كيف تساهم المدن الذكية في تحسين جودة الحياة والاستدامة؟

  • 2021-03-01
  • 11:00

كيف تساهم المدن الذكية في تحسين جودة الحياة والاستدامة؟

  • برت دكاش

تتعدّد فوائد المدن الذكية المعزّزة بتقنيات إنترنت الأشياء، وتُجمِع الآراء على دورها في النهوض بمستوى جودة الحياة وتحسين الاستدامة، إلا أن المدن الذكية تعتبر مشاريع مرتفعة التكلفة، بالإضافة إلى عدم تأكيد بعض التقييمات لعائداتها الاستثمارية، مما دفع هيئات بحثية عدة للتفكير ملياً ومحاولة توضيح هذه الجوانب، استناداً إلى حالات الاستخدام ومجموعات البيانات في المدن الذكية.

وفي حديث خاص إلى "أولاً- الاقتصاد والأعمال" عن هذه القضية، يقول الرئيس التنفيذي لشركة نيتيكس جلوبال المزودة لحلول الأتمتة المعززة بنظم الإدارة المتكاملة للمباني الذكية سانجيف بهاتيا إنه "وفق دراسة أجراها إي إس آي ثوت لاب على مدى عام في 100 مدينة، بلغ متوسط العائد على الاستثمار 19.6 مليون دولار لكل مدينة من المشاريع الناشئة، و83 مليون دولار لكل مدينة من مشاريع التطوير المتقدمة، وعلى الرغم من هذه الأرقام الواعدة والمدعومة بالأبحاث، ينبغي معرفة قيمة الاستثمار الأوّلي اللازم لتحقيق مثل هذه النتائج".

مفهوم خاطئ

ويضيف:"خلافاً للمفهوم الخاطئ والسائد على نطاق واسع، ليس بالضرورة أن تحتوي المدن الذكية على مشاريع تطوير جديدة أو معدات مرتفعة التكاليف، ويمكن الاعتماد على بنية تحتية تقليدية لتحقيق العائد الاستثماري نفسه عبر نظم إنترنت الأشياء، والمنصات الموحّدة القائمة على الذكاء الاصطناعي، مثل نيتيكس كونكت. وتستند مشاريع التعديل التحديثي الذكية هذه الى التكامل القائم على إنترنت الأشياء في نظم المدينة وشبكاتها، تليه مركزيّة القيادة والتحكم التشغيلي للإدارة عن بُعد بالاعتماد على البيانات. وتعتبر نيتيكس جلوبال هذه العائدات الاستثمارية مفتوحة بفضل هذه المنهجية المتصلة والذكية في الوقت الحقيقي، بالاستناد إلى ثلاثة أبعاد: اقتصادية واجتماعية وبيئية".

البعد الاقتصادي

وعن البعد الاقتصادي للعائدات الاستثمارية، يوضح بهاتيا أنه "يمكن أن يحقق استبدال نظم الإضاءة التقليدية بالنظم الرقمية بشكلٍ أساسي انخفاضاً في نفقات الطاقة بنسبة تتراوح ما بين 70 و75 في المئة، وفي حال الاعتماد على هذه النظم باستخدام إنترنت الأشياء، يستطيع المشغّلون مراقبة كامل البنية التحتية للإضاءة في مدينة عن بُعد باستخدام الاتصال السحابي، مما يحقق قدراً هائلاً من الوفورات المحتملة. كذلك تُقلّص العمليات التشغيلية عن بُعد من حجم القوى العاملة في الموقع، مما يحقق مزيداً من التوفير في تكاليف العمالة، إلى جانب تحديد جميع العيوب ومكامن ضعف الأداء، وتنبيه المستخدمين تلقائياً، ويمكن اتخاذ إجراءات التدخل في الوقت المناسب، تجنّباً لوقوع قدر أكبر من الأضرار أو إجراء الإصلاحات، مما يعزز من توفير التكاليف".

