هل انخفاض أسعار النفط خبر جيد للطاقة المتجددة؟

  • 2020-04-05
  • 14:07

هل انخفاض أسعار النفط خبر جيد للطاقة المتجددة؟

كورونا يعرقل تنفيذ مشاريع ويؤجّل أخرى

  • عمر عبد الخالق

الأسبوع الماضي أشار المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول في تقرير صادر عن الوكالة إلى أن انهيار أسعار النفط "سيبطئ بكل تأكيد شهية الدول للتحول نحو الطاقة النظيفة". هذا الكلام يعدّ منطقياً على المدى القصير لأسباب عدة، أولها أن انخفاض أسعار الوقود يجعل المركبات الكهربائية اقل تنافسية، وثانياً إن الأسعار الحالية للنفط ستؤدي إلى تحوّل في تركيز بعض شركات النفط نحو إنتاج الغاز الطبيعي، ما يؤدي إلى انخفاض الأسعار وجعل الطاقة الشمسية والرياح أقل تنافسية كمصادر للكهرباء، ثمّ ثالثاً، فإن اتجاه الدول النفطية الكبرى لتخفيض حجم إنفاقها سيطال بعض القطاعات ومنها الطاقة المتجددة.

لكن على المدى الطويل يسلّط الانهيار الثاني لأسعار النفط في 6 سنوات الضوء على تقلّب الأسواق وأهمية الاستقرار الذي توفره الحلول المتجددة، وقد يكون بمثابة نقطة تحوّل للانتقال نحو الطاقة النظيفة، إذ ستضاعف شركات الطاقة جهودها لتنويع استثماراتها في عالم أصبح عرضة بشكل متزايد للأوبئة والخلافات الجيوسياسية.

وبالفعل، برز تراجع شهية الدول إلى التحول نحو الطاقة النظيفة، كما أشار بيرول جلياً بعد انتشار فيروس كورونا إذ توقعت "بلومبيرغ" تراجع الطلب على الطاقة المتجددة في العام الحالي للمرة الأولى منذ ثلاثين عاماً، موضحةً أن الطلب خلال 2020 سيتراوح ما بين 108 و143 غيغاواط أي بتراجع ما بين 6 و10 في المئة عن العام 2019. لكن وكالة الطاقة الدولية حذّرت من هذا التراجع وشجعت الحكومات على التأكد من أن حزم التحفيز الخاصة بها تشجع مباشرة الانتقال إلى الطاقة النظيفة.

تأجيل مشاريع ومناقصات

وبدأ انتشار فيروس كورونا يؤثر على تنفيذ بعض المشاريع وتأجيل بعضها الآخر، فعلى سبيل المثال أعلنت حكومة الهند، التي تعتمد على الصين في 80 في المئة من الوحدات الشمسية التي تستخدمها، عن قبول طلبات تمديد مهلة بناء محطات الطاقة الشمية وطاقة الرياح بعد أن توقعت "ستاندرد آند بورز" تباطؤ أعمال تركيب منشآت الطاقة المتجددة بنسبة 24 في المئة وخسائر بنحو 2.24 مليار دولار من مشاريع الطاقة الشمسية في الهند وحدها.

كذلك، قام العديد من الحكومات الأوروبية بتمديد المواعيد النهائية لمشاريع الطاقة المتجددة، واتفق قادة الاتحاد الأوروبي على أن خطة الإنتعاش الاقتصادي يجب أن تسير بالتوازي مع خططها لتشجيع "التحول الأخضر".

وبدأت أميركا أيضاً تتأثر في هذا المجال حيث من المتوقع أن تعلن الحكومة قريباً عن تأجيل إنجاز 6 مشاريع لطاقة الرياح بقدرة اجمالية تبلغ 6 غيغاواط كان من المقرر إنجازها في العام الحالي، أما الصين فستشهد وفقاً لـ "ستاندرد آند بورز" تراجع في وتيرة بناء محطات طاقة الرياح بنسب تتراوح ما بين 10 و50 في المئة.

