الأزمة الاقتصادية في لبنان: الفنادق خاوية!

  • 2020-03-04
  • 07:10

الأزمة الاقتصادية في لبنان: الفنادق خاوية!

  • كريستي قهوجي

"كمن ينتظر نزيلاً من غيمة".. هكذا هي حال الفنادق اللبنانية منذ شهور. تكافح للاستمرار في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية، التي تفاقمت آثارها بفعل المخاوف من انتشار فيروس كورونا، ما حرم الفنادق، المنكوبة أصلاً، من نزلاء جدد حتى وإن كانوا على شكل عابري سبيل.  منذ العام الماضي القطاع ليس على خير ما يرام. إيرادات الفنادق تراجعت 80 في المئة. الإشغال تراوح بين نسبتين 8 و 15 في المئة منذ تشرين الثاني/أكتوبر الماضي. عطلتا الميلاد ورأس السنة مرتا مرور الكرام، والنتيجة: فنادق خاوية!

 

 

 

الأشقر: الوضع الفندقي في لبنان كارثي

الانخفاض الحاد في نسب الإشغال، وتراجع الإيرادات، دفع بالمعنيين إلى إعلاء الصوت، فلا أعياد تعوّض النقص، ولا مزاج للناس في ارتياد الفنادق. السياحة الخارجية شبه معطّلة، والازمة تشل القطاع وتحرمه من مداخيل كان قد عقد عليها آمال الاستمرار. وفي هذا السياق يشير نقيب أصحاب الفنادق في لبنان بيار الأشقر إلى أن الفنادق كانت تعوّل على فترة عيدي الميلاد ورأس السنة للتعويض عن هذا التراجع في نشاطها إلا أن الواقع كان أليماً، موضحاً أن أسعار الغرف بدأت تتدهور وهذا مؤشر خطير للاستمرارية، ولافتاً النظر إلى أن خسائر القطاع متفاوتة مع غياب واضح للأرقام. الى ذلك، تعمد معظم المؤسسات الفندقية إلى إقفال أبوابها بشكل جزئي أمام الزبائن واتخاذ إجراءات قاسية. ويشير الأشقر الى ان معظم الفنادق تقوم بإغلاق عدد من غرفها وبتقلّيص واضح لخدماتها الأساسية، ومتوقعاً أن تقفل الفنادق بشكل نهائي في حال استمر الوضع على ما هو عليه.

ترتبط الفنادق بمؤسسات عالمية تعنى بالحجوزات عبر الانترنت منذ فترة طويلة لاجتذاب سياح عرب وأجانب. وفي هذا الاطار، يوضح الأشقر أنه في حال قررت الفنادق الاقفال لفترة معينة وإعادة فتح أبوابها سيؤدي ذلك الى خروجها من التعامل مع تلك الشركات وتكبدها مبالغ طائلة.

حال التدهور التي يعيشها القطاع تعود إلى العام 2018، إذ تظهر دراسة قامت بها نقابة أصحاب الفنادق أن إيرادات هذه المؤسسات انخفضت وقتذاك  بنسبة 40 في المئة عما كانت عليه خلال العامين 2009 و2010. ويضيف الأشقر على الدراسة قائلاً: "نسبة الإيرادات تراجعت منذ العام 2019 وحتى اليوم إلى أن وصلت لـ 80 في المئة عما كانت عليه في السابق"، معتبراً أن مشكلة لبنان ليست فقط اقتصادية بل سياسية وان ما سرّع وتيرة الانحدار المالي والاقتصادي منذ العام 2014 هو الصراعات السياسية في البلاد.

صالحة: "فينيسيا" معتاد على الصدمات الاقتصادية منذ افتتاحه

من جهة أخرى، يرى رئيس مجلس ادارة فندق "فينيسيا" في بيروت مازن صالحة أن الأزمة الاقتصادية الراهنة تؤثر بشكل كبير على السياحة عامة وعلى الفنادق خاصة، كاشفاً أن نتائج هذه الأزمة أدت إلى انخفاض نسبة امتلاء الغرف في الفندق خلال شهر كانون الثاني/يناير الماضي إلى 20 في المئة علماً أن النسبة في العام 2019 بلغت حدود 60 في المئة.

ويتوقع صالحة ألا تتعدى نسبة الاشغال 25 في المئة خلال الربع الأول من العام 2020، موضحاً أن هذا الامر يعتبر كارثة لفندق يحتوي على 461 غرفة وجناح بالإضافة إلى "الريزيدنس سويت" المؤلف من شقق مفروشة يبلغ مجموعها 100 غرفة إضافية.

