"ستاندرد آند بورز": عجز الحكومات الخليجية سيتراجع إلى نحو 80 مليار دولار في 2021

  • 2021-05-26
  • 13:24

"ستاندرد آند بورز": عجز الحكومات الخليجية سيتراجع إلى نحو 80 مليار دولار في 2021

  • بيروت – "أوّلاً- الاقتصاد والاعمال"

توقعت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيفات الائتمانية أن ينخفض إجمالي عجز الحكومات المركزية للدول الخليجية بحدة إلى نحو 80 مليار دولار في العام 2021 (أي 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) من 143 مليار دولار في العام 2020 (أي 10 في المئة من إجمالي الناتج المحلي)، معتبرةً أن انخفاض العجز سيدعم ارتفاع أسعار النفط، وإجراءات ضبط الأوضاع المالية، وارتفاع مستوى النشاط الاقتصادي مع إنهاء القيود المفروضة بسبب جائحة "كوفيد-19".

وأضافت الوكالة في تقرير أن استمرار ارتفاع عجز الحكومات المركزية في الدول الخليجية سيؤدي إلى استمرار تراجع الميزانيات العمومية لديها في معظم الحالات، مشيرةً إلى أنه على الرغم من ذلك، أظهرت معظم الحكومات السيادية الخليجية استعداداً للجوء لأسواق رأس المال الدولية، حيث تمتلك العديد من هذه الحكومات أصولاً خارجية سائلة كبيرة لتمويل العجز في المالية العامة لديها ودعم اقتصاداتها لمواجهة التحديات الخارجية.

وتوقعت أن يصل العجز التراكمي للحكومات المركزية الخليجية إلى نحو 355 مليار دولار في الفترة الممتدة ما بين العامين 2021 و2024، مشيرةً إلى أن السعودية تستحوذ على نحو 60 في المئة من هذا العجز، تليها الكويت بنسبة 25 في المئة، ثم الإمارات بنسبة 7 في المئة وسلطنة عمان بنسبة 4 في المئة.

وأوضحت الوكالة في تقرير أن العجز الكلي للحكومات المركزية للدول الخليجية لم يتدهور في العام 2020 بقدر ما تدهور في العام 2016، لافتةً النظر إلى أن ذلك يأتي على الرغم من الانخفاض الطفيف في متوسط سعر خام "برنت" الذي بلغ 42 دولاراً للبرميل في العام 2020، مقارنة مع 44 دولاراً للبرميل في العام 2016، وتضرّر اقتصادات الدول الخليجية بفعل التداعيات الإضافية الناتجة عن جائحة "كوفيد-19".

وذكرت أنه في حين كان العجز في المالية العامة في الكويت أعلى بكثير في العام 2020 وكان في البحرين متماشياً بشكل عام مع نتائج العام 2016، إلا أن دول خليجية أخرى شهدت أداءً أقوى في ميزانياتها. وقالت إن العديد من الدول الخليجية أظهرت ضبطاً في الإنفاق استجابة للصدمة الخارجية المزدوجة للعام 2020، نظراً الى العجز الكبير لديها عند بداية ذلك العام، مشيرةً إلى أن بعض هذه الدول حقق تقدماً في تنويع مصادر إيراداته الحكومية بعيداً عن النفط والغاز، لافتة النظر إلى أنه في العام 2018 طُبقت ضريبة القيمة المضافة في السعودية والإمارات، ثم لحقت بهما البحرين في العام 2019، وسلطنة عُمان في العام 2021. واعتبرت أن التحسّن الإقليمي الملحوظ في العام 2020 مقارنة بالعام 2016 كان مدفوعاً إلى حد كبير من السعودية، حيث رفعت المملكة ضريبة القيمة المضافة إلى 15 في المئة من 5 في المئة لدعم إيراداتها الحكومية.

أعلى نسبة عجز للحكومة الكويتية في 2021

كما توقعت الوكالة أن تسجل الحكومة المركزية في الكويت أعلى نسبة عجز إلى الناتج المحلي الإجمالي في العام 2021 حيث ستبلغ 20 في المئة، تليها البحرين والإمارات بنسبة 6 في المئة، والسعودية بنسبة 5 في المئة، وعُمان بنسبة 4 في المئة، وقطر بنسبة 1 في المئة. وأشارت إلى أنها ركزت على ميزانيات الحكومات المركزية كونها عادةً تمثل الجزء الأكبر من متطلبات التمويل لدى الحكومات، مستثنيةً تقديرات إعادة تمويل الديون الحكومية والدخل المرتبط بصناديق الثروة السيادية لأن إدخال هذه الأخيرة في التقديرات قد يعطي صورة غير دقيقة عن الاحتياجات التمويلية للحكومات.

وتوقعت بأن يبدأ العجز في المالية العامة بالانخفاض خلال 2021-2022 ويعود إلى الارتفاع مجدداً في خلال 2023-2024 نظراً لتوقعاتها لأسعار النفط، فضلاً عن الوقف التدريجي لخفض الإنتاج بما يتماشى مع اتفاق "أوبك+" الذي تم التوصل إليه في أيار/مايو 2021. وتوقعت بأن يبلغ متوسط سعر خام "برنت" 60 دولاراً للبرميل للفترة المتبقية من العام الحالي، و60 دولاراً للبرميل في العام 2022، و55 دولاراً للبرميل في العام 2023 وما بعده.

