المبيعات العقارية في لبنان ترتفع بشكل كبير في مايو

  • 2020-06-14
  • 10:00

المبيعات العقارية في لبنان ترتفع بشكل كبير في مايو

تراجع استخدام الشيكات المصرفية وابتكار أساليب جديدة للبيع والشراء

  • عمر عبد الخالق

تصدرت العمليات العقارية في لبنان الأخبار الاقتصادية كافة في الأشهر الماضية مع اتجاه المودعين إلى استبدال ودائعهم المصرفية بعقارات في مختلف المناطق اللبنانية.

وفي ما أبدع اللبناني في ابتكار أساليب عدة  لتملك عقارات نظراً إلى تراجع ثقة المودعين في المصارف وعدم اليقين من مستقبل القطاع المصرفي، تراجعت خلال الشهر الماضي حركة المبيعات مقابل شيكات مصرفية لتظهر أساليب جديدة للبيع والشراء.

احصاءات المديرية العامة للشؤون العقارية

عادت موجة شراء العقارات إلى زخمها خلال شهر أيار/ مايو الماضي بعد انحسارها خلال أبريل/ نيسان الماضي بسبب التعبئة العامة والإقفال القسري لدوائر المديرية العامة للشؤون العقارية، وبلغ إجمالي الرسوم المستوفاة 71.5 مليار ليرة في مقابل 42.7 مليار في مايو/أيار 2019، أي بزيادة نسبتها 67 في المئة.

كما بلغت البيوعات العقارية المسجّلة لدى أمانات السجل (المبالغ الخاضعة للرسم في عقود البيع) 1692.4 مليار ليرة في مقابل 567.2 مليار ليرة تمّ تسجيلها خلال الشهر المماثل من العام 2019، أي بزيادة نسبتها نحو الضعفين (198.4) أي أن البيوعات العقارية في شهر أيار/ مايو 2020 بلغت قيمتها نحو 1122 مليون دولار.

FRESH MONEY

من الأساليب التي كانت تتبع خلال العمليات شراء العقارات مقابل تحويلات من الخارج، ولكن هل الوقت مناسب لشراء العقارات اليوم في لبنان عن طريق تحويلات مصرفية خارجية؟ منطقياً يعتبر المغترب القادر على تحويل  FRESH DOLLARS من الخارج لشراء عقار الطرف الأقوى في أي مفاوضات، إذ يفرض شروطه من حيث الأسعار وطريقة الدفع وتقاسم رسوم التسجيل وغيرها، وقد حصل عدد من العمليات من خلال أموال طازجة من الخارج أو من خلال دفع جزء كأموال طازجة وجزء شيكات مصرفية.

لكن المغتربين المهتمين بالتملك يصطدمون بإغراءات المصارف وبالعروض التي تنهال عليهم والبعيدة كل البعد عن المنطق في ظل غياب أي رقابة على هذه العروض والإغراءات، والتي تتضمن على سبيل المثال مضاعفة قيمة "الدولارات الطازجة" مرة ونصف أو أكثر تبعاً لقيمتها ولشطارة التفاوض، وهذا يعني أن الوديعة المقدرة بقيمة 100 ألف دولار، تصبح 250 ألفاً، ولكن لا يمكن للمودع سحبها إلا بموجب شيكات مصرفية.

ولتوضيح الأمور، نذكر عمليتي بيع وشراء كانتا قيد الإنجاز في الأسبوع الماضي وعلم بهما "أولاً- الإقتصاد والأعمال" وتوقفتا نتيجة عروض مصرفية "مستهجنة" أبقت الراغبين في الشراء في حيرة من أمرهما.

العملية الأولى شملت عقاراً في جبل لبنان، فبعد الاتفاق على قيمة الأرض وكل التفاصيل، عرض المصرف الذي كان الشاري سيحول الأموال إليه على أن يتم وضع الأموال كوديعة لديه على ان تضرب القيمة بـ 2.6 مرة وأن يستخدم هذا الحساب المصرفي من خلال تحويلات داخلية أو شيكات مصرفية.

العملية الثانية شملت شقة في جبل لبنان أيضاً، فبعد الاتفاق على تفاصيل عقد البيع عرض المصرف على الشاري ضرب قيمة التحويل بـ 2.4 مرة ووضعها في حساب جديد يستخدمه في عمليات مصرفية داخل لبنان.

