خطورة انبعاثات الغاز الطبيعي على البيئة كالبنزين، فضلاً عن كونها موفرة في فاتورة استهلاك وقود السيارات على المستهلك نفسه، لأن سعر الغاز الطبيعي في مصر أرخص بكثير من سعر البنزين كوقود للسيارة.

ويضيف السبع في تصريحات خاصة إلى "أولاً- الاقتصاد والأعمال"، أن تجربة استخدام الغاز الطبيعي كوقود للسيارات في مصر تجربة ناجحة جداً، وقد تمت تجربتها بقوة على سيارات الأجرة التي كانت تطرحها الحكومة والمعروفة باسم "التاكسي الأبيض"، إذ كانت الدفعة الأولى منها عبارة عن 100 ألف سيارة، تعمل على الغاز الطبيعي.

 

تأثيرات التحويل إلى الغاز ضعيفة على المحرك

 

ويشرح أن تجربة تحويل السيارات إلى الغاز الطبيعي بدلاً من البنزين قد تكون مؤثرة على عمر محرك السيارة، لكن تأثيراتها ضعيفة جداً اذا ما قورنت بباقي امتيازات العمل بها على البيئة ومتوسط دخول المستهلكين للوقود .

أما عن تجربته الشخصية مع سيارات الغاز الطبيعي فيقول السبع إنه يمتلك سيارتين تعملان على الغاز الطبيعي، وهي موفرة في فاتورة استهلاك الوقود الشهرية، كما إن محطات الغاز الطبيعي منتشرة في جميع أنحاء الجمهورية مثلها مثل محطات البنزين.

 

تخفيف الضغط على فاتورة استهلاك الوقود

 

 ووفقاً لإحصاءات وزارة البترول، يبلغ عدد محطات تموين السيارات بالغاز 187 محطة في 21 محافظة، ويبلغ عدد مراكز التحويل 72 مركزاً على مستوي الجمهورية. ومن ناحية أخرى، فإن استخدام الغاز الطبيعي كوقود للسيارات، موفر واقتصادي لأصحاب ومالكي السيارات حيث يبلغ سعر المتر المكعب للغاز الطبيعي 3.5 جنيهات، في حين يبلغ سعر لتر البنزين 80 أوكتان 6.75 ويبلغ سعر لتر البنزين 92 أوكتان 8 جنيهات، فاستخدام مالك السيارة للغاز الطبيعي، يمكن له أن يحقق وفراً يصل إلى نحو 975 جنيهاً شهرياً عند متوسط استهلاك يومي 10 لترات بنزين 80 أوكتان بينما يصل معدل التوفير إلى نحو 1350 جنيهاً شهرياً في حال استخدام بنزين 92 أوكتان.

وفي السياق نفسه، يقول رئيس مجلس ادارة شركة الأمل للسيارات، وكيل لادا، بي واي دي، منتج أتوبيس كينج، عمرو سليمان إن الغرض من تلك المبادرة الرئاسية تخفيف الضغط على فاتورة استهلاك الوقود، ولاسيما بعد الاكتشافات الكبيرة في مجال الغاز الطبيعي التي تمّ اكتشافها أخيراً.

ووفقاً لإحصاءات وزارة البترول، يبلغ حجم إنتاج مصر من الغاز الطبيعي حالياً نحو 6.8 مليارات قدم مكعب يومياً.

 

استخدام الغاز يوفر نحو 50 في المئة

من فاتورة استهلاك وقود السيارات الشهرية

 

ويضيف سليمان: يوفر استخدام الغاز الطبيعي كوقود للسيارات نحو 50 في المئة من فاتورة استهلاك وقود السيارات الشهرية، وبذلك يكون في هذه المبادرة الرئاسية تخفيفاً للأعباء على المواطنين.

ويشير إلى أن تأثيرات تحويل السيارة من البنزين إلى الغاز الطبيعي ضعيفة على محرك السيارة، لكن فوائدها من ناحية الوفر كبيرة.

