قطاع الفنادق: بين مطرقة كورونا وسندان الخسائر

  • 2020-03-30
  • 17:26

قطاع الفنادق: بين مطرقة كورونا وسندان الخسائر

تراجع الحجوزات بنسبة 80 في المئة ونسب الإشغال تتدنى إلى 10 في المئة

  • زينة أبو زكي

هي الفنادق، الحلقة الأضعف في سلسلة القطاعات الاقتصادية المتضرّرة نتيجة الاجراءات التي اتخذتها الحكومات للحدّ من انتشار فيروس كورونا المستجد. فهذا القطاع شأنه شأن القطاعات السياحية الأخرى يعتمد بالدرجة الأولى على الأمن والأمان اللذين فقدا مع انتشار كورونا، وذلك فضلاً عن ارتباطه الوثيق بقطاع الطيران الذي شلت حركته بالكامل.

 لطالما كان قطاع الفنادق يعوّض خسائره في ظل الأزمات العالمية بالسياحة الداخلية، إلا أن الأزمة هذه المرة لم تستثن أحداً، فالخوف من الاصابة بالفيروس القاتل شلّ كل مفاصل الحياة، وبالتالي حرمت الفنادق من أبسط مقوماتها المتمثلة بالسوق المحلية إن بالنسبة إلى السياحة الداخلية أو استضافة الاجتماعات والمؤتمرات والمناسبات الاجتماعية.

مع بداية انتشار كورونا في الصين في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أعلنت فنادق الصين ولا سيما في المدن الرئيسية مثل "شنغهاي" و"بيكين" انخفاض النشاط الفندقي بنسبة 65 في المئة. بدورها، بدأت أوروبا تلمس الانخفاض في نسب الإشغال بين شهري كانون الثاني/ يناير وشباط / فبراير من العام الحالي، فخلال هذين الشهرين قدّرت خسائر أوروبا بمليوني ليلة فندقية ترجمت بخسائر مالية فاقت المليار يورو شهرياً، ليزداد الوضع سوءاً مع إعلان إيطاليا أوائل الشهر الحالي الحجر الصحي الذي طال 16 مليون شخص، إذ قدّر أحد الخبراء الدوليين أن تفوق خسائر الفنادق عالمياً 30 مليار دولار.  

الفنادق العالمية تخفيض الرواتب ومنح إجازات غير مدفوعة

ومع انتقال الأزمة إلى الولايات المتحدة الأميركية، قدّرت الجمعية الأميركية للفنادق والإسكان "AHLA"، خسائر الفنادق الأميركية بنحو 2.4 مليار دولار من إيرادات الغرف، مع تقديرات بخسارة أكثر من 200 مليون دولار من إيرادات الغرف يومياً في المستقبل.

وفي ظل هذه الأزمة، ومع انخفاض نسب الإشغال وبالتالي العائدات، بدأت الشركات الكبرى مثل "ماريوت" و"هيلتون" إتخاذ الإجراءات التي من شأنها المحافظة على مسيرة الشركة ومنها إعفاء كبار المدراء من رواتبهم وخفض رواتب المدراء في المستويات الإدارية الوسطى ومنح بعض الموظفين إجازات غير مدفوعة تمتد إلى 90 يوماً. وفي هذا السياق، قال الرئيس التنفيذي لـ "ماريوت آرن سورينسون": "إن الأزمة الحالية خفّضت عائدات الشركة إلى مستوى لم نشهد مثله من قبل لا خلال الحرب العالمية الثانية ولا أحداث 11 أيلول/ سبتمبر ولا أي أزمة تاريخية أخرى، إذ انخفض سعر سهم ماريوت من 150 دولاراً في منتصف شباط/ فبراير إلى 75 دولاراً الآن".

الشركات العالمية الأخرى مثل "انتركونتيننتال" و"آكور" إتخذت بدورها إجراءات مماثلة، كما تبحث هذه الشركات في إغلاق بعض من منشآتها كلياً حتى تتضح الصورة. وأشارت مصادر إلى أن "انتركونتيننتال" تأمل توفير 150 مليون دولار من خلال عصر النفقات إلى الحدّ الأقصى بما في ذلك رواتب كبار الموظفين. وفي ما كشفت الشركة العالمية لأبحاث قطاع الضيافة STR أن نسب الإشغال انخفضت في الفنادق حول العالم منذ اوائل شهر آذار/مارس الحالي ما بين 24.5 إلى 53 في المئة مقارنةً بالفترة ذاتها من العام الماضي، راجعت الشركات العالمية سياسات إلغاء الحجوزات لديها وجعلت معظمها مجانية للمحافظة على ولاء النزلاء.