ويضيف ان إدارة الفندق أصبحت معتادة على الصدمات الاقتصادية منذ افتتاحه في العام 2000، موضحاً أنها حضّرت عدّة سيناريوهات، في هذا الاطار، للحد من الخسائر منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

وحول الإجراءات التي اتخذها الفندق لمواجهة الازمة، يلفت صالحة النظر إلى أن الإدارة حدّت من استهلاك المواد الغذائية في المطاعم والمقاهي، ووفرت قدر الإمكان في استهلاك الطاقة وخاصةً في المطابخ والصالات العائدة للحفلات، كما قلّصت عدد الموظفين ليتماشى مع نسب الاشغال المقدرة للعام 2020، مضيفاً أنه تم إرسال عدد كبير من الموظفين والمدراء إلى الخارج للانضمام إلى فنادق أخرى ضمن مجموعة "IHG " لفترة مؤقتة.

ويعتبر أن مثل هذه الإجراءات محددة بوقت زمني ولا يمكن لأي مؤسسة تجارية أن تستمر لمدة أكثر من 6 أشهر ما لم يتبلور وضع لبنان الاقتصادي وتعود الثقة إلى الميزان التجاري للبلد إضافةً إلى إعادة الثقة بالمصارف اللبنانية.

القوبا: تراجع أعمال "البريستول" بنسبة 60 في المئة والخسائر كبيرة

إلى ذلك، يعاني قطاع الفنادق في لبنان من فقدان اليد العاملة المتخصصة التي توجهت نحو الدول العربية ما أثّر على نوعية العمل والخدمات المقدمة. وفي هذا الاطار، يرى المدير العام لفندق "البريستول" في بيروت جوزيف القوبا أن الوضع السياحي كان مثمراً خلال العام 2019، حيث عمل مع فريق الفندق على تحسين نوعية العمل وإعادته الى الطريق القويم حتى بدء الثورة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

وحالُ فندق "البريستول" كحال كل الفنادق التي تقع في وسط بيروت بحكم قربه الجغرافي من المنطقة الامر الذي جعله يتأثر بالوضع الاقتصادي بشكل كبير. ويرجع القوبا الامر لعدة أسباب أبرزها: انخفاض عدد حجوزات الزبائن (Free Independent Travelers) عبر المواقع الالكترونية حول العالم من 2000 حجز الى 300 حجز شهرياً بسبب الخوف، بالإضافة الى انخفاض وتيرة العمل مع المجموعات الخارجية المنظمة لرحلات الى لبنان من إيطاليا واسبانيا وفرنسا وتوجهها نحو بلدان أخرى، تفشي فيروس "كورونا" بشكّل كبير حول العالم وأزمة الدولار والمصارف، موضحاً أن لبنان أصبح خارج الخارطة السياحية.

ويؤكد أن الاعمال في الفندق تراجعت بنسبة 60 في المئة وأن الخسائر كبيرة ولا يمكن تحديدها خاصة وأن المدخول الشهري يبلغ 150 الف دولار في مقابل دفعه رواتب بقيمة 300 الف دولار مع غياب الأرباح، مع عدم احتساب مصاريف الطعام والشراب.

وحول الإجراءات المتخذة لمواجهة الازمة، يوضح أن إدارة الفندق عمدت إلى التوفير في مصاريفها مع غياب المداخيل واستخدام المنتجات اللبنانية في المأكولات التي تقدّمها، والى خفض الرواتب بنسبة 50 في المئة لعدد من الإداريين مع المحافظة على رواتب الموظفين الآخرين.

شيخاني: نتوقع استمرار عمل الفنادق لـ6 أشهر

وفي إطار متصل، تطال الازمة الاقتصادية فنادق البقاع حيث يعمد عدد كبير منها الى العمل بشكل جزئي. وفي هذا الصدد، يؤكد صاحب فندق "سان جان" في زحلة ريشار شيخاني إلى أن الوضع بات كارثياً وينذر بالأسوأ، موضحاً انه يتكبّد خسائر بنحو 40 الف دولار أميركي منذ بداية الازمة.

وحول الإجراءات التي اتخذها للاستمرارية، يكشف إنه خفّض عدد الموظفين واستخدم سياسة التوفير في خدمات الكهرباء والماء، مشيراً إلى أن الحركة السياحية توقفت بشكل كامل في المنطقة.

ويشي انه جرى التواصل مع النقابات السياحية المعنية، لافتاً النظر إلى أنها لا تمتلك الحلول المطلوبة الا من خلال توفير المصاريف، متوقعاً ان تستمر الفنادق في عملها لمدة لمدة 6 اشهر في حال بقي الوضع على ما هو عليه.