هل تخسر شركات الطيران ثقة المسافرين بسبب كورونا؟

  • 2020-05-19
  • 15:30

هل تخسر شركات الطيران ثقة المسافرين بسبب كورونا؟

طلبات الاسترداد بمئات الآلاف ومصيرها مجهول

  • زينة أبو زكي

لم تواجه القطاعات الاقتصادية مشكلات شبيهة بتلك التي واجهتها مع تفشي وباء كورونا، فقطاع الطيران شأنه شأن القطاعات الأخرى يواجه أزمة غير مسبوقة لم تنفع معها كل الإجراءات التي اتخذتها الشركات من إيقاف طائرات وتخفيض تكاليف وتسريح موظفين، حيث تواجه هذه الشركات مشكلة كبيرة تتمثل بالتعويض على المسافرين الذين يريدون استرداد ثمن بطاقاتهم للرحلات التي تمّ الغاؤها أو التعويض عليهم، وفي حين يقدر الاتحاد الدولي للنقل الجوي قيمة استرداد البطاقات بـ 35 مليار دولار، ناشد الحكومات مجدداً أن يتم تأجيل الاستردادات الفورية ومنح الشركات المزيد من الوقت.

طيران الامارات: 500 ألف طلب استرداد

طيران الإمارات كانت أكدت التزامها نحو عملائها وشركائها التجاريين المتأثرين بإلغاء الرحلات، حيث عززت الناقلة مواردها وإمكاناتها لتسريع إنجاز طلبات العملاء لاسترداد أموالهم التي سبق وأن دفعوها لشراء تذاكرهم، واتخذت طيران الإمارات، التي تلقت حتى الآن نحو 500 الف طلب استرداد، خطوات استباقية لبرمجة إجراءاتها النهائية وتعزيز مواردها بهدف تسريع إنجاز معاملات استرداد الأموال، وكانت الناقلة تتعامل قبل الجائحة مع ما معدله 35 ألف طلب استرداد في الشهر الواحد، أما الآن، فإنها تتأهب للتعامل مع 150 ألف طلب شهرياً، حيث وضعت هدفاً لإنجاز جميع الطلبات المتراكمة في حلول مطلع آب/أغسطس المقبل.

 وقال رئيس طيران الإمارات السير تيم كلارك: "نشهد حالياً، كما غيرنا من الناقلات الجوية الأخرى، ظروفاً صعبة، وعلى الرغم من أننا نستنفد احتياطاتنا النقدية لتلبية طلبات استرداد الأموال، إلا أننا نعتبر ذلك واجبنا ونتحمل مسؤوليتنا، ونؤكد لعملائنا وشركائنا التجاريين أننا ملتزمون بتلبية طلباتهم، وأننا نبذل قصارى جهدنا لتسريع إعادة أموالهم".

 وأضاف كلارك:"سهّلنا عملية إعادة الحجز وإلغاء تذاكر السفر، وأكّدنا مراراً أننا نضع عملاءنا على رأس قائمة أولوياتنا دائماً، كما بادرنا إلى التواصل مع العملاء الذين تقدموا بطلبات تغيير الحجوزات أو استرداد الأموال لإطلاعهم على الخيارات الجديدة التي وفرناها لهم".

 أوروبا: العمل على تعليق القانون

أوروبياً، المعركة بين الشركات والمسافرين على أشدها، حيث تسعى معظم دول الاتحاد الأوروبي إلى تعليق العمل بقانون المبالغ المستردة للرحلات الملغاة، إذ تدعم هذه الدول السير في خطوة تدعو بروكسل إلى تعليق القانون. وحثت 12 حكومة المفوضية الأوروبية على تعليق القواعد التي تجبر شركات  الطيران على تقديم كامل المبالغ المستردة بدلاً من القسائم للسفر في المستقبل، وتصدّرت فرنسا وهولندا هذا التوجه الذي تمّ طرحه خلال اجتماع لوزراء النقل الأوروبيين أخيراً، وكانت كل من بلجيكا وبلغاريا وقبرص وجمهورية التشيك واليونان وإيرلندا ولاتيفيا ومالطا وبولندا والبرتغال وراء هذا الطلب أيضاً، كما ضمت ألمانيا وإسبانيا ورومانيا وإستونيا أصواتها دعماً لهذه الخطوة، ويأتي ذلك التوجه وسط غضب الركاب الذين ألغيت رحلاتهم بسبب عمليات تعليق حركة الطيران نتيجة تفشي فيروس كورونا، ولكن لم يتم التعويض عليهم إلا من خلال قسائم.

القانون لم يلحظ أزمة بحجم "كورونا"

وتلزم لائحة EC (الرقم) 261/2004 بسداد التذاكر الملغاة نقداً إذا قرر الراكب ذلك، ما يضع شركات الطيران في وضع صعب حيث تواجه تحدياً خطيراً للتدفق النقدي. "فعندما تمّ وضع اللائحة، لم يكن من الممكن توقع الأزمة العالمية الحالية وتأثيرها على السفر الجوي، واليوم فإن الهدف الذي يتقاسمه الإتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه هو الحفاظ على هيكل سوق الحركة الجوية الأوروبية ما بعد الأزمة الحالية، مع مراعاة مصالح الركاب والحماية اللازمة".

