كيف ستسدد البلدان النامية الأعباء المتزايدة من الديون؟

  • 2020-02-20
  • 09:00

كيف ستسدد البلدان النامية الأعباء المتزايدة من الديون؟

معهد التمويل الدولي: 255 مليار دولار من السندات وقروضها يستحق في 2021

 

قال معهد التمويل الدولي في تقرير أصدره حديثاً إن الديون المتعاظمة لمجموعة من البلدان النامية التي تصنف في خانة الأسواق الحدودية قد بلغت مستوى غير مسبوق بحسب بيانات الفصل الثالث من العام 2019، الأمر الذي يهدد بعرقلة جهود التنمية المبذولة في هذه البلدان، ويجعلها أكثر انكشافاً على مخاطر التوازن المالي من جهة، وعلى استدامة النمو الاقتصادي المحقق من جهة أخرى. وتناول التقرير المخاطر الاستثمارية المتصلة بالاستدانة المفرطة، فأكد أن الدين الخارجي لهذه البلدان ما زال يواصل ارتفاعه، بالرغم من أن الدائنين من القطاع الخاص قللوا من انكشافهم على مخاطره، ما يعكس المخاوف بشأن شفافية الديون واستدامتها.

ولا يعد تصنيف الأسواق الحدودية مقياساً لثروة البلد أو مستوى تطوره، بقدر ما يتعلق بأسواقه. وثمة نحو ثلاثين سوقاً حدودياً حول العالم، معظمها في الشرق الأوسط وجنوب آسيا وإفريقيا وأوروبا الشرقية. أما الأسواق العربية التي تدخل ضمن هذا التصنيف فهي المغرب وتونس وعمان ولبنان والكويت والأردن والبحرين. وعالمياً، تدخل في التصنيف أسواق مثل صربيا وكرواتيا وسريلانكا وكازاخستان. وتمتاز الأسواق الحدودية عموماً بامتلاك أسواق أسهم وبورصات أقل تقدماً من أن توصف بأنها أسواق "ناشئة". وفي حين تعاني هذه البلدان بعض الاضطرابات والتقلبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلا أنها تمثل في أحيان كثيرة ملاذات آمنة للمستثمرين، الذي يلوذون بها أثناء الاضطرابات التي تعصف بالأسواق الأخرى. 

 

أعباء ثقيلة

يكشف التقرير أن الدين الحكومي ما زال يعد المحرك الأهم لمعظم اقتصادات هذه المجموعة من البلدان. وقد ارتفع إجمالي هذا الدين بنسبة خمس نقاط مئوية مقارنة ببيانات العام  2015. في المقابل، استقرت ديون الشركات غير المالية على نطاق واسع عند 38 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وارتفعت ديون الأسر إلى الناتج المحلي بنحو نقطتين مئويتين فقط. كذلك، يقول التقرير إن ديون هذه البلدان، ويمثل الاقتراض الحكومي النسبة الغالبة منها، قد بلغت حداً قياسياً جديداً تبلغ نسبته 114 في المئة إلى الناتج المحلي الإجمالي فيها، وذلك بحسب بيانات الفصل الثالث من العام الفائت. ويعادل هذا الرقم 3.2 تريليون دولار. ويشير التقرير إلى أن الشهور التسعة الأولى من العام المنصرم قد سجلت ارتفاعاً في مديونية هذه البلدان بواقع ٧٥ مليار دولار إضافية. كذلك، سجل الدين الحكومي أكثر من 51 في المئة من إجمالي ناتجها المحلي، وقد شهدت البحرين وعُمان وزامبيا وموزمبيق أكبر ارتفاع منذ الربع الثالث من عام 2018. وربما تؤدي أعباء الديون العامة الثقيلة إلى تقويض الجهد المبذول للتخفيف من مخاطر التغير المناخي، خصوصًا في البلدان منخفضة الدخل.

 

 

ويرجح التقرير أن يتباطأ ارتفاع الدين الحكومي في السنوات القليلة المقبلة. فقد ترافق ارتفاع الدين الخارجي مع ارتفاع حاد في الدين الحكومي العام تجاوز 50 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2018، ارتفاعاً من نحو 38 في المئة في العام 2013. ومع تسجيل زامبيا وليبيريا ورواندا أكبر زيادة في نسب الديون منذ العام 2016، تشير التقديرات إلى أن الدين الحكومي لهذه المجموعة سيصل إلى ذروته عند عتبة 52 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في العام الحالي. إلى ذلك، يرى التقرير أن شهية الدائنين من القطاع الخاص صارت محدودة لديون الدول منخفضة الدخل. فقد أدت سهولة الوصول إلى الأسواق الدولية إلى تكوّن قاعدة دائنة أكثر تنوعاً للعديد من هذه الدول منخفضة الدخل، ويبقى اعتمادها على دائنين من القطاع الخاص محدوداً. فالديون المضمونة والمستحقة لحسابات دائنين من القطاع الخاص تشكل 3.3 في المئة فقط من إجمالي الناتج المحلي، ولا يزال الدين الخارجي للقطاع الخاص في هذه المجموعة من البلدان أدنى من المستويات التي شهدها في العام 2015، ما يبرز الصعوبات التي تعترض رفد هذه الأسواق بالموارد الدولية في السنوات الأخيرة. 

 

مخاوف فعلية

يقول التقرير إن نحو 255 مليار دولار من السندات والقروض في البلدان المعنية سوف يستحق في العام 2021، نحو 40 في المئة منها هي سندات بالدولار. ويرى أن ارتفاع الفوائد أصبح يمثل عبئاً على العديد من هذه البلدان في السنوات الأخيرة. فقد بلغ إجمالي مدفوعات الفائدة على الديون الخارجية نحو 11 مليار دولار في العام 2018 (1.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي)، ارتفاعًا من 2.7 مليار دولار (0.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) في العام 2010. وشهدت كينيا وجيبوتي وبنغلادش أكبر ارتفاعات في أسعار الفوائد في السنوات الأخيرة. ويعبر التقرير عن مخاوف بشأن إدارة الديون والشفافية، لا سيما في البلدان المعرضة للتغير المناخي. فالأسواق الحدودية كمجموعة أكثر عرضة للخسائر المتصلة بالتغير المناخي، وهي تعاني ارتفاعاً في دينها العام قد يؤدي إلى أن تواجه تحديات تمويلية أكثر حدة، ما يضطرها إلى اتخاذ تدابير تكيفية للتخفيف من مواطن الضعف المرتبطة بالتغير المناخي. وقد بلغ إجمالي إصدار السندات في هذه البلدان نحو 140 مليار دولار في العام 2019، في أبطأ وتيرة له منذ العام 2015. وكان نحو ٤٥ في المئة من الإصدارات بالعملات الأجنبية، واحتُسبت السندات السيادية مقابل ٨٠ بالمئة من إجمالي الإصدارات. 

ويقول التقرير إن الكثير من هذه الأسواق يتعرض لمخاطر التغير المناخي. فالأسواق التي تعاني مستويات ديون مرتفعة و/أو متصاعدة تواجه مخاطر أكثر حدة ناشئة عن الآثار المادية للتغير المناخي، في حين تقلل مستويات الدين العام المخصصات المالية التي يمكن استثمارها في التنمية. إلا أن زيادة الوعي بمخاطر التغير المناخي بين المستثمرين الدوليين قد يؤدي إلى مزيد من التباطؤ في التدفقات المالية إليها.