القنب الهندي: مداخيل جديدة

  • 2020-05-05
  • 15:27

القنب الهندي: مداخيل جديدة

  • فادي عبود

أقرّ البرلمان اللبناني أخيراً قانون زراعة القنب الهندي (الحشيش) لأغراض طبية، بعد سلسلة نقاشات وتعديلات طرأت على القانون، ويبقى الهدف الأساسي هو تأمين مدخول وواردات جديدة بعد أن فشلت خطة الزراعة البديلة في تنمية المناطق الزراعية وتحسين مستوى إنتاج المزارعين.

بدأت مطالبتي بتشريع الحشيشة منذ العام 2012 بعد أن تقدمت إلى الحكومة بسلسلة واردات لا تثقل كاهل المواطن بالضرائب ومن الممكن أن تغذي الخزينة وتقلص العجز الحاصل، وتعرضت حينها الى حملة استخفاف ونقد للإقتراح، وهجوم شخصي وكأنني أنادي بخراب البلد، علماً أن الزراعة لم تتوقف في البقاع خصوصاً بعد اندلاع الحرب السورية، إلا أنه لا يخفى على أحد أننا في بلد يحب طمر الرؤوس في الرمال والانتظار حتى انهيار الهيكل.

وعندما بدأ يطرح القانون في التداول رفضنا الصيغة السابقة التي كانت تهدف الى استنساخ تجربة الريجي والاحتكار ما سينعكس سلباً على القطاع وتكبيله وعدم الاستفادة من الفرص الكامنة فيه، وكان التخوف الأكبر أن يُعاد اختراع هيئة جديدة على غرار الهيئات التي تمّ ابتكارها وكلنا نعرف نتيجة الاداء والفعالية فيها.

صدر القانون، الا انه برأيي أن القوانين ليست مقدسة وهي وجدت لتنمية المجتمع وليس العكس، وبالتالي يجب أن يكون القانون قيد التجربة وعرضة للتعديل بعد التجربة والاختبار، فهكذا تتطور القطاعات وتنمو عبر القدرة على لمس الثغرات والأخطاء والاستفادة منها وتحسينها للوصول إلى الصيغة الأفضل.

علماً وللأمانة، أن القانون أتى بعقلية مختلفة بعيدة عن الفكر التقليدي في محاولة لتحرير القطاع وإيجاد دور أكبر للقطاع الخاص وتعميم الفائدة على كل الأطراف في الإنتاج من المزارع الى المصنع والمصدر.

إلا أنني أودّ الإضاءة على نقطة مهمة حرصاً مني على الاستفادة القصوى من هذا القطاع لصالح الاقتصاد الوطني وليس لصالح فئة ضيقة من المستثمرين، وتعميم الفائدة على المزارعين تحديداً الذين يرزحون تحت سنوات من الإهمال والفلتان.

علينا التنبه إلى نقطة أساسية، إذ إنه على القانون أن يرعى أولاً الاستفادة من نبتة الحشيش الموجودة محلياً والمعروفة في لبنان وهي موجودة منذ مئات السنين، فلبنان يتميز عن غيره من البلدان التي تزرع هذه النبتة من ناحية مناخه ونوع التربة والبذرة والكلفة التي تبلغ أقل من كلفتها في دول أخرى، وليس استبدالها بأنواع أخرى واستيراد بذور غير مجرّبة في التربة ويمكن أن تسبب الضرر للبذور الزراعية التقليدية المتعارف عليها والمعروفة عالمياً بجودتها.

وأيضاً، أن النسبة الأكبر اليوم من الوصفات الطبية تعتمد على التدخين وهذه السوق الأكثر طلباً، علماً أن المواد الأخرى للأشخاص الذين لا يريدون التدخين فهي أرخص ثمناً ومتوافرة ولا تشكل نسبة كبيرة من هذه التجارة، وهذه تأتي على شكل مراهم وزيوت وحبوب CBD وغيرها، والشركات العالمية سبقتنا بأشواط في إنتاج هذه الأنواع وبالتالي سندخل السوق بقدرة تنافسية ضئيلة، كما إن حصر الإنتاج بهذه الأنواع سيفيد حصراً شركات الأدوية التي ستشتري المحاصيل من المزارعين بأرخص الأسعار لتتمكن من الإنتاج وستكون معرضة إلى تنافس شرس.

أودّ التشديد أن الحشيش اللبناني يمكن أن يستعمل للعديد من الحالات الطبية وللاستعمال الطبي حصراً، وبالتالي علينا الاستفادة من المميزات التنافسية والتفاضلية التي نملكها لتحقيق الأرباح.

ويبدو أن القانون سيسمح بزراعة صنف مغاير لما يتم زراعته حالياً في البقاع، وهذا غير مفهوم، فاذا أردنا أن نحقق مكاسب علينا الالتزام بالصنف الذي يحقق أرباحاً والذي يملك سوقاً خارجية ضخمة، فلماذا التحول إلى أصناف تزرع حول العالم وتباع بأسعار قليلة.

في رأيي، علينا الالتزام بما نقوم به أفضل، زراعة الحشيش اللبناني من بذور محلية وهو النوع المعروف عالمياً وتصديره إلى شركات الأدوية والمستثمرين في الخارج المستعدين لدفع أسعار مرتفعة لقاء هذا النوع اللبناني المعروف بدل البدء من الصفر وزراعة نوع جديد لن يكون له أي جدوى اقتصادية لا على الخزينة اللبنانية ولا على المزارعين.

نحن في مرحلة يجب علينا ألا نخاف من الربح وتحقيق الأرباح، واعتماد الصيغ الأكثر قدرة على إدخال عملة صعبة إلى لبنان وأن نكون أذكياء باستغلال منتجات ننفرد بها عالمياً لا الاتجاه إلى تقليد منتجات لن تحقق الربح.

فادي عبود: وزير السياحة اللبناني السابق