هل تحمي المنتجات البلاستيكية من الإصابة بـ "كورونا"؟

  • 2020-03-17
  • 08:03

هل تحمي المنتجات البلاستيكية من الإصابة بـ "كورونا"؟

  • كريستي قهوجي

اتجهت دول عدة إلى الحد من استخدام المواد والمنتجات البلاستيكية لدى المواطنين، في ظل عدم قابلية هذه المواد على التحلّل الحيوي وصعوبة إعادة تدويرها، فضلاً عن اعتماد النفط كمادة أساسية في تصنيعها. وعلى الرغم من التوصيات المتوالية بعدم استخدام المواد البلاستيكية، فإن البلاستيك دخل في غالبية المنتجات الصناعية والتجارية، من دون اكتراث لا من قبل الشركات المصنعة ولا من جانب العديد من الحكومات، والتي لم تحرّك ساكناً، إن لم يكن لمنع، فبالحد الأدنى التقليل من استخدام هذه المادة التي تشكّل خطراً كبيراً على البيئة والإنسان.

منذ الأول من كانون الثاني/ الماضي، منعت فرنسا مواطنيها من استخدام الألواح والأكواب والسكاكين البلاستيكية ذات الاستعمال الواحد واستبدالها بأخرى صديقة للبيئة، فيما انضمت نيويورك إلى قائمة الدول المانعة للبلاستيك فحظّرت توزيع أكياس التسوق البلاستيكية منذ بداية شهر آذار/مارس الحالي. ثم جاء إعلان بريطانيا، أو الأصح، قرارها بفرض حظر على القش والمواد البلاستيكية بدءاً من شهر نيسان/أبريل المقبل.

إلى الدول والمدن التي اتخذت قرارات بمنع استخدام البلاستيك، بدأ بعض الشركات العالمية بتقليص انتاجه من المواد البلاستيكية حيث وضعت شركة "كوكا كولا"، التي تنتج 117 مليار عبوة بلاستيكية سنويا، خططاً لتخفيض  كمية الانتاج واستبدالها بمواد أخرى صديقة للبيئة.

وفيما تحاول الدول والمدن والشركات شنّ حملة ضد البلاستيك، إلا أن فيروس كورونا كان له رأي آخر، ففي الوقت الذي كان الجميع ينتظر فيه أن يكون العام 2020 مصيرياً بالنسبة إلى الحد من استخدام المواد والمنتجات البلاستيكية، فرض الذعر من كورونا اتجاهاً آخر، وقد تمثّل بالإقبال الكبير على شراء المنتجات البلاستيكية، خصوصاً أدوات الطعام والمنتجات الطبية والقفازات والكمامات، ظناً من الناس بأن استخدام هذه المواد لمرة واحدة ثم رميها يقيهم شر الإصابة بعدوى الفيروس، وهذا أمر أثار جدلاً واسعاً تحديداً في صفوف الناشطين البيئين الذين لم يعجبهم هذا الأمر على الإطلاق.