أسعار النفط المرتفعة تدعم تصنيفات الوكالة الائتمانية

وحول كيفية تأثر تصنيفات الوكالة الائتمانية للدول الخليجية بالارتفاع الحالي في أسعار النفط، قالت إن أسعار النفط المرتفعة تدعم تصنيفاتها الائتمانية للحكومات الخليجية ولكنها ليست بأي حال من الأحوال عامل التصنيف الوحيد الذي تضعه في الاعتبار في تحليلها. وذكرت أن ارتفاع أسعار النفط في الماضي أدّى إلى إخراج خطط ضبط أوضاع المالية العامة للحكومات الخليجية عن مسارها، مما أدى إلى زيادة الإنفاق و/أو تأخير الإصلاحات المالية المخطط لها، مشيرةً إلى أن الطريق إلى تحقيق تقليص ملحوظ في عجز المالية العامة للدول الخليجية لا يزال مرهوناً بتوجه استجابات السياسة الحكومية بقدر ما يتوقف على أسعار النفط.

وأضافت أنه نظراً الى التراجع الملحوظ في الميزانيات العمومية منذ الانخفاض الحاد في أسعار النفط في بداية النصف الثاني من العام 2014، فإنه حتى في حال ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات أعلى بكثير، فهي تتوقع بالضرورة عودة تصنيفاتها الائتمانية السيادية للدول المُصدّرة للنفط إلى مستويات ما قبل العام 2015، ما لم يحدث تغييرات في عوامل التصنيف الأخرى.

حجم سندات الدين للحكومات الخليجية

وحول حجم سندات الدين التي أصدرتها الحكومات الخليجية، قالت الوكالة إنه منذ الانخفاض الهيكلي في أسعار النفط، سجلت العديد من الحكومات السيادية الخليجية عجزاً مالياً كبيراً لدى حكوماتها المركزية.

وذكرت أن هذه الاحتياجات التمويلية المتزايدة دفعت إلى إصدار سندات دين حكومية خليجية بالعملتين المحلية والأجنبية بلغت في المجمل 90 مليار دولار في العام 2016 وما يقرب من 100 مليار دولار في العام 2017، مشيرةً إلى أن الديون الحكومية الخليجية ارتفعت بنسبة أقل بكثير في العام 2020 (70 مليار دولار)، بسبب القيود المالية وزيادة تنوّع مصادر الإيرادات الحكومية، وتوقعت أن يبلغ المتوسط السنوي لإجمالي إصدارات سندات نحو 50 مليار دولار خلال الفترة الممتدة ما بين 2021-2024، مع اقتراض أعلى في السنوات المالية الأخيرة من هذه الفترة، عندما تفترض انخفاض أسعار النفط.

وأوضحت أن معظم الحكومات الخليجية قام بالاقتراض بدلاً من تسييل أصوله لتمويل عجزه، متوقعةً بأن يتم تقسيم احتياجات التمويل البالغة 355 مليار دولار خلال الفترة الممتدة ما بين 2021-2024 بنسبة 50:50 تقريباً بين إصدارات سندات الدين وتسييل أجزاء من الأصول. ولفتت النظر إلى أنها استندت في هذه التوقعات إلى توجّهات التمويل في السنوات القليلة الماضية، والتصريحات الصادرة من الحكومات، ووجهة نظرها في شأن توافر الأصول، متوقعةً بأن تموّل البحرين وعُمان والسعودية معظم عجزها من خلال سندات الدين، في حين ستعتمد أبوظبي والكويت وقطر أكثر على تسييل جزء من الأصول لديها.

كما توقعت بأن تقوم الكويت بإصدار قانونٍ للدين في العام 2021، مشيرةً إلى أن حجم العجز في المالية العامة الذي تتوقعه حتى العام 2024 يعني ضمناً أنه من المحتمل أن يتم استنفاد الاقتراض الذي سيتم ترخيصه بموجب القانون خلال 3 سنوات. وعلى هذا النحو، رجحت عودة المشاكل الحالية، معتبرةً أن أي حل مستدام يستمر لفترة أطول يمكن أن يشمل برنامجاً شاملاً من الإصلاحات والإجراءات لضبط المالية العامة، بما في ذلك خفض الدعم، وسد ثغرات الإنفاق، وفرض ضرائب جديدة، مثل العديد من الدول الخليجية الأخرى. واعتبرت أنه لا يزال من الصعب تحقيق مثل هذه الإصلاحات في الكويت بسبب طبيعة العلاقة التي تتسم بالمواجهة بين مجلس الأمة والحكومة.

وحول قيام الحكومات الخليجية التي تمتلك أصولاً سائلة كبيرة بإصدار سندات دين أصلاً، أشارت الوكالة إلى أنه بفضل ثروة النفط والغاز التي تمتلكها، جمع بعض الحكومات الخليجية أصولاً مالية كبيرة، والتي يمكنه استخدامها لتمويل العجز في المالية العامة لديه.

وأضافت أن الأصول الحكومية في الكويت وأبو ظبي وقطر والمملكة العربية السعودية ورأس الخيمة تتجاوز الديون الحكومية، بهامش كبير في بعض الحالات، لافتةً إلى أنه بالنسبة الى البحرين وعُمان والشارقة فإن حجم الديون لديهم يتجاوز حجم أصولهم.

وتوقعت بأن تواصل معظم الميزانيات العمومية الحكومية الخليجية تراجعها حتى العام 2024، لأن العجز في المالية العامة لدى بعضها يبقى كبيراً نسبياً.