أعوام ومليارات الدولارات لإعادة اعمار ما دمره زلزال تركيا وسوريا في دقيقة

  • 2023-02-10
  • 11:00

أعوام ومليارات الدولارات لإعادة اعمار ما دمره زلزال تركيا وسوريا في دقيقة

  • أحمد عياش

 

ما قبل فجر السادس من شباط/فبراير الحالي ليس كما بعده في تركيا وسوريا. فالزلزال استمر دقيقة واحدة وضرب البلديّن بقوة 7.8 درجات في الساعات الأولى من صباح ذلك اليوم، وتحديداً مدينة غازي عنتاب الكبيرة في جنوب شرق تركيا. وأعقب ذلك بعد أقل من 10 ساعات هزة ارتدادية بقوة 7.5 درجات إلى الشمال من غازي عنتاب، وبالإضافة إلى تأثيره على تركيا والمواطنين الأتراك، فقد ضرب الزلزال قلب منطقة حدودية يقطنها ملايين اللاجئين السوريين.

 

قد يهمك:

زلزال تركيا وسوريا: القطاع الخاص الكويتي يواكب المساعدات الرسمية

 

 

إعادة الإعمار ستشكل ضغطاً على ميزانية تركيا



عند إعداد هذا المقال كان عدد القتلى الذي جرى احصاؤه قد تجاوز العشرين الف قتيل وهو مرشح للارتفاع بسبب استمرار عمليات رفع الأنقاض في آلاف الأبنية التي دمرها الزلزال. ولحقت أضرار جسيمة بآلاف المباني، بما في ذلك المنازل والمستشفيات والطرق وخطوط الأنابيب وغيرها من البنى التحتية، في المنطقة التي يعيش فيها نحو 13.4 مليون شخص. وبينما يقول المسؤولون إن حجم الدمار لم يتضح بعد، فإنهم يعتقدون أن إعادة البناء ستشكل ضغطاً على ميزانية تركيا. وقال مسؤول كبير لـ "رويترز": "ستكون هناك أضرار بمليارات الدولارات"، مضيفاً أنه ستكون هناك حاجة لإعادة بناء سريعة للبنية التحتية والمنازل والمصانع.

ووفق تقرير أعدّته النيويورك تايمز، فإن إعادة بناء المدن المنكوبة بالزلزال في تركيا وسوريا قد تستغرق عقداً من الزمن. وفي حين أن المباني السليمة قد تبدو جيدة، إلا أن سلامتها الهيكلية قد تضررت، لذا يجب هدم بعضها، لكن هذه العملية وحدها قد تستغرق سنوات.

وبعد إزالة الحطام في المناطق المنكوبة، يجب على المسؤولين إجراء عمليات تفتيش للمباني التي لا تزال قائمة. وحتى يوم الخميس الماضي، كانت جهود الإنقاذ لا تزال جارية في شمال غربي سوريا و10 محافظات في تركيا، ما يشير إلى أن الأمر قد يستغرق أياماً أو أسابيع قبل بدء عملية التطهير وإعادة البناء.

ومن المرجح أن تهيمن الأسابيع التي تسبق انتشال الجثث وإزالة الأنقاض على الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في 14 أيار/مايو والتي تمثل بالفعل أصعب تحد للرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي يحكم البلاد منذ عقدين.

وتعاني تركيا منذ سنوات من ارتفاع التضخم وانهيار العملة مع دفع أردوغان بسياسات اقتصادية غير تقليدية تضمنت خفضاً لأسعار الفائدة في الوقت الذي وصل التضخم إلى أعلى مستوىاته منذ 24 عاماً وهو 85 في المئة العام الماضي. ولم تساعد هذه السياسات على وقف التدهور المستمر في قيمة الليرة التي وصلت إلى عشر قيمتها مقابل الدولار على مدى العقد الماضي.

 

 

 

يمكنك متابعة:

زلزال تركيا وسوريا: الخسائر البشرية قاسية.. والاقتصادية أكثر من مليار دولار

 

 

البورصة تعلّق تداول الأسهم

 

ووفق صحيفة حريات التركية، فقد علّقت البورصة الرئيسية في تركيا تداول الأسهم والمشتقات، بعد عمليات بيع حادة استمرت ثلاثة أيام بسبب الزلزال وتردداته المتتالية. وقد تراجع مؤشر بورصة اسطنبول هذا الأسبوع مع امتداد المخاوف بشأن الآثار الاقتصادية للزلزال إلى الأسواق المالية. وانخفض المؤشر بنسبة 7.1 في المئة قبل تعليق التداول، ما زاد من الخسائر في وقت سابق من الأسبوع.

