لبنان على عتبة مليون عائلة جائعة فماذا بعد؟

  • 2021-02-23
  • 14:46

لبنان على عتبة مليون عائلة جائعة فماذا بعد؟

  • أحمد عياش

 

لم يعد خافياً لدى مؤسسات المجتمع الدولي ان التدهور المالي في لبنان يرافقه تدهور على مستويات عدة. وهذا التدهور الذي يرافقه انهيار في القدرة الشرائية يضع هذا البلد الصغير على حافة مجاعة، وفي تقديرات اولية من هذه المؤسسات ان هناك نحو مليون عائلة من اللبنانيين والمقيمين يتهددهم خطر الجوع، في ظل الأزمة الاقتصادية المستفحلة.

ملامح هذا الخطر لاحت بوادره قبل أيام من خلال التحرّك الرسمي في اتجاه البنك الدولي، وهذا التحرّك جاء في موازاة دخول لبنان مرحلة رفع الدعم التدريجي الموضوع على جدول اعمال مجلس النواب، وقد أعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الاعمال بالاتفاق مع البنك الدولي عن الشروع في تنفيذ مشروع شبكة الأمان الاجتماعي، والذي بدأت المفاوضات حوله منذ شهر آذار/مارس من العام الماضي، وتبلغ كلفة تمويل هذا المشروع 246 مليون دولار. هذا المبلغ سيوفره البنك بموجب قرض على أن تسدّده الدولة اللبنانية على مدى 15 عاماً.

 

قد يهمك:
لبنان: الانكماش يهدد بخسارة آلاف الوظائف و 8 تريليونات ليرة

 

في معلومات لـ "أولاً-لاقتصاد والاعمال"، من خبراء ان الجهات الرسمية تحاذر الكشف عن عدد العائلات الذين انحدروا تحت خط الفقر، وتكتفي هذه الجهات بالقول ان نحو 610 آلاف عائلة جرى تسجيلها في مشروع شبكة الامان الاجتماعي.

أزمات مضاعفة وغير مسبوقة

في المقابل، يقول البنك الدولي في احدث تقرير له هذه السنة ان لبنان يواجه  أزمات مضاعَفة وغير مسبوقة، فقد أدَّت الأزمة الاقتصادية والمالية الحادة إلى هبوط في إجمالي الناتج المحلي يُقدّر بنسبة 19.2 في المئة في العام 2020، وتضخّم يفوق الـ 100 في المئة، وزيادة في نسبة الفقر حيث بلغت 45 في المئة وفي نسبة الفقر المدقع التي تُقدّر بـ 22 في المئة. وتشير التقديرات إلى أن نحو 1.7 مليون شخص قد أصبحوا تحت خط الفقر، منهم 841 ألفاً دون خط الفقر الغذائي.

 

اقرأ أيضاً:
السلطة اللبنانية "تُهجِّر" المصارف من أسواقها الخارجية
 

 تقرير البنك الدولي يعيد الى الاذهان تقرير مماثل عن منظمة الاسكوا في 19 آب/أغسطس من العام الماضي. فقد جاء في التقرير: "من المتوقّع أن يقفز معدل الفقر من 28 في المئة في العام 2019 إلى 55 في المئة، مع زيادة في نسبة الفقر المدقع من 8 في المئة إلى 23 في المئة، وبذلك، يُتوقّع أن يصل العدد الإجمالي للفقراء من السكان اللبنانيين إلى 1.1 مليون نسمة حسب خط الفقر الأدنى. وحسب خط الفقر الأعلى، يُتوقّع أن يبلغ هذا العدد 2.7 مليون نسمة، ما يمثل زيادة في عدد الفقراء قدرها 1.3 مليون نسمة مقارنةً بالسيناريو المرجعي للنمو للعام 2020 الذي كان متوقّعاً قبل الجائحة وقبل انفجار المرفأ. ومن المتوقّع أن تقابل ذلك زيادة في عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع، قدرها 750,000 شخص.

