اعتقالات "غزوة" الكونغرس تُشعل الغضب على أنظمة التجسّس

  • 2021-01-22
  • 10:00

اعتقالات "غزوة" الكونغرس تُشعل الغضب على أنظمة التجسّس

ما هي قصة Clearview AI وكيف تعمل؟

  • إياد ديراني
بعد اقتحام المتظاهرين المتطرّفين مبنى الكونغرس الأميركي في السادس من يناير، ومبادرة السلطات الأمنية في الولايات المتحدة إلى اعتقال عدد من المقتحمين بمساعدة من تقنيات التعرّف على الوجوه والهويات Face Recognition، صدرت مواقف مُستنكرة من جانب منظمات وجمعيات معنية بالخصوصية والحريات المدنية وحقوق الانسان. وصبّت هذه الجهات جام غضبها على شركة Clearview AI الأميركية التي زوّدت مكتب التحقيقات الفدرالي ووزارة الأمن الداخلي وأجهزة أمنية أخرى بخدمات تقنية لتحديد هويات الأشخاص الذين شاركوا في الاقتحام. سبب غضب هذه الأطراف هو حصول Clearview AI على صور المقتحمين من قاعدة بيانات ضخمة تحتوي على نحو 3 مليارات صورة مصدرها وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع انترنت أخرى، وهو ما اعتُبر خرقاً فاضحاً للخصوصية وحقوق الانسان وتعدياً على الحريات، لكن استنكار المنظمات الحقوقية شكّل ردة فعل محدودة وشمل المواطنين الأميركيين فحسب، ولم يأخذ في الاعتبار الاختراق الكبير لخصوصيات مستخدمي الانترنت من جانب وكالات المخابرات والشركات حول العالم. لكن ما هي قصة هذه الشركة التي أثارت زوبعة من الاعتراضات، ولماذا لا يمكن اعتبار تجربتها يتيمة؟ 

فساد وصرف نفوذ

تعود قصة إطلاق شركة Clearview AI إلى العام 2016 عندما التقى رائد الأعمال الأسترالي هوان تون تات بأحد مساعدي عمدة نيويورك رودي جولياني وهو المحامي الشخصي للرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترامب، وأثمر اللقاء بين الرجلين، إذ تمّ تأمين التمويل لتطوير النظام التقني الذي ابتكرته الشركة، ومباشرة حظيت Clearview AI بمجموعة كبيرة من العقود مع أجهزة الشرطة في ولايات أميركية مختلفة إضافة إلى وكالات المخابرات، وتسبّب ذلك بتوجيه اتهامات إعلامية لعدد من الشخصيات المعروفة، بالفساد وصرف النفوذ لتسهيل توقيع العقود مع Clearview AI.

والجدير بالذكر أن أحد المستثمرين الأوائل في Clearview AI هو الشريك المؤسس لشركة PayPal بيتر تيل.  

الأسلوب الذي تعتمده Clearview AI للتعرّف على هويات الأشخاص يتقاطع مع بعض التقنيات المُستخدمة في نظام "بيغاسوس" Pegasus للتجسّس والذي طوّرته شركة NSO الإسرائيلية والتي تجنّد ضباط المخابرات المتقاعدين من الوحدة العسكرية الإسرائيلية 8200 المتخصصة في جمع المعلومات الاستخباراتية، والذين يلعبون دوراً بارزاً في توفير قدرات سيبرانية هجومية وأنظمة دفاع رقمية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، ولهذه الشركة سمعة سيئة عالمياً، إذ رفعت ضدها العام 2019 قضية أمام المحاكم الأميركية من جانب مجموعة شركات تكنولوجية أبرزها فايسبوك، مايكروسوفت، غوغل، لينكد إن وغيرها، على خلفية اختراق NSO لنحو 1400 حساب واتساب عائدة إلى صحافيين وناشطين في مجال حقوق الانسان. 

هل تذكرون ادوارد سنودن؟

كذلك تتشابه تقنيات Clearview AI للتجسس مع التقنيات التي اعتمدتها وكالة الأمن القومي الأميركية في نظام "بريزم" Prism، وكان المستشار السابق للإستخبارات الأميركية إدوارد سنودن كشف بُعيد هروبه من الولايات المتحدة وحصوله على اللجوء في روسيا العام 2013، عن قيام الولايات المتحدة بتشغيل أنظمة رقمية للتجسّس على المواطنين الأميركيين والمؤسسات الدولية والحكومية والسياسيين ورجال الأعمال والصحافيين حول العالم. ونظام بريزم هو "الوريث الشرعي" لنظام كارنيفور Carnivore (آكل اللحوم) المتواضع الذي أطلقه مكتب التحقيقات الفدرالي العام 1997 وركّز من خلاله على مراقبة الانترنت وبشكل خاص الاتصالات ورسائل البريد الالكتروني.       

وكانت وسائل إعلام ألمانية من بينها دير شبيغل نشرت العام 2013 تقريراً كشفت فيه أن تقنية التعرّف على الوجوه ومقارنتها إضافة إلى أنظمة تجسس أخرى، تمّ استخدامها لفترة طويلة من جانب وكالات المخابرات الأميركية للتجسّس على حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا. وذكر التقرير الذي استند إلى معلومات استخباراتية أوروبية ووثائق سرّبها إدوارد سنودن، أن وكالة الأمن القومي الأميركية تعتمد على تقنية التعرّف على الوجوه وأنظمة التنصت وجمع البيانات للتجسّس على مقر الاتحاد الأوربي ومختلف مؤسساته في أوروبا والولايات المتحدة بالإضافة إلى مؤسسات الأمم المتحدة والبعثات الدبلوماسية حول العالم.