عذراً دولة الرئيس استرجاع الخلوي ليس إنجازاً

  • 2020-05-28
  • 09:39

عذراً دولة الرئيس استرجاع الخلوي ليس إنجازاً

  • إياد ديراني

كان لافتاً للإنتباه اعتبار رئيس الحكومة اللبنانية حسّان دياب، أن استرداد "إدارة وتشغيل قطاع الهاتف النقال (الخلوي) والتحضير لمناقصة عالمية"، من بين الإنجازات التي حققتها الحكومة خلال الأيام المئة الماضية، أي منذ نيلها الثقة.

ما يثير الاستغراب في إعلان الرئيس دياب أمران. أولاً، إن النظر إلى قيام وزارة الاتصالات بإنهاء عقد مُنتهي قانوناً على أنه انجاز، مسألة تستوجب التوقف عندها، فالعقد الموقع مع الشركتين المشغلتين انتهى في 31 كانون الأول/ديسمبر 2019، ونحن اليوم في أيار/مايو، وهذا يعني أن لبنان تأخر أكثر من 5 أشهر في تنفيذ مضمون العقد من دون أي مسوغ قانوني أو مبرّر موضوعي، طبعاً حكومة الرئيس دياب ليست المسؤولة عن كل فترة التأخير المتعلقة بتنفيذ مضمون العقد، لأن الحكومة السابقة مدّدت للشركتين في زمن وزير الاتصالات السابق محمد شقير، قبل أن تقوم وزارة الاتصالات في عهد دياب بـ "أخذ وقتها" في اتخاذ قرار استرجاع الإدارة. ثانياً، ذَكَر الرئيس دياب "استرجاع التشغيل" من ضمن الانجازات، لا الإدارة فحسب، وهنا هل تستعدّ وزارة الاتصالات لتشغيل الشبكتين فعلاً؟ وأين هو الفريق الذي سيقوم بالتشغيل؟ وإذا كان الأمر كذلك، لماذا يهتم لبنان بإعادة تلزيم تشغيل وإدارة الشبكتين مقابل عشرات ملايين الدولارات سنوياً؟ 

وقد يكون من المفيد هنا تسجيل أربع نقاط حول "الاسترجاع" وقطاع الاتصالات في لبنان:

أولاً، بموجب العقد المُنتهية صلاحيته، وزارة الاتصالات هي المسؤولة عن الشبكتين منذ 2012 لا الشركتان، إذ كان الانفاق على التشغيل والاستثمار في البنية التحتية لا يمرّ سوى بتوقيع من الوزير. لهذا، الدولة لم "تسترجع" القطاع، بل كان طوال الوقت في "حضنها".

ثانياً، القطاع في هذه اللحظة في أسوأ أيامه، إذ لا تطوير ولا خطط ولا استشراف لتحديات المرحلة المقبلة، هذا مجال يتطلب قرارات سريعة لتبنّي التطوير التقني ومواكبة التغيّرات العالمية والمحلية. ولهذا السبب أصلاً، لزّمت الدولة التشغيل منذ البداية. صحيح أن الفساد يومها نخر عظام القطاع، لكن تسليم القطاع إلى مؤسسات رسمية قد تعاني من فساد، يحوّله إلى "طبخة بحص".   

ثالثاً، غموض وزارة الاتصالات، إذ بعد مرور مئة يوم على نيل الحكومة الثقة، لا تزال رؤية الوزارة لإدارة هذا القطاع الحيوي ضبابية، وليس هناك من خُطة مُعلنة في هذا الخصوص. 

رابعاً، ثمة ملفات عدة جاهزة لـ "الانفجار" في وجه الوزارة خصوصاً بسبب "الارتخاء" الكبير في نشاط قطاع النقال وغياب الاستثمارات الجديدة لتطويره وتفادي التدهور في مستوى الخدمة واحتمال تراجع المداخيل مع تعمق الازمة الاقتصادية والمالية التي يعيشها البلد، فضلاً عن الأزمة المرتقبة مع المورّدين، وثمة لائحة فواتير تتزايد بنودها يوماً بعد يوم للشركات في ذمة الدولة، وكأن هذه الدولة لا ينقصها سوى إضافة المزيد إلى ذمتها.

لائحة النقاط المتعلقة بوضع وأداء هذا القطاع طويلة جداً، وعلى هذا، فإن اعتبار مسألة الاسترجاع إنجازاً، هو أمر غير دقيق، علماً أن اللبنانيين توّاقين إلى الإنجاز أكثر من الحكومة.