والى جانب  الخسائر المبكرة، فقد المؤشر القياسي 16 في المئة منذ بداية الأسبوع حتى الآن، وأدى ذلك إلى تسجيل أسوأ أسبوع له منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2008 عندما هزت الأزمة المالية العالمية الأسواق. ولم تذكر بورصة اسطنبول متى سيتم استئناف التداول. وقال حيدر عكون، الشريك الإداري لشركة مرمرة كابيتال في اسطنبول، لبلومبرغ:"في أوقات الكوارث مثل هذه، يعد تعليق التداول في سوق الأسهم قراراً أفضل من أجل حماية المستثمرين"،ً كما قال جوكهان أوسكواي، مدير صندوق في شركة ألباتروس لإدارة المحافظ ومقرها إسطنبول:"هناك أزمة سيولة، لذلك إذا ظل السوق مفتوحا، لكان قد استمر في الانخفاض".

وفي أنقرة، قال مسؤولون واقتصاديون إن الزلازل الهائلة في تركيا ستضيف مليارات الدولارات من الإنفاق إلى ميزانية العاصمة التركية وستخفض النمو الاقتصادي بنحو نقطتين مئويتين هذا العام في الوقت الذي تواجه فيه الحكومة عملية إعادة بناء ضخمة قبل انتخابات صعبة.

ووقعت الزلازل في الوقت الذي تعطي فيه السياسات الحكومية الأولوية للإنتاج والصادرات والاستثمارات لتعزيز النمو، على الرغم من أن التضخم بلغ أكثر من 57 في المئة اعتباراً من كانون الثاني/يناير.

 

 

توقعات بتأثر الإنتاج بفعل الزلزال

 

ومن المتوقع أيضاً أن تؤثر أضرار الزلزال على الإنتاج في المنطقة المتضررة، والتي تمثل 9.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لتركيا، في إشارة إلى مدى الاضطراب، انخفض استخدام الكهرباء في تركيا بنسبة 11 في المئة يوم الاثنين الماضي، مقارنة بالأسبوع السابق، وفقاً لما أظهرته بيانات بورصة الطاقة في اسطنبول (EPIAS). وقد يضر هذا الاضطراب بالنمو الاقتصادي هذا العام.

وقدر ثلاثة خبراء اقتصاديين أن نمو الناتج المحلي الإجمالي قد ينخفض بنسبة 0.6 إلى 2 نقطة مئوية في ظل سيناريو ينخفض فيه الإنتاج في المنطقة بنسبة 50 في المئة، وهو ما قالوا إنه سيستغرق من ستة إلى 12 شهراً للتعافي.

وبشكل منفصل، قال مسؤول كبير إن النمو قد يكون أقل بنسبة 1 أو 2 نقطة مئوية من النسبة المستهدفة البالغة 5 في المئة، وقال المسؤول "بعض الموارد الاستثمارية المتوقعة في الميزانية ستحتاج إلى استخدامها في هذه المجالات".

وبحسب  فولفانجو بيكولي، العضو المنتدب لشركة تينيو إنتليجنس الاستشارية، فإنه من غير المرجح أن يلحق الزلزال أضراراً جسيمة بالاقتصاد مقارنة بالزلزال الذي ضرب قلب تركيا الصناعي في شمال غربي تركيا في العام 1999. وقال:"ضربت الزلازل واحدة من أفقر مناطق البلاد وأقلها نمواً. لم تؤثر على المناطق الواقعة في أقصى الغرب والتي يفضلها السياح الأجانب، الذين أصبحوا أحد أهم مصادر النقد الأجنبي في تركيا".

 

 

هل من دروس وعبر؟

 


ووفق إيرول يايبوك المسؤول  في برنامج الأمن الدولي التابع  لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن العاصمة، فإن غازي عنتاب هي المركز الاقتصادي والسياسي لمنطقة تقع حرفياً على الخطوط الأمامية للاستجابة الإنسانية بعد اندلاع الحرب الأهلية السورية في العام 2011. من بين ما يقرب من 3.8 ملايين لاجئ مسجل في تركيا، وهو أكبر عدد من اللاجئين الذين تستضيفهم أي دولة في العالم، الغالبية العظمى منهم سوريون يعيش أكثر من مليون سوري في المنطقة الحدودية التركية السورية، ما يقرب من نصف مليون في مدينة غازي عنتاب وحدها. وعلى الرغم من أن بلدية غازي عنتاب أعطت الأولوية لدمج اللاجئين السوريين لسنوات، إلا أن الزلزال سيزيد من الضغط على البيئة المتوترة بالفعل. وقد اضطر اللاجئون السوريون إلى التعامل مع تدابير الحماية المؤقتة المتغيرة أثناء التعامل مع الآثار النفسية والجسدية للنزوح المطول؛ وبالنسبة للاجئين السوريين، تخلق الزلازل صدمات جديدة فوق القديمة.

هل من دروس وعبر من زلزال تركيا وسوريا المدمّر؟ سيكون هذا الموضوع قيد المتابعة في مقال مقبل.