وترى مفوضة النقل في الاتحاد الأوروبي أدينا فاليان أن مثل هذه الخطوة فكرة سيئة. وقالت: "هذا ليس خياراً بالنسبة لي، لا أعتقد أن هذا هو الطريق الصحيح، بل إن على الشركات أن تضع طاقتها وتفكيرها في جعل القسائم أكثر جاذبية إذا أرادت استخدام هذه الأداة بشكل رئيسي، وأن تسمح للركاب بممارسة حقهم في الحصول على تعويض"، ولكن على ما يبدو فإن غالبية دول الاتحاد الأوروبي تدعم هذه الخطوة وستكون هناك أغلبية قوية بما يكفي في المجلس لتمرير التعديل الضروري.

Air France – KLM: لا استرداد على الرغم من الدعم الحكومي

تعدّ شركة Air France-KLM من بين الشركات التي لم تقدم على رد أموال للمسافرين - على الرغم من تلقيها 11 مليار يورو كمساعدة من الحكومتين الفرنسية والهولندية، وكشفت شركة KLM أن اللوائح الحالية لم يتم تصميمها للتعامل مع الظروف الاستثنائية للوباء، وقالت في بيان "تمّ وضع لوائح تحسباً لاضطرابات محلية وقصيرة المدى، لكنه لم يلحظ الحظر والقيود على السفر التي بدأت في الأسابيع الأخيرة، وترى KLM أن إصدار قسيمة قابلة للاسترداد يشكل حلاً عادلاً وتوازناً معقولاً بين حماية ركابها والواقع التشغيلي الذي يجب على كل شركة طيران مواجهته".

المنظمة الأوروبية لحقوق المستهلك: المسافرون لن ينقذوا القطاع

إلا أن المنظمة الأوروبية لحقوق المستهلك BEUC، قالت: لا يجب أن يكون المسافرون هم من ينقذون صناعة الطيران، وقال المدير العام لـ BEUC مونيك جوينز: "إن COVID-19 يضع المستهلكين تحت ضغط مالي هائل، ومن حقهم الحصول على تعويض تكاليف السفر الملغاة أكثر من أي وقت مضى. ومع ذلك ، فقد رأينا أمثلة لا حصر لها على شركات الطيران والسفر التي تقوض حقوق المستهلكين من خلال محاولة دفع الناس لقبول القسائم، مضيفاً: "لا ينبغي أن تجبر الحكومات المستهلكين على تحصيل الفاتورة لإنقاذ صناعة السفر، نحن بحاجة إلى حلول تحمي كلا الطرفين، والتي من دونها يمكن أن تتضرر ثقة المستهلك في صناعة السفر بشكل دائم".

تغيير القواعد بات مطروحاً

يبدو أن هناك اعتقاداً بأن نوعاً من التغيير في القواعد بات الآن مطروحاً، فبالنظر إلى الميزانيات العمومية للعديد من هذه الشركات، من الواضح أنها لا تملك القدرة في الوقت الحالي على رد الملايين بل المليارات للمسافرين.

الخطوط البريطانية 47،400 حجز ما زال معلقاً

وقال رئيس شركة الخطوط الجوية البريطانية ويلي والش إن سداد 47 الفاً و400 حجز ما زال معلقاً، حيث تعرّضت شركات الطيران لانتقادات بسبب فشلها في تعويض المسافرين. وكشف والش إنه تمّ ردّ 921 ألف تذكرة وتقديم قسائم لـ 346 ألف عميل آخر قاموا بإلغاء الحجوزات.

وجاءت أخبار المبالغ المستردة في رسالة إلى لجنة برلمانية حذر فيها من أن قرار حكومة المملكة المتحدة في الحجر الصحي على الركاب قد عرقل خطط الانتعاش لهذه الصناعة.

وقال والش إن شركة الخطوط الجوية الدولية (IAG)، مالكة شركة الخطوط الجوية البريطانية، تعتزم المضي قدماً في خططها لإلغاء ما يصل إلى 12 الف وظيفة حتى بعد تأمين الأموال الحكومية لدفع أجور الموظفين أثناء عدم عملهم. وختم: "يجب أن نعمل الآن على تأمين أكبر عدد ممكن من الوظائف، بما يتفق مع واقع صناعة الطيران المتغيرة هيكلياً في اقتصاد عالمي ضعيف للغاية"، وهنا "أريد أن أؤكد لذلك أننا لن نوقف مشاوراتنا مؤقتاً أو نعلق خططنا".

ويبقى السؤال، هل ستدعم الحكومات شركات الطيران وهل سيبدي المسافرون ليونة تجاه هذه الشركات أم سيساهمون في تفاقم الأزمة؟ المستقبل القريب سيرسم ملامح جديدة للقطاع  والعلاقة المتبادلة بينه وبين عملائه في ظل منافسة ستكون أشرس من السابق بكثير.