ويتابع: "عند تشغيل الأنظمة في الظروف المثلى لفترة طويلة من الزمن، تستطيع المدن تحقيق أقصى قدر ممكن من القيمة والعائدات على الاستثمار، وتعمل الإدارات الحضرية ذات الرؤية البعيدة الأمد على تعزيز العائدات الاستثمارية من التكامل القائم على إنترنت الأشياء. فعلى سبيل المثال، خفّضت سانديكا ميكست أوتوليب، المبادرة الذكيّة لمشاركة السيارات الكهربائية في مدينة باريس، تكاليف النقل بنحو 90 في المئة سنوياً، بالإضافة إلى دورها في تخفيف الازدحام المروري والحدّ من التلوث، ويشكل ذلك مثالاً واضحاً حول قدرة مبادرة واحدة على تحقيق قيمة متعدّدة الجوانب".

البعد البيئي للعائدات الاستثمارية

وماذا بشأن البعد البيئي للعائدات الاستثمارية؟ يجيب بهاتيا قائلاً "إنه وفقاً لحالة الاستخدام المذكورة أعلاه، نجحت مبادرة أوتوليب في تخفيض 1.5 طن متري من انبعاثات الكربون سنوياً عبر استبدال 25 ألف مركبة تعمل بالوقود الأحفوري، وفي حال قدرة مثل هذه المبادرات الخاصة بالنقل فقط في المدن الذكية على تحقيق مثل هذه النتائج الباهرة، ما الذي يمكن أن تقدّمه المشاريع الشاملة؟ وبحسب مجلس المدن الذكية، يمتلك أي مشروع متوسط الحجم القدرة على تخفيض انبعاثات الكربون بنسبة تتراوح ما بين 10 و15 في المئة، والحد من استهلاك المياه بنسبة تتراوح ما بين 20 و30 في المئة، وتقليص حجم النفايات الصلبة بنسبة 10 إلى 20 في المئة، وأصبح ذلك ممكناً بفضل تجميع البيانات في الوقت الحقيقي من النظم الكثيفة الاستهلاك للطاقة، مما يساعد في ضبط استهلاك الموارد وهدرها، كما تستفيد المنصات الحديثة مثل نيتيكس كونكت من التحليلات المعززة بالذكاء الاصطناعي لاكتساب تحليلات معمّقة وتفصيلية في عمليات تدقيق الطاقة ومبادرات الاستدامة الجديدة".

الحدّ من الحوادث

ويكمل بهاتيا متناولاً البعد الاجتماعي للعائدات الاستثمارية مشيراً إلى "أنه من الصعب تحديد البيانات الكمية للبُعد الاجتماعي الخاصّ بالعائدات الاستثمارية في المدن الذكيّة، ومع ذلك، تقدّم مجموعات البيانات الموثوقة من المستخدمين الأوائل للمدن الذكية وضوحاً أكبر. ويمكن ملاحظة التأثيرات الإيجابية على مجموعة متنوعة من المشكلات، مثل الجرائم وحركة المرور والحوادث وغيرها. وأشارت إحدى الدراسات التي أجرتها ماكينزي، إلى أن توظيف عمليات المراقبة والأمن القائمة على تقنيات إنترنت الأشياء في المدن الذكية يمكنه الحدّ من حوادث الاعتداء والسرقة والسطو بنسبة تتراوح ما بين 30 و40 في المئة، ويمكن أن تسهم إشارات المرور المُحسّنة في تقليص أوقات الاستجابة بنسبة تتراوح ما بين 20 و35 في المئة والحدّ من الوفيات الناجمة عن جرائم القتل والحوادث والحرائق بنسبة 8 إلى 10 في المئة، وتشكّل مثل هذه النتائج المدنية المتميزة حالة أفضل للمدن الذكية، قياساً بأي جانب اقتصاديّ قابل للقياس الكمي للعائدات الاستثمارية".

ويضيف: "تكمن قوة المنصات الموحَّدة والقائمة على إنترنت الأشياء في قدرتها على مواصلة تقديم قيمة مضافة، بحسب المستويات السابقة للأداء والرؤى، ويشير ذلك إلى نمو العائدات الاستثمارية بمرور الوقت، بالتزامن مع زيادة الكفاءات وتضاؤل النقاط المُبهمة في الجوانب التشغيلية، ومع التوجه المتزايد للإدارات نحو المشاركة في ثورة المدن الذكية حول العالم، يمكن أن تكشف الأيام المقبلة عن المزيد من هذه الجوانب الإيجابية".