 

للمتابعة:
ماراتون "رسملة" مصارف لبنان يتواصل بعد نهاية فبراير

 

مليون نسمة في منطقة بيروت لا يملكون ثمن الطعام

بدورها، حذّرت منظمة "أنقذوا الأطفال" العالمية غير الحكومية من أن نحو مليون نسمة في منطقة بيروت لا يملكون المال الكافي لتأمين الطعام، أكثر من نصفهم من الأطفال المهددين بالجوع جراء الأزمة الاقتصادية المتمادية في لبنان. وقال مدير المنظمة بالوكالة في بيروت جاد صقر "سنبدأ بمشاهدة أطفال يموتون جوعاً قبل حلول نهاية العام الحالي، وأضاف: "تضرب الأزمة الجميع، العائلات اللبنانية كما اللاجئين الفلسطينيين والسوريين على حدّ سواء".

في الصورة الاشمل، يقول البنك الدولي ان لبنان على مدى عام تقريباً، يتعرض لأزمات متفاقمة، وهي على وجه التحديد، أزمات اقتصادية ومالية، وجاءت بعدها جائحة كورونا، وأخيراً انفجار مرفأ بيروت. ففي تشرين الأول/أكتوبر 2019، غرق الاقتصاد اللبناني في أزمة مالية نجمت عن توقف مفاجئ في تدفقات رأس المال، مما عجل بحدوث إخفاقات كبرى طالت منظومة القطاع المصرفي بأسره، وقطاع الديون، وأثرت سلباً على سعر الصرف. وفي 7 آذار/مارس 2020، تخلفت الحكومة عن سداد سندات دولية بقيمة 1.2 مليار دولار، وهو ما يمثل أول تخلف من جانب لبنان عن سداد الديون السيادية. وفي 4 آب/أغسطس 2020، هز انفجار هائل مرفأ بيروت، ما أسفر عن تدمير معظمه وإلحاق أضرار بالغة بالمناطق السكنية والتجارية الكثيفة الواقعة في نطاق دائرة الانفجار.

 

للقراءة:
موازنة لبنان 2021: روحية إصلاحية مهددة بالعقم

 

ضرورة تشكيل حكومة جديدة وتنفيذ الاصلاحات

وإلى جانب هذه المأساة الإنسانية، فإن الأثر الاقتصادي لهذا الانفجار له تداعيات كبيرة على الصعيد الوطني على الرغم من تركيزه الجغرافي. وزاد ما سبق من تفاقم مواطن الضعف الهيكلية الطويلة الأجل التي تشمل سوء حالة البنية التحتية -عدم قدرة قطاع الكهرباء على القيام بمهامه، ونقص المياه، وعدم كفاية إدارة النفايات الصلبة ومياه الصرف الصحي، وسوء إدارة المالية العامة، والاختلالات الضخمة في الاقتصاد الكلي، وتدهور المؤشرات الاجتماعية.

هناك من المؤكد، بحسب قراءة الخبراء لكل التقارير ان هناك مليون عائلة في لبنان يتهددها خطر الجوع الوشيك، وما تدعو اليه هذه التقارير من حلول تتطلب اولاً مواجهة هذا الخطر قبل الذهاب الى الحلول الأخرى. واول مستلزمات هذه المواجهة تشكيل حكومة جديدة تتولى تنفيذ برنامج طارئ بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي والشروع فوراً بتنفيذ برنامج الاصلاحات الضرورية.

ان الوقت يضيق. وبحسب تقديرات الخبراء ف،ن هناك اسابيع تفصل لبنان عن مرحلة دقيقة سيدخلها بعد نفاد وسائل دعم السلع الضرورية، وحتى الآن يمضي لبنان في سرعتيّن: الاولى تتصل بالانحدار الاقتصادي والانهيار الاجتماعي وهي سرعة قصوى. أما السرعة الثانية المتصلة بتشكيل الحكومة ذات مهمة الانقاذ فهي تشبه سرعة السلحفاة. فهل يتحمل لبنان هذا الفارق ما بين سرعة الانهيار القصوى وسرعة الحلول البطيئة جداً؟