ويوضح أن تجربة تحويل السيارات إلى الغاز قبل تسليمها إلى المستهلك من خلال الشركات المصرية، تم اختبارها قبل ذلك من خلال تجربة الألف تاكسي التي أطلقتها الشركة بالتعاون مع صندوق "تحيا مصر"، إحدى المبادرات الرئاسية القائمة على تبرع المواطنين، وتستخدم حصيلة تلك التبرعات في بعض المشاريع ذات البعد الاقتصادي والاجتماعي.

ويخلص سليمان إلى القول إن تكلفة تحويل السيارة من البنزين إلى الغاز لا تتعدى الـ 8 آلاف جنيه، وهي تكلفة بسيطة اذا ما قورنت بباقي المزايا.

 

هل تمول البنوك المبادرة الرئاسية ؟

 

يقول عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، الخبير المصرفي محمد عبد العال، إن هذه المبادرة ستفتح شهية البنوك لطرح منتجات جديدة سواء منتجات لتمويل إنشاء وتوسعات محطات الغاز الطبيعي، وكذلك تمويل قروض السيارات التي تعمل على الغاز الطبيعي، فضلاً عن طرح منتجات تجزئة مصرفية لتمويل عمليات تحويل السيارات من العمل على البنزين إلى العمل على الغاز الطبيعي.

ويوضح عبد العال أن المبادرة الرئاسية تهدف إلى خفض فاتورة استهلاك الوقود في مصر التي تستورد نحو 35 في المئة من احتياجاتها من الوقود، وهو ما يعني الضغط على ميزان المدفوعات، ولاسيما بعد العودة التدريجية لأسعار البترول عالمياً إلى الارتفاع مع انحسار موجة تأثيرات كورونا المستجد، مشيراً إلى أن مصر حققت فائضاً كبيراً من الغاز الطبيعي وبدأت في تصديره منذ العام الماضي، ووفرت نحو 3 مليارات دولار من عمليات تصدير الغاز حتى اللحظة.

 

مبادرة تهدف إلى تقليص الفجوة

بين انتاج مصر من الوقود واستهلاكه

 

 بدوره، يقول وكيل أول لجنة الطاقة في مجلس النواب المصري أشرف العربي، إن المبادرة الرئاسية تهدف إلى تقليص الفجوة بين إنتاج مصر من الوقود واستهلاكه، ولاسيما لو توافرت البنية التحتية اللازمة لتحويل السيارات الى الغاز الطبيعي.

ويؤكد العربي أن هذه المبادرة تحتاج الى تكاتف جهود عدد من الجهات العاملة في الدولة إلى جانب شركات السيارات، لضخ استثمارات ضخمة في انشاء محطات الغاز الطبيعي ومراكز تحويل السيارات، فالعدد الموجود حالياً لا يكفي لتغطية احتياجات مليون سيارة.

ويلفت النظر إلى أن المنظومة الخاصة بالتحويل من استخدام البنزين كوقود للسيارات إلى الغاز الطبيعي موجودة منذ التسعينات، لكن امكاناتها لا تتسع الى العدد المطلوب للتحويل، فالرئيس يتحدث عن تحويل مليون سيارة خلال 5 سنوات.

ويضيف أن هناك أيضاً شقاً يتعلق بنوعية المستهلك ومتطلباته، فتحويل السيارة من البنزين إلى الغاز، يقلّص من حجم حقيبة السيارة لأن "جرة" الغاز يتم تركيبها داخل الحقيبة، وهو ما يتسبب فى عزورف البعض عن التحويل، كما إن هناك سيارات تعمل بتكنولوجيا مختلفة لا يمكن معها التحويل، فالحل إذاً هو في استيراد سيارات مجهزة للعمل على الغاز الطبيعي، وهذا أيضاً يحتاج إلى التمويل.