رئيس شركة تطوير مصر: خريطة العقار تُرسم من جديد

  • 2020-06-09
  • 22:09

رئيس شركة تطوير مصر: خريطة العقار تُرسم من جديد

أحمد شلبي يتحدث إلى "أوّّلاً- الاقتصاد والأعمال" عن تأثيرات جائحة كورونا على القطاع العقاري

  • ديما رعيدي

خلال أشهر قليلة، أحدث فيروس كورونا تأثيراً بالغاً على هيكلية القطاع العقاري المصري، عادةً ما يتطلب سنوات لإحداث مثل هذا التأثير، فأفرز تغييرات جوهرية على حركة السوق ونشاط المطورين، ما استوجب تعديل استراتيجيات الشركات، وتبديل الخطط، وإعادة النظر في تصميم المشاريع والمنتجات، وابتكار أساليب تسويق جديدة تقوم على التكنولوجيا بشكلٍ أساسي.

الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب في شركة تطوير مصر أحمد شلبي يكشف في مقابلة مع "أولاً – الاقتصاد والأعمال" عن التأثيرات المباشرة لجائحة كورونا على قطاع العقار في مصر، ملقياً الضوء على سيناريوهات الشركة وأولوياتها في هذه المرحلة.

 

الأضرار المباشرة

 

يرى شلبي أن "الانتشار المتزايد لفيروس كورونا تسبب في تأثر القطاع العقاري بشكل ملحوظ، وأبرز هذه التأثيرات بدأ بتأجيل المعارض العقارية الداخلية والخارجية كافة التي كانت تعتمد عليها الشركات بشكل كبير في بيع منتجاتها، وانتهى بقرارات تنص على تأجيل افتتاح المشاريع القومية للعام 2021 بعد أن كان من المقرر افتتاح معظمها بدءاً من شهر حزيران/يونيو وحتى نهاية العام الحالي، كما إن الإجراءات الاحترازية التي فرضتها الحكومة المصرية في الفترة الأخيرة، من تقليل لعدد العمالة، وفرض حظر التجوال وغيرها من الإجراءات أسهمت في تأثر حركة البيع والشراء لدى الشركات العاملة في القطاعات المختلفة وإحداث تباطؤ عام ومن الطبيعي أن يكون لذلك تأثير على الشركات العقارية".

 

من المنتظر أن تشهد السوق

اندماجات عقارية عدة

 

ويخلص شلبي إلى أنه "من المتوقع أن يكون هناك انعكاس واضح لذلك على الشركات الصغيرة والمتوسطة والتي لا توجد لديها ملاءة مالية كبيرة تمكّنها من الاستمرار في العمل في ظل هذه الظروف الصعبة، فمن المنتظر أن تشهد السوق عدداً من الاندماجات بين الشركات في الفترة المقبلة، لكن الجانب المشرق هنا أن الحكومة مستمرة في دعم القطاع العقاري ودعم استمرارية الأعمال الإنشائية في المواقع، ولذلك ما زال القطاع متماسكاً لكونه العمود الفقري للإقتصاد المصري وتقوم عليه أكثر من 90 صناعة مختلفة".

 

المستقبل للتحول الرقمي

 

يؤكد شلبي أن "الأزمة الراهنة أثبتت أن التحول الرقمي هو المستقبل لأي صناعة أو مجال للتجارة والأعمال حول العالم، فكل القطاعات اتجهت نحو الرقمية لتسيير أعمالها، والسوق العقارية كانت ولا تزال من القطاعات التي تعتمد على التكنولوجيا. في ضوء ذلك، فإن تطوير المدن الذكية لم يعد رفاهية وإنما أصبح ضرورة ملحة، وعلى مستوى الشركات فتنمية البنية التحتية الرقمية للشركات والتي تمكنهم من مباشرة أعمالهم عن بعد وبشكل كامل أصبحت أيضاً مطلباً لا غنى عنه، فالاعتماد على العمل عن بُعد والتسويق والبيع الالكتروني بشكل أساس أصبح أحد أهم المحاور لتنمية القطاع العقاري".

تطوير المدن الذكية

لم يعد رفاهية إنما ضرورة ملحة

 