هذه العروض دفعت بهذين الشخصين إلى تأجيل الشراء وفضلا ليتمكنا من الاستفادة من عرض المصرفين لمضاعفة الأموال والبحث عن عقارات أخرى يمكن شراؤها من خلال شيكات مصرفية، لكن الاصطدام بواقع الأزمة المصرفية والاقتصادية في لبنان التي دفعت الراغبين في البيع مقابل شيكات مصرفية إلى مضاعفة أسعار عقاراتهم وضعت الراغبين في الشراء في حيرة من أمرهما ودفعتهما إلى تجميد أي عملية عقارية حالياً والانتظار كي يتوضح اتجاه السوق في المستقبل القريب. 

اقتطاع من الودائع 

ودفع عدم اليقين من القطاع المصرفي والخوف من مستقبله ببعض الراغبين في الشراء من أصحاب الودائع المجمدة إلى الوصول إلى تسويات مع المصارف لفك تجميد ودائع. وفي هذا السياق علم "أولاً- الاقتصاد والأعمال" بعمليتين تمّ إتمامهما هذا الأسبوع لشراء عقارين الأول في في جبيل والثاني في الحازمية، والمفارقة أن الشاريين قاما بتحرير وديعتين مجمدتين في مصرفين مختلفين لتسديد الثمن، الأولى تستحق في العام 2022 والثانية في العام 2023، وبعد مفاوضات شاقة مع المصرفين لفك تجميد الوديعتين، تمّ التوصل إلى حلول تتضمن إلغاء فوائد العام الحالي والأعوام المقبلة حتى تاريخ الاستحقاق مع اقتطاع  نسب معينة من الوديعة وإقفال الحساب لدى المصرف، في حين أن معظم اتفاقات تجميد الودائع مع المصارف تتيح امكانية استخدام 10 في المئة من قيمة الوديعة لمرة واحدة فقط خلال فترة التجميد مع عدم إمكانية استخدام 90 في المئة المتبقية إلا عند تاريخ الاستحقاق، ولو اختلفت نسب الاقتطاع من الوديعتين لكانت الحالتان تشابهتا من حيث محاولة المودعين تسييل الودائع بغض النظر عن الخسائر، وهو ما عبّر عنه أحد المشترين بقوله: "كل شي فيك تشتريه بشيك مصرفي هوي ربح صافي حتى لو بسعر عالي، الخسارة الوحيدة هيي الوديعة المجمدة عشاشة الكمبيوتر بالبنك".  

أسهم تفضيلية

كذلك علم "أوّلاً-الإقتصاد والأعمال" بأكثر من عملية عقارية تمت عن طريق التوافق بين البائع والمشتري على قيام المشتري بتقسيم قيمة العقار بين شيك مصرفي وتحويل ملكيته الى أسهم تفضيلية في بعض المصارف إلى البائع مقابل عقارات على أن قيمة العقارات في هكذا مبادلات ارتفعت بنسب تتراوح ما بين 25 و30 في المئة، ومعظم العقارات التي شملتها هذه العمليات تقع في جبل لبنان وتتراوح قيمتها ما بين 300 ألف و مليون دولار.

والجدر ذكره، أن حملة الأسهم التفضيلية يحصلون على فوائد سنوية ثابتة مدى الحياة تتراوح ما بين 7 و 10 في المئة في حال حقق المصرف أرباحاً لكنهم لا يمتلكون حق التصويت في الجمعية العمومية للمصارف، ويعتبر اتجاه بعض مالكي العقارات للقبول بهكذا تسويات نوع من الرهان على قوة بعض المصارف وهو رهان من الصعب الحكم عليه.

شراء شقق خارج لبنان 

وشهدت الأيام الأخيرة أيضاً عودة الحياة لعمليات شراء شقق في مشاريع  لمطورين لبنانيين في تركيا وقبرص واليونان، وتمت هذه العمليات عبر طريقتين. الأولى من خلال شيكات مصرفية في لبنان بكامل قيمة الشقة ولكن بأسعار أعلى بنحو 40 في المئة، والثانية عبر تقسيم المبلغ بين شيكات مصرفية ومبالغ نقدية، وهناك اسباب عدة وراء عودة الحياة لهذه العمليات بعد توقفها لفترة، وأبرزها حاجة بعض المطورين لبيع شققهم في الخارج لتسديد ديون لهم في المصارف اللبنانية وتراجع ثقة بعض اللبنانيين بتملك عقارات في لبنان بالتزامن مع توقعات للخبراء بأن يدخل القطاع العقاري اللبناني في فترة غيبوبة طويلة الأمد.