هل تسرّع أزمة كورونا التحول الرقمي في المصارف؟

  • 2020-03-25
  • 13:50

هل تسرّع أزمة كورونا التحول الرقمي في المصارف؟

  • دائرة الأبحاث

توجهت المصارف العالمية والعربية خلال السنوات القليلة الماضية إلى تبني أساليب جديدة من التواصل مع العملاء ترتكز على التكنولوجيا الرقمية.

وتسارعت خطوات التحول في الدول الغربية، في حين أعلن بعض المصارف العربية عن دخوله مرحلة التحول الرقمي من بابها الواسع، فعلى سبيل المثال لا الحصر، خصص "الإمارات دبي الوطني" مليار درهم لهذا الغرض، وأعلن "بنك المشرق" عن توجهه لإغلاق نصف عدد الفروع خلال ثلاث سنوات ضمن خطته للتحول الرقمي، في حين عمدت "مجموعة ABC" إلى انشاء منصة الكترونية مستقلة، كما أطلق بنك الخليج الدولي منصة "ميم" الرقمية، في حين يستعد مستثمرون لاطلاق منصات مصرفية جديدة بعد اتاحة مصارف مركزية لتراخيص مخصصة لهذا الغرض.

وتهدف المصارف من هذا التحوّل إلى تخفيف الأعباء التشغيلية، بما فيها تكاليف الموظفين والايجارات وغيرها، في مقابل حصولها على مرونة أكبر للانتشار جغرافياً والتوسع في تقديم خدمات جديدة.

إلا أن الانتقال إلى الرقمية دونه تحديان أساسيان يمنعان المصارف من تسريع وتيرة التحول، وهما الحفاظ على العلاقة مع الزبائن لا سيما التقليديين منهم، والحاجة إلى ضخ استثمارات كبيرة تتعلق بشراء البرامج اللازمة وتأهيل الموظفين والتسويق.

وفي حين يعتبر ضخ الاستثمارات مرتبط بإرادة البنك وقدرته حصرياً، فإن العامل الآخر يرتبط بمعطيات اجتماعية تخرج عن إرادة المصارف. فمثلاً قد يعتبر بعض الزبائن أن نقل الخدمات لتصبح الكترونية فقط يخالف ما اعتادوا عليه سابقاً ويفضلون الإبقاء على طريقة تواصل مباشرة مع الموظفين ومديري الأقسام لا التواصل من خلال البرامج الرقيمة. وعليه، قد يخسر المصرف عدداً من زبائنه القدامى في حال قرر نقل بعض الخدمات المقدمة لتصبح الكترونية فقط، لكن، مع انتشار فيروس كورونا السريع ولجوء الناس إلى ملازمة منازلهم ورغبتهم في الابتعاد عن الأماكن المكتظة وأماكن التجمعات، بات من السهل على زبائن المصارف تقبل فكرة التعاملات الالكترونية، لا بل أصبح العملاء يطالبون مصارفهم بتقديم  بعض خدماتها رقمياً.

لذا، باتت المصارف مجبرة على تسريع وتيرة التحول الرقمي والذي أصبح أساسياً لمواجهة مخاطر مستقبلية غير منظورة مثل ما يحدث حالياً في زمن الكورونا، وإذا عدنا إلى تاريخ القطاع المصرفي وتطور القوانين الناظمة له، يتضح أن معظم التطورات التنظيمية جاءت بعد أزمات حادة، ولعل أبرز مثال على ذلك الأزمة المالية العالمية في العام 2008 وما رافقها من تشريعات وتنظيمات، مثل بازل 3  لزيادة قدرة المصارف المالية على مواجهة التحديات المستقبلية، فهل تؤسس أزمة كورونا لتعديلات جوهرية في القوانين الناظمة لعمل المصارف وتحدد لها فترات زمنية للانتقال إلى الرقمية؟