الفنادق تواجه كورونا باستضافة الطاقم الطبي

وأطلقت الجمعية مبادرة "Hotels for Hope" ، وهي قاعدة بيانات وطنية لربط العقارات الفندقية بالمجتمع الصحي، بهدف مساعدتهم على تلبية مطالبهم. وقال المدير التنفيذي لجمعية "AHLA"، شيب روجرز، لـ:CNN  " لدينا الكثير من الفنادق الشاغرة في الوقت الحالي نظراً إلى عدم وجود الضيوف، لذا، نعتقد أنه إذا استطعنا تقديم قائمة من الفنادق، سيكون ذلك مفيداً حقاً للجميع"، وأضاف:" إن أكثر من 7 آلاف و500 فندق في أنحاء البلاد عبّرت عن اهتمامها بذلك، وان لديها البنية والعمال لتقديم تجربة مشابهة للمستشفى"، كما سخّرت العديد من الفنادق إمكاناتها لخدمة القطاع الطبي في مختلف المناطق في الولايات المتحدة الأميركية، مثل فنادق "The Four "Seasons".

كورونا يهدّد فنادق المنطقة

لا تختلف حال الفنادق في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن مثيلاتها في دول العالم، حيث إن نسب الإشغال انخفضت إلى 10 في المئة وفي بعض الدول إلى الصفر، إذ سجّلت معظم فنادق المنطقة تراجعاً بالحجوزات بلغ 80 في المئة مقارنةً بالفترة السابقة. ففي مصر، طالب رئيس مجلس إدارة شركة أوراسكوم للفنادق والتنمية سميح ساويرس بضرورة تقديم حزمة دعم مالية وأجور إستثنائية للعاملين في قطاع السياحة والفنادق أسوةً بدول العالم، مشيراً إلى أن هؤلاء يشكلون عاملاً أساسياً في الدورة الاقتصادية.

الحدّ من الخسائر والحفاظ على الموظفين

وبدأ الوباء يشدّد ضربته القوية لفنادق دبي، إذ بدأ بعض الفنادق بإغلاق أبوابه وهبطت معدلات الإشغال إلى ما دون 10 في المئة في فنادق أخرى. وعلى سبيل المثال، كشفت إعمار للضيافة أخيراً عن  تعليقها الحجوزات في ستة من فنادقها، في حين تقدم شركات فندقية أخرى عروضاً خيالية بأسعار الفنادق توازي أسعار الشقق السكنية العادية في محاولة منها للحدّ من الخسائر، وكشف عدد من السلاسل العالمية أنها بالفعل أغلقت مؤخراً بعض منشآتها في المنطقة بهدف الحدّ من الخسائر. وفي إطار خفض النفقات التشغيلية، قدمت الفنادق مجموعة من الخيارات منها الطلب من الموظفين الحصول على إجازاتهم السنوية في هذه الفترة بحيث تكون الفنادق بكامل طاقتها البشرية مع إنطلاقة معرض اكسبو دبي 2020، في حين قامت فنادق اخرى بإعطاء إجازات من دون راتب حتى الانتهاء من هذه الأزمة. من جهته، قال رئيس مجلس إدارة شركة روتانا ناصر النويس، إنه على الرغم من الوضع الاستثنائي الذي يعيشه العالم، تسعى المجموعة جاهدة  إلى احتواء الأزمة وضمان استمرارية العمل لكل فرد من أفراد عائلة روتانا، مشيراً إلى أن المجموعة مستعدّة لتقديم الدعم الكامل وتضع إمكاناتها كافة في تصرف الجهات المعنية لمكافحة فيروس كورونا المستجد وحماية جميع من على هذه الأرض الطيبة.

الأردن: استخدام الفنادق للحجر الصحي

إستعانت الحكومة الأردنية بفنادق الخمس نجوم لتحجر على نحو 5200 مواطن أردني عادوا إلى الأردن من مختلف دول العالم، وذلك بهدف الحدّ من انتشار الوباء في الأردن. ومما لا شك فيه، أن الخطوة لاقت إستحساناً لدى المواطنين الذين أشادوا بخطوة الحكومة، وتمّ اعتمادها في ما بعد من قبل دول أخرى في المنطقة، إلا أن جمعية الفنادق الأردنية لم تخف معاناة القطاع، إذ دعا رئيس الجمعية عبد الحكيم الهندي إلى دعم القطاع الفندقي من خلال تخفيض الضرائب على القطاع وتأخير سداد القروض المتوجبة عليه لمواجهة الخسائر والأضرار خلال فترة الأزمة والتي تصادف مع أشهر الذروة السياحية في الأردن.

كما ناشد نقيب أصحاب الفنادق في لبنان بيار الأشقر دعم الحكومة للقطاع الذي يعاني منذ سنوات والذي أتت كورونا لتقضي على ما تبقى له من قدرة على الصمود، وطالب الأشقر بإعادة برمجة ديون المؤسسات السياحية لدى المصارف مع إعطائها فترة سماح وإعادة النظر بالضرائب والرسوم مع إلغاء الغرامات كلياً مع فترة سماح لسنة تبدأ مع انحسار الأزمة وانطلاق العجلة السياحية والاقتصادية.

الفنادق هي الأخرى تستغيث، فهل تكفي الإجراءات المتخذة كي تتمكن الفنادق من المواجهة أم شأنها شأن شركات الطيران تتطلب دعماً، ولكن هل تستجيب الحكومات، علماً أن معظم المؤسسات الفندقية هي استثمارات خاصة؟