أما على صعيد تطوير مصر، فيوضح شلبي أن "الشركة تعمل منذ نشأتها على بناء مدن ومجتمعات ذكية ومستدامة بدءاً من البنية التحتية وحتى الخدمات المقدمة في هذه المدن وهذا ليس بشيء جديد لكن بدأنا في الفترة الأخيرة بتكثيف أنشطتنا في ما يتعلق بالبيع والتسويق الإلكتروني فنحن كنا من أوائل الشركات التي اتجهت إلى التسويق الالكتروني في بداية الأزمة لنواكب التغيرات السريعة للسوق"، ويتابع أن "الشركة تتجه بقوة نحو الاستثمار في البنية التحتية الذكية للمدن والمجتمعات التي نعمل على تطويرها، وعلى الرغم من التكلفة المرتفعة لإنشاء المدن والمجتمعات الذكية مقارنة بالتقليدية، إلا أنها تقلل النفقات مستقبلاً في ما يتعلق بالإدارة والتشغيل على مستوى العملاء وكذلك الشركة المسؤولة عن إدارة وتشغيل المشروع، ويمكن أن نرى ذلك بقوة في مشاريعنا الثلاثة في العين السخنة والساحل الشمالي ومستقبل سيتي لوجود بنية تحتية ذكية تمكننا من إدارة مكونات البنية التحتية الداخلية للمشاريع والتي قامت بتنفيذها شركة شنايدر الكتريك، وأيضاً تعاقدنا مع شركة أورنج لتوفير تطبيق ذكي على الهواتف المحمولة لتساعد العميل على التحكم في المكونات الداخلية لوحدته السكنية من كهرباء ومياه وعدادات ودفع فواتير".

 

إستقرار الأسعار

 

عن تقديره لأسعار العقارات في مصر على المدى القريب، يكشف شلبي أن "انتشار فيروس كورونا يثير تساؤلات حول مستقبل الأسعار وأداء الشركات العقارية في ظل تحذيرات من ركود ينتظر المستقبل القريب، ويواجه الطلب على العقارات في الفترة الحالية، تباطؤاً، بسبب مخاوف المواطنين، وحالة عدم الاستقرار نتيجة إجراءات مواجهة المرض، وتحاول الشركات أن تقدم عروضاً وتسهيلات مختلفة للعملاء ولكن من المتوقع أن تظل الأسعار مستقرة خلال الفترة الحالية وذلك بسبب ارتباط أسعار العقارات في مصر بمدخلات التكلفة مثل تكلفة البناء وسعر الأرض والتي تعتبر مستقرة في الفترة الحالية".

 

العقار التجاري أكثر تأثراً من السكني

 

ويعتبر شلبي أن "العقار التجاري هو الأكثر تأثراً في الفترة الحالية نظراً الى توقف دورة العمل في بعض القطاعات وبعض الأنشطة الاقتصادية ما أدى إلى صعوبة التزام بعض الأطراف المختلفة نظراً إلى عدم قدرتهم على سداد التزاماتهم المادية ولكن نحن ننظر الى ذلك على أنه تأثير مؤقت ولكن بشكل عام فالعقار التجاري يمثل مصدر ربحية بالنسبة الى المطور العقاري، إلى جانب أنه يمثل عامل جذب للمدن العمرانية المتكاملة".

ويرى أن "هناك تأثيرات لأزمة كورونا على الشق السكني وغير السكني، فهناك احتمالية حدوث تغيرات في التصميم المعماري الخاص بالوحدات السكنية وطريقة استغلالها، مثال على ذلك إيجاد فراغات جديدة، أو الاهتمام بوجود المساحات الخارجية، وفي ما يتعلق بالشق غير السكني، فسيتم تعديل طرق استغلالها بشكل كبير، ففي الجانب الإداري ستكون الأولوية للمساحات المكتبية الصغيرة، ودعم أنظمة العمل عن بُعد أيضاً، وسيتم تغيير أنظمة الأنشطة التجارية من خلال تطوير تجارب التسوق الإلكتروني من دون الحاجة إلى مراكز تجارية كبيرة وسيكون هناك طلب جديد على المساحات التخزينية مثل مخازن الجملة ومثلها من الانشطة، كما سيتم تغيير مفهوم النشاط الفندقي مع وضع ضوابط جديدة للإقامة بالفنادق". 

 

التأقلم مع كورونا

 

حول أهم تأثيرات أزمة كورونا على الشركة تحديداً، يُفصح شلبي أن "تطوير مصر كانت في مقدم الشركات التي قامت بتغيير نظام العمل بها واتبعت الإجراءات الاحترازية كافة لضمان سلامة موظفيها منذ بداية الأزمة، فبادرت الشركة بتطبيق معايير السلامة للعاملين بمواقع الشركة المختلفة، حيث تمّ تخفيض حجم العاملين بنسبة 50 إلى 70 في المئة في مواقع المشاريع كافة، مع تطبيق كل الإجراءات الاحترازية التي تضمن السلامة للجميع. ويتم تنفيذ ذلك مع الحفاظ على أن تسير الشركة وفقاً للخطة الموضوعة حتى منتصف العام الجاري من دون تغيير، مع دراسة تطورات السوق وفقاً للمتغيرات الجديدة، أما المبيعات فلم تتوقف حتى مع ظهور أزمة فيروس كورونا، إلا أن هناك تراجعاً ملحوظاً فيها عن فترة ما قبل الأزمة وهذا شيء طبيعي بسبب الأزمة العالمية الحالية".

