قناة السويس تعلّق حركة الملاحة للمرة السادسة عبر التاريخ

  • 2021-03-26
  • 12:18

قناة السويس تعلّق حركة الملاحة للمرة السادسة عبر التاريخ

  • "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال"

في سابقة تاريخية، أعلن رئيس "هيئة قناة السويس" المصرية أسامة ربيع تعليق حركة الملاحة أمام السفن بشكل مؤقّت بعد جنوح سفينة "إيفيرجيفن" البنمية لنقل الحاويات العملاقة يوم الثلاثاء الماضي إلى حين الانتهاء من أعمال تعويمها وذلك للمرة السادسة في تاريخ القناة.

وأدّى جنوح السفينة بسبب سوء الأحوال الجوية التي شهدتها مصر إلى تعطّل مرور عدد كبير من السفن المحمّلة بالحاويات والنفط والغاز الطبيعي في الممر المائي الذي يربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسّط، وبالتالي إلى تأخير عمليات تسليم البضائع والنفط عن مواعيدها المحددة وإلى ارتفاع في أسعار النفط العالمية يوم الأربعاء الماضي.

ومنذ الساعات الاولى للحادثة، بدأت فرق الإنقاذ بعملها حيث أرسلت "هيئة قناة السويس" 8 قاطرات ضخمة للقيام بأعمال الشد والدفع تقدّمتها قاطرة "بركة 1" بقوة شدّ بلغت 160 طناً، وذلك في محاولة لتعويم "إيفيرجيفين" وفتح مسار أمام السفن الأخرى لاستكمال طريقها إلى وجهاتها المقصودة، ولكن كل المحاولات باءت بالفشل حتى الآن بإتمام تنفيذ عملية الإنقاذ بشكل كامل وسريع.

جهود التعويم قد تستغرق أسبوعاً

وفي هذا الوقت، أشارت وكالة "بلومبرغ" إلى أن جهود تعويم سفينة "إيفيرجيفين" قد تتطلّب أسبوعاً أو أكثر على الأقل بعد أن كان مستشار الرئيس المصري لمشاريع قناة السويس مهاب مميش قد توقّع استئناف حركة الملاحة في القناة في غضون 48 إلى 72 ساعة كحدّ أقصى، الأمر الذي سيؤدي إلى ابلمزيد من عرقلة عمليات تسليم النفط والبضائع في مواعيدها وتكبيد خسائر إضافية جرّاء ذلك.

وبحسب الوكالة، فإن عدد السفن التي تنتظر حلّ المشكلة وعبور القناة قد بلغ 240 سفينة تحمل شحنات من النفط والبضائع الاستهلاكية وتصل قيمتها إلى مليارات الدولارات، فيما وصل عددها يوم الأربعاء الماضي إلى 186 سفينة.

عروض دولية

وكانت شركة "شوي كيسن" المشغلة للسفينة قد أكدت أن محاولة تعويمها باءت بالفشل، مشيرة إلى أنها ستقوم بمحاولة جديدة بعد الاستعانة بفريقي إنقاذ من هولندا واليابان. وقدمت الشركة اعتذارها معلنة أنها تعمل على حل الموقف وأن جنوح السفينة لم تسفر عنه إصابات أو تسرّب نفطي، كما تقدّمت جهات دولية عدة بعروض لتقديم المساعدة لمصر في جهودها الرامية إلى تعويم السفينة الجانحة ومن بينها عرض مساعدة تقدّمت به واشنطن حيث أبدت "هيئة قناة السويس" تطلّعها للتعاون مع الولايات المتحدة في ذلك.

تغيير المسار نحو رأس الرجاء الصالح

وفي المقابل، قالت المحللة في شركة "كبلر" لتحليل البيانات ريبيكا شيا إن 7 ناقلات غاز طبيعي مسال حوّلت مسارها بعيداً عن قناة السويس بعد توقف حركة الملاحة فيها، موضحةً أن 3 ناقلات جارٍ تحويلها نحو المسار الأطول حول رأس الرجاء الصالح، مضيفةً أن غالبية السفن التي حوّلت مسارها تتجه نحو أماكن أخرى.

وأشارت شيا إلى أن 4 ناقلات تحمل شحنات من الولايات المتحدة وقطر بينما لا تحمل البقية أي شحنات، لافتة النظر إلى أن 6 سفن للغاز الطبيعي المسال تنتظر دورها للدخول إلى جانبي القناة بالإضافة إلى وجود سفينة أخرى عالقة في القناة منذ يوم الثلاثاء الماضي، مؤكدة أن خطط عبور 16 سفينة غاز طبيعي مسال لقناة السويس ستتأثر إذا استمر الازدحام حتى نهاية الأسبوع الحالي.

5 إغلاقات تاريخية

تعتبر قناة السويس أو كما يطلق عليها المصريون لقب "شريان الحياة" من أقدم الممرات المائية الاصطناعية حول العالم ويبلغ طولها 193 كيلومتراً وتربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط. تنقسم القناة بشكل طولي إلى قسمين اللذين يضمان شمال البحيرات المرة وجنوبها، وبشكل عرضي إلى ممرّين في أغلب أجزائها لتسمح بمرور الناقلات في اتجاهين في الوقت نفسه بين أوروبا وآسيا.

بدأت فكرة إنشاء القناة في العام 1798 مع وصول الحملة الفرنسية إلى مصر بقيادة نابليون بونابرت ولكن هذه الخطوة لم يكتب لها النجاح. وفي العام 1854، أقنع السياسي الفرنسي فرديناند دي لسبس محمد سعيد باشا بالمشروع، وحصل على موافقة الباب العالي العثماني، فمنح بموجبه الشركة الفرنسية برئاسة دي لسبس امتياز حفر وتشغيل القناة لمدة 99 سنة.

واستغرق بناء القناة 10 سنوات ما بين العامين 1859 و1869 حيث أسهم في عملية الحفر نحو مليون عامل مصري، مات منهم أكثر من 120 ألفاً أثناء عمليات الحفر، نتيجة الجوع والعطش والأوبئة والمعاملة السيئة، وتم افتتاح القناة في العام 1869 في حفل مهيب وبميزانية ضخمة.

تعرّضت القناة لـ5 إغلاقات أمام حركة الملاحة عبر التاريخ حيث كانت المرة الأولى في العام 1882 لأقل من أسبوع في أعقاب الثورة العربية التي قادها أحمد عرابي ما بين العامين 1879 و1882 ضد الخديوي توفيق والتدخل الاجنبي في مصر بعد الاحتلال البريطاني للبلاد، كما تمّ الإغلاق للمرة الثانية ليوم واحد في أعقاب الحرب العالمية الأولى في العام 1915، ولمدة 76 يوماً خلال الحرب العالمية الثانية.

وفي العام 1956، أعلن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس بعد أن كانت بريطانيا تديره لفترات طويلة، الأمر الذي حذا بكل من فرنسا وبريطانيا وإسرائيل إلى شن عدوان عليها وبالتالي إلى إقفال قناة السويس للمرة الرابعة لمدة 5 أشهر وأعيد فتحها في العام 1957. أما المرة الخامسة فكانت بعد حرب "يوليو 1967" ضد إسرائيل حيث بقيت القناة مقفلة لمدة 8 سنوات إلى أن أعاد الرئيس الراحل أنور السادات افتتاحها في العام 1975 بعد أن وقّعت مصر وإسرائيل اتفاقية فضّ الاشتباك الثاني.