الاستثمارات الجديدة في قطاع النفط ضحيّة كورونا

  • 2020-05-14
  • 13:50

الاستثمارات الجديدة في قطاع النفط ضحيّة كورونا

  • حنين سلّوم

دفع انخفاض أسعار النفط الشركات النفطية إلى تخفيض استثماراتها الرأسماليّة للمحافظة على السيولة في ظل تدنّي الإيرادات خصوصاً أنّه من غير الواضح متى سيتعافى الطلب، لكن، لتخفيض الاستثمارات الرأسماليّة تداعيات مختلفة مرتبطة بتعافي الطلب.

قطاع النفط والغاز يخسر 85 مليار دولار من الاستثمارات

دخلت شركات النفط والغاز منذ الربع الأول من سنة 2020 تحدّي البقاء على قيد الحياة لحماية ميزانيّتها وسيولتها من جهة، وضمان حقوق المساهمين ودفع التوزيعات النقدّية من جهة أخرى، واتخذت قرار تخفيض النفقات الرأسماليّة لمواجهة آثار كورونا إثر انهيار الطلب العالمي على النفط والتراجع السريع للاسعار، وقد وصلت تخفيضات الإنفاق الرأسمالي (CapEx) المعلنة إلى نحو 85 مليار دولار في أكثر من مئة شركة نفطية وفقاً لشركة Global Data Energy ، ويبرز الرسم البياني التالي نموذجاً من تغيّر النفقات الرأسماليّة لشركات النفط العالميّة.

ما هي تداعيات خفض الاستثمارات الرأسماليّة؟

إنّ قرار خفض الاستثمارات الرأسماليّة يعني أنّ الشركات تتوقّف عن حفر الآبار الجديدة أو تقلّص عدد الآبار التي يتم التنقيب عنها، وأنّ انتاج النفط ينقسم إلى ثلاث مراحل، الأولى وهي فترة ما قبل الحفر أو pre-drilling وهي المرحلة الأطول والتي تتطلّب ضخ الاستثمارات الأضخم، وقد تستغرق هذه المرحلة نصف العام أو أكثر وهي تشمل نشاطات عدة منها إجراء المسوحات الزلزالية اللازمة لتحديد موقع الحفر الواعد، الحصول على الحق لحفر الأرض وأحياناً الحقوق المعدنية المنفصلة، الحصول على التصاريح المطلوبة والموافقات التنظيمية، إنشاء البنية التحتية مثل بناء طرق الوصول إلى الموقع وتوفير المياه والكهرباء، ونقل جميع المعدات اللازمة للحفر والإنتاج.

المرحلة الثانية وهي الحفر (drilling) تنقسم إلى نصفين، وقد تختلف مدّتها وحجم الاستثمارات المطلوبة وفقاً لطريقة الحفر المختارة وكميّة النفط التي يمكن استخراجها بفعاليّة من حيث التكلفة.

والمرحلة الأخيرة وهي انتاج النفط ونقله، وتتضمّن فصل مواد الخام المستخرجة (مثل الهيدروكربونات السائلة والغاز والمواد الصلبة) وتكرير النفط لإزالة أي شوائب أخرى ليصبح جاهزاً للنقل سواء عن طريق البر أو البحر.  

في المحصلة، قد تستغرق عمليّة استخراج النفط نحو سنة، وأنّ قرار تخفيض الانفاق الرأسمالي قد يكون إيجابياً أو سلبياً وفقاً للسيناريوين التاليين. في السيناريو الأول، لنفترض أنّ البلدان ستواجه موجة ثانية من كورونا، كما هو متوقّع الآن، ما سيعيق الحركة الاقتصاديّة ويحول دون تعافي الطلب قبل الربع الرابع من 2020 أو الربع الأول من 2021، في هذه الحال، تكون الشركات قد اتخذت قراراً صائباً خصوصاً في ظل فائض المعروض الحالي.

أمّا في السيناريو الثاني، في حال تخطّت البلاد أزمة كورونا في الربع الثاني من 2020 وعادت الحياة الاقتصاديّة إلى مجراها بشكل تدريجي وبدأ الطلب يتعافى، قد نجد أنفسنا في الربع الرابع من 2020 أمام نقص في المعروض بما انّ الشركات لا تمتلك الوقت الكافي لإنتاج الكميّة المطلوبة، في هذه الحالة، سترتفع أسعار النفط وقد تعوّض جزءاً كبيراً من خسائر هذه السنة، ولكن ذلك أيضاً مرهون بسرعة تعافي الطلب واستنزاف فائض المعروض الحالي المخزن في البر والبحر، ومن المبكر معرفة تداعيات خفض الاستثمارات الرأسماليّة كونها مرهونة بعوامل عدة غير ثابتة لكنّها ستنجلي بدءاً من الربع الثالث.