خلاف في وجهات النظر بين مؤيدين

ومعارضين لاستخدام البلاستيك

يشير تقرير نشرته منظمة "بلومبيرغ إن إي أف" الاسبوع الماضي إلى أن المخاوف لدى معارضي استخدام البلاستيك قد تكون صحيحة في المدى المنظور، خصوصاً وأن الحاجة إلى التعقيم والمحافظة على نظافة الأطعمة من جراء انتشار "كوفيد-19" ستؤدي إلى زيادة استخدام الأغلفة البلاستيكية في تغليف الطعام، وبالتالي إلى تقويض عمل الشركات التي تعمل على تقليص انتاج منتجات البلاستيك. كما تظهر دراسة أخرى نشرت في مجلة "Infection Hospital" أن فيروس "كورونا" يستطيع أن يعيش لمدة 9 أيام على الأسطح البلاستيكية في ظل درجة حرارة الغرفة، ما يؤدي الى ارتفاع نسبة انتقال العدوى بشكل كبير الى الاشخاص ويشكل تهديداً على حياتهم. من جهة ثانية، يشدد أنصار هذه النظرية على ضرورة استخدام مواد بديلة عن البلاستيك تكون صديقة للبيئة، حيث يقول عضو فريق المناخ والطاقة في مركز القانون الدولي ستيف فيت إنه يتوجب على دول العالم صناعة المنتجات من مواد بديلة والأخذ بعين الاعتبار كل الأضرار التي يتسبب بها البلاستيك في مطامر ومحارق النفايات. من جهتها، تقول مديرة مشروع " Beyond Plastics " في الولايات المتحدة الأميركية جوديث إنك إن استخدام الأكواب ذات الاستعمال الواحد قد لا يكون رادعاً لانتقال فيروس "كورونا" الى الأشخاص خاصة بعد أن منعت سلسلة مقاهي "ستاربكس" الأميركية روادها من استخدام أكوباً صالحة للاستعمال والسماح لهم باحتساء القهوة الشهيرة بأكواب بلاستيكية أو صديقة للبيئة ترمى بعد استخدامها لمرة واحدة.

وفي مقابل المعارضين لاستخدام البلاستيك باعتبار أنه من المواد التي تشكل خطراً على البيئة، ثمة من يرى أن هذه المادة لعبت دوراً أساسياً في وقاية الإنسان من بعض أنواع الأمراض التي تنتقل بالعدوى، خصوصاً من ناحية استخداماتها الطبية عبر استخدام القفازات الجراحية ذات الاستعمال الواحد والمحاقن وأقلام الأنسولين والأدوات الخاصة بعمليات قسطرة القلب. وفي هذا المجال، تقلل جمعية صناعة البلاستيك ومجلس الكيمياء الأميركي "ACC" من خطر اصابة المرضى بالفيروسات على كافة أنواعها. وعلى الرغم من تحذيرات أطباء أميركيين حول عدم جدوى استخدامها، فإن طلبات شراء أقنعة الوجوه المصنوعة من البلاستيك، ارتفعت بشكل كبير حول العالم حتى وصلت ببعض الصيدليات إلى إعلان نفاذها من قفازات اللاتكس بشكل واسع. من جهة أخرى، ساهم انخفاض أسعار النفط عالمياً نتيجة الصراع بين روسيا والسعودية مؤخراً بزيادة صناعة المنتجات الطبية البلاستيكية وبيعها بشكل كبير في الأسواق العالمية.

بدورها،  ترى منظمة "بلومبرع إن إي أف" إنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان فيروس "كورونا سيؤثر على طلبيات البلاستيك بشكل عام إلا أنها توقعت أن أي ارتفاع محتمل سيكون مؤقتاً وستكون إيرادات شركات الصناعة ثابتة الى حد ما، متوقعة ألا يكون لهدا الطلب المتزايد تأثير كبير على طلبات البلاستيك في المستقبل.

من ناحيتها، تشدد جمعية صناعة البلاستيك على أن القطاع يعمل على حصول المرضى على الرعاية الصحية اللازمة ومشيرة الى ان استخدام المادة تحميهم من كل انواع الامراض والفيروسات وخاصة "كوفيد 19". وأشارت إلى أن الجمعية على أهبة الاستعداد لمساعدة السلطات الصحية في جميع انحاء العالم لمكافحة فيروس كورونا والتأكيد لها بأن كل المواد والمنتجات تقي المرضى من انتشار الفيروس"

في المحصلة، يعيش فيروس كورونا على أسطح المواد البلاستيكية وغير البلاستيكية وبالتالي يستطيع ان ينتقل بسرعة الى الاشخاص بعد لمسهم لتلك الأسطح بشكل كبير. ومن غير المفيد الجدل الحصل حول مدى قدرة المواد البلاستيكية من عدمها على حماية الناس من "كوفيد19" وبالتالي يجب احتوائه بكل الوسائل الممكنة.