.. وفي الشرق الأوسط 

وفي السياق نفسه، بدأت المشاريع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتأثر أيضاً إذ اعلنت دائرة الطاقة في أبوظبي عن تأجيل إعلان نتائج الشركات الفائزة في مناقصة محطة الظفرة للطاقة الشمسية بقدرة 1.5 غيغاواط، كذلك، أعلنت مصر عن تأجيل طرح مناقصة لمحطة طاقة شمسية في الغردقة، واضطرت شركة "إنترسولار للطاقة المتجددة" المصرية إلى تأجيل تنفيذ أربعة مشاريع للطاقة شمسية في مصر بسبب الخوف من انتشار الفيروس بين الموظفين. والجدير ذكره أن العام 2020 كان سيشهد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أحداثاً رئيسية وهي إطلاق مناقصات لمحطات طاقة متجددة بقدرة 10 غيغاواط، ومنح عقود لمشاريع بقدرة 6 غيغاواط، فضلاً عن إنجاز مشاريع بقدرة 15 غيغاواط.

الصين

وأبرزت كل هذه التطورات دور الصين المحوري في إنتاج الطاقة المتجددة حول العالم حيث أدى إغلاق المصانع وتعطل الإنتاج في المقاطعات الصينية إلى تأخير تصدير الألواح الشمسية والبطاريات التي تستخدم لتخزين الطاقة، ما أثر سلباً على محطات الطاقة الشمسة وطاقة الرياح حول العالم. وتوقعت وكالة "وود ماكينزي" أن يتقلص إنتاج خلايا البطاريات في الصين بنسبة 10 في المئة خلال العام الحالي أي بنحو 26 غيغاواط\ ساعة ما يمثل 7 في المئة من الطاقة الإنتاجية العالمية، هذا إلى جانب تراجع إنتاج التوربينات في إسبانيا وإيطاليا.  

شركات الطاقة المتجددة

ولم تكن الشركات النفطية الضحية الوحيدة في قطاع الطاقة لتفشي فيروس كورونا، بل طالت النتائج أيضاً شركات الطاقة المتجددة فقد أوضح رئيس رابطة صناعات الطاقة الشمسية الأميركية " SEIA" أبيغيل هوبر أن القطاع يعاني للمرة الأولى منذ فترة طويلة من رياح معاكسة تعيق عمل الشركات وتخفض طلب العملاء على الطاقة الشمسية وتعرقل إنجاز المشاريع قيد التنفيذ وتلغي المشاريع والمناقصات الجديدة، إلى جانب نقص العمالة ومجموعة من المشكلات اللوجيستية المرتبطة بتأخير تصنيع المعدات ونقلها بين الدول. وجاء كلام هوبر ضمن رسالة وجهتها الرابطة مع خمس من كبريات الشركات الأميركية إلى الكونغرس لتضمين شركات الطاقة المتجددة في خطط الإغاثة الطارئة للقطاع الخاص، وتوسعة نطاق الحوافز الضريبية للشركات، كما حصل خلال أزمة العام 2009 حيث تم تخصيص 90 مليار دولار لدعم برامج الطاقة النظيفة.

وبالتزامن بدأت شركات طاقة متجددة حول العالم أيضاً المطالبة بحصة لها من حزم التحفيز ومن الإعفاءات الضريبية وإعادة هيكلة الديون وتسهيل فتع الاعتمادات لها والقروض الميسّرة التي تمنحها الدول لمساعدة بعض القطاعات المتعثرة على الصمود، كذلك طالبت الشركات الدول بتمديد مهل تنفيذ المشاريع وإلغاء البنود الجزائية في العقود.

وفي سياق متصل، توقع عدد من المسؤولين في شركات إنتاج السيارات الكهربائية تباطؤ الطلب على هذه السيارات بنسبة 4 في المئة خلال العام الحالي.