هكذا أصبح النفط الناخب الأول في الانتخابات النصفية الأميركية

  • 2022-11-03
  • 19:14

هكذا أصبح النفط الناخب الأول في الانتخابات النصفية الأميركية

  • أحمد عياش

على مقربة أيام من إجراء الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة الأميركية، تصدّر الانباء قرار الرئيس جو بايدن بفرض ضريبة أرباح غير متوقعة على شركات النفط.

وعلى الرغم من المبررات الاقتصادية التي رافقت القرار، إلا ان "ملائكة" الانتخابات كانت "حاضرة" في الحدث، ما يعني ان ضغط النتائج التي ستسفر عنه عمليات الاقتراع في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر هي الاساس.

كيف واكب الخبراء هذا الحدث الذي أثار جدلاً بدأ ولا يزال مستمراً حتى موعد هذه الانتخابات؟

في تحليل لوكالة "رويترز"، رأى كل من تيموثي غاردنر وأندريا شلال انه من غير المرجح أن يمر تهديد الرئيس بايدن بفرض ضريبة أرباح غير متوقعة على شركات النفط في الكونغرس الأميركي حتى لو تحدى الديمقراطيون التوقعات وتمكنوا من الحفاظ على أغلبيتهم الضئيلة للغاية في انتخابات التجديد النصفي.

وقد سبق للكونغرس أن أقرّ إعفاءات ضريبية كبيرة بأثر رجعي لشركات النفط الكبرى عندما كان الرئيس السابق دونالد ترامب في منصبه، حيث انخفض الطلب على الوقود خلال عمليات الإغلاق بسبب فيروس كورونا. وبعد ارتفاع أسعار النفط في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، فرضت الحكومات الأوروبية بالفعل  ضرائب غير متوقعة على صناعاتها النفطية.
لكن محللين ومسؤولين قالوا إن معظم المشرّعين الأميركيين لا يبدون رغبة تذكر في عكس هذا الاتجاه بعد أن حققت شركات نفط مثل "إكسون موبيل كورب" و"شيفرون كورب" أرباحاً فصلية ضخمة.

 وفي مقابل إتهام الرئيس بايدن شركات النفط والغاز بـ "جنيّ الأرباح " من الحرب الأوكرانية وان عليها "خفض تكاليف الوقود للأميركيين أو استثمار بعض الأرباح في تعزيز الإنتاج المحلي،" لا يبدو ان  كل الديمقراطيين الحاليين يدعمون هذا الجهد. وقالت كلير فيو: "تميل الأسعار المرتفعة إلى جعل الحكومات تستحوذ عليها، ويمكن أن يؤدي الركود إلى إجهاد مالية الدولة والحكومة المحلية".

وأقر مسؤولو الإدارة سراً، بأنه قد يكون من الصعب سنّ ضريبة فيدرالية على الأرباح غير المتوقعة. وقالوا إنه لم يتم تحديد موعد نهائي للخطوة التالية، ورأوا أن الخيارات الأخرى تشمل حظراً محتملاً على تصدير المنتجات النفطية.

والى جانب رفض مجموعات الصناعة والأعمال الضريبية غير المتوقعة، أشار وزير الخزانة الديموقراطي السابق لاري سامرز، إلى أن مثل هذه الضريبة يمكن أن ترفع الأسعار في نهاية المطاف من خلال خفض الاستثمار وإنتاج النفط.

ومن شأن فرض ضريبة أرباح غير متوقعة أن يفرض ضريبة انتقائية على إنتاج منتجي النفط المحليين. وسيحدد الكونغرس معدل الضريبة، الذي يمكن أن يختلف بين المنتجين المستقلين وأكبر الشركات، وستكون هذه أول ضريبة أرباح غير متوقعة في الولايات المتحدة منذ أكثر من ثلاثة عقود.

في هذا السياق، قال سكوت هودج، الرئيس الفخري لمؤسسة الضرائب المؤيدة للأعمال: "خلاصة القول، هذا كله سياسة واقتصاد سيئ حقاً. إن ضريبة غير متوقعة سنّت في عهد الرئيس السابق جيمي كارتر العام 1980 على الصناعة كان لها تأثير معاكس، حيث خفضت الإنتاج المحلي".

يذكر، انه وبإلحاح من الرئيس كارتر فرض الكونغرس ضريبة أرباح غير متوقعة في العام 1980 بعد زيادة حادة في أسعار النفط مدفوعة بحظر فرضته "أوبك". وحاول المشرعون تعويض الخصومات الضريبية الكبيرة على الصناعة، بما في ذلك بدل استنفاد للآبار القديمة ذات الودائع المرهقة ومجموعة من الخصومات للحفر. لكن الإنتاج المحلي انخفض وزاد الاعتماد على النفط الأجنبي، في حين تبيّن أن توقعات الإيرادات من الضريبة غير المتوقعة كانت مفرطة في التفاؤل، وقد ألغى الكونغرس الضريبة في العام 1988 بعد انخفاض أسعار النفط.