 

كنا في مقدم الشركات

التي غيّرت نظام العمل

 

ويتابع شلبي أن "الشركة حرصت على سداد كل مستحقات موظفيها وجميع الأطراف الخارجية التي تتعامل معها الشركة سواء موردين أو وكالات تسويق وبيع أو مقاولين واستشاريين أو غيرهم، وعلى صعيد التحصيل فمما لا شك فيه أن التزام العملاء بسداد الأقساط بنسبة كبيرة، يلعب دوراً مهماً ورئيسياً في استمرار دورة العمل وارتفاع معدلات التنفيذ في كل المشاريع".

 

ضخ استثمارات جديدة

 

تسير شركة تطوير مصر وفقاً للخطة الموضوعة حتى منتصف العام الحالي من دون تغيير، مع دراسة تطورات السوق وفقاً للمتغيرات الجديدة، بحسب شلبي. فبعد دراسة وافية لمتطلبات واحتياجات العملاء والسوق، "قدمت تطوير مصر مجموعة من المنتجات والمراحل العقارية الجديدة بمشاريعها خلال شهري شباط/فبراير وآذار/مارس، وذلك يتضمن طرح مرحلة The VUES بمشروع "بلوم فيلدز" مستقبل سيتي في بداية هذا العام، بإجمالي ألف وحدة سكنية، وتمّ طرح 250 وحدة منها بالفعل، وتتميز هذه المرحلة بوجود مساحات خضراء تزيد على 10 أفدنة، وتتراوح مساحة الوحدات من 70 حتى 200 متر مربع، وبنظام سداد يصل إلى 10 سنوات، كما إن الشركة تقدم خلال تلك المرحلة منتجات كاملة التشطيب ونصف تشطيب".

إلى ذلك،"أطلقنا مرحلة جديدة داخل مشروع المونت جلالة "ISLA" العين السخنة خلال شهر آذار/مارس وفي بداية الأزمة. فهذه المرحلة تتميز بنماذج ومساحات متنوعة، منها نموذج الـ "تاون هاوس" بمساحات تتراوح ما بين 150 حتى 180 متراً مربعاً، وتتكون من 3 غرف نوم، وفيلّات بمساحات 220 متراً، تتكون من 4 غرف نوم، وشاليهات من 70 حتى 110 أمتار، ونموذج الـ "لوفتس" يبدأ من 70 متراً، والشركة تستهدف استغلال كل المساحات من خلال المصمم الإيطالي الخاص بالمشروع، كما وضعت أنظمة للسداد تتناسب مع جميع العملاء، تصل الى نحو 10 سنوات".

 

سنضخ 220 مليون دولار استثمارات

ونستهدف 375 مليوناً مبيعات

 

ويعتبر شلبي أن "المنتجات الجديدة التي تقدمها الشركة تساعد على تحقيق رواج خلال المرحلة الحالية، وذلك بعد أن وضعنا خطة لضخ 220 مليون دولار في الأعمال الإنشائية للمشاريع خلال العام الحالي، تتضمن 125 مليون دولار في مشروع المونت جلالة، و63 مليون دولار مشروع فوكا بالساحل الشمالي، و32 مليون دولار في مشروع "بلوم فيلدز" مستقبل سيتي، وتستهدف الشركة مبيعات بقيمة 375 مليون دولار خلال 2020. فمن المخطط تسليم ما بين 1800 إلى 2000 وحدة سكنية بمشاريع الشركة خلال هذا العام، وذلك بالتزامن مع بدء الأعمال الإنشائية بمشروع "بلوم فيلدز" مستقبل سيتي"، كاشفاً عن أنه يتم حالياً التفاوض على الحصول على قطعتي أرض بالشيخ زايد والساحل الشمالي، ومن المتوقع الإعلان عنهما خلال هذا العام فور الانتهاء من الإجراءات الحكومية للأراضي".

 

دور الحكومة

 

عن المبادرات الإضافية المطلوبة من الحكومة لتنشيط القطاع العقاري، يكشف شلبي أنه "كمطورين عقاريين نحث الحكومة على توفير المظلة التشريعية والإجرائية لدى الحكومة والبنك المركزي لتيسير عملية البيع الالكتروني المتضمنة اعتماد الأوراق والمستندات والشيكات والتوقيعات بطريقة الكترونية، ذلك إلى جانب ضرورة إيجاد آلية لتسجيل الأراضي والوحدات العقارية و لتسهيل العملية على المطور والعميل معاً، كما إننا نرى أن الشهور الستة المقبلة ستكون أكثر إيجابية بعد عودة الحياة تدريجياً وبعد قرارات مجلس الوزراء بوضع خطة للتعايش مع الأزمة وبعدها يمكن بناء توقعات استناداً إلى مؤشرات حقيقية من خلال البيع وحجم الطلب ونوعيته وطبيعة العملاء أنفسهم، فمما لا شك فيه أن لهذا القرار تأثيراً إيجابياً على القطاع العقاري".

ويتوقع "أن تشهد السوق العقارية إنطلاقة قوية بعد الانتهاء من الظروف الاستثنائية الحالية، وأن يشهد النصف الثاني من العام الحالي مزيداً من الإقبال على العقارات، وتحقيق الشركات العقارية نتائج جيدة في نهاية هذا العام".