وقال جوزيف ثورنتون، المؤرخ السياسي الأميركي والخبير الضريبي، إن خطط بايدن "ليست بالضرورة مجنونة، ولكن قد يكون من الصعب تنفيذها. إن ضرائب الأرباح الزائدة على الشركات وجدت زخماً خلال الحرب العالمية الثانية فقط لأن الأميركيين يموتون في الحرب".

من ناحيتها، كتبت إيرينا سلاف على موقع "أويل برايس" الالكتروني تقول إن اتهام الرئيس الاميركي شركات النفط بالاستفادة من الحرب الاوكرانية "يبدو مألوفاً ويعيد المرء إلى الصيف عندما كان بايدن يحاول اتباع نهج مماثل مع المملكة العربية السعودية، كما يتزامن مع بيان صادر عن "أوبك" يشير إلى أن الطلب على النفط سيستمر في النمو بقوة حتى منتصف القرن على الأقل". وتخلص الكاتبة الى القول: "يبدو أن الصناعة لديها ذاكرة أفضل من الناخب العادي، وتتذكر أن أول شيء فعله بايدن عندما تولى منصبه هو قتل خط أنابيب كيستون إكس إل، ما اعتبره الكثيرون أول طلقة في حرب إدارته المتصورة على صناعة النفط الأميركية".

بدورها، رأت "النيويورك تايمز" ان بايدن "حريص على إعادة توجيه الغضب الشعبي بشأن أسعار الغاز نحو صناعة النفط وبعيداً عن نفسه بينما يحاول الديمقراطيون التغلب على الرياح المعاكسة التاريخية والشعبية للحفاظ على السلطة في الكابيتول هيل. فقد صاغ الرئيس قضيته ضد شركات النفط بعبارات بدا أنها تهدف بوضوح إلى تصويت الأسبوع المقبل. وقال: "الشعب الأميركي سيحكم على من يقف معهم ومن يبحث فقط عن النتيجة النهائية الخاصة به". أعرف أين أقف".

في المقابل، قال مايك سومرز، رئيس معهد البترول الأميركي، وهو مجموعة تجارية: "بدلاً من أخذ الفضل في انخفاض الأسعار وتحويل اللوم عن زيادات الأسعار، يجب على إدارة بايدن أن تكون جادة في معالجة اختلال التوازن بين العرض والطلب الذي تسبب في ارتفاع أسعار الوقود وخلق تحديات طويلة الأجل في مجال الطاقة".

وخلصت الصحيفة الاميركية الى القول: "كان بايدن حساساً لأسعار الوقود، وهو مقياس مهم للمزاج العام، ومع وصول سعر المضخة إلى مستويات قياسية خلال الصيف، انخفض معدل تأييد الرئيس إلى مستويات منخفضة جديدة، ولكن مع انخفاض تكاليف الوقود على مدى الأشهر الثلاثة التالية، تحسنت أرقامه الخاصة. وبالمثل، وفقاً لإستطلاعات الرأي، فإن ارتفاع وانخفاض أسعار الوقود، يتعارض بشكل مباشر مع المشاعر العامة حول ما إذا كانت البلاد تسير على المسار الصحيح أو الخاطئ".

هي إذاً الانتخابات، التي تقول صحيفة "الشرق الأوسط" ان هناك ثلاثة ملفات ستحسم السباق فيها، وابرز هذه الملفات هو الاقتصاد. وبحسب استطلاعات الرأي، فإن أبرز قضية تشغل بال الناخب الأميركي هي قضية التضخم، إذ قال نحو 77 في المئة من الأشخاص الذين شملهم استطلاع لـ "مورنينغ كونسولت" إن الاقتصاد هو على رأس أولوياتهم، مع الإشارة إلى أن اللوم في السياسات الاقتصادية يقع دوماً على الحزب الذي يتمتع بالسلطة، أي الحزب الديمقراطي في هذه الحالة.
لهذا السبب تحديداً، جرت العادة أن يخسر الحزب الحاكم الأغلبية في الكونغرس، وهذا ما تحدّث عنه جول روبين نائب مساعد وزير الخارجية في عهد الرئيس السابق باراك أوباما لشؤون الشرق الأوسط، فقال: "تاريخياً، الحزب الذي يسيطر على البيت الأبيض يخسر مقاعد في الانتخابات التشريعية النصفية لأن الحزب المسيطر يعاني من صعوبة في تحفيز أنصاره للتوجه إلى صناديق الاقتراع، وهذه هي الصعوبة التي تواجهه.

قد تكون هذه هي المرة الأولى التي يهدد فيها رئيس دولة يعرّف نفسه على أنه ديمقراطي، الشركات المملوكة للقطاع الخاص بتداعيات، إذا استمرت في إعطاء الأولوية لمصالح مساهميها.

لننتظر ونرى كيف سينجلي غبار تهديدات الرئيس الاميركي ونحن على مقربة من

الانتخابات النصفية بعد أيام فقط، ما جعل النفط الناخب الاول؟