دعم مصرف لبنان "يَعلِف" التجار!

  • 2020-12-17
  • 13:24

دعم مصرف لبنان "يَعلِف" التجار!

وزارة الزراعة تطلق منصة الكترونية خلال يومين لضبط تجارة الأعلاف المدعومة

  • أدهم جابر

أخيراً، أحال وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس مرتضى أحد موزعي الأعلاف المدعومة في لبنان الى النيابة العامة المالية لتمنعه عن تسليم الأعلاف إلى المستحقين، وذلك بعد ورود شكوى خطية ضده.

تعيد هذه الإحالة ملف الدعم الذي يقوم به مصرف لبنان إلى الواجهة، كما تعيد إلى "التداول" حالات تجاوز القانون وشروط الدعم من قبل تجار الأعلاف والتي كان جاهر بها مربو المواشي أكثر من مرة من دون امتلاكهم لأدلة واثباتات موثقة عليها باستثناء ما كانوا يتعرضون له من ممارسات تعسفية من قبل التجار.

إذن ثمة اليوم من التجار من يتلاعب بالدعم بحسب ما تقتضيه مصلحته في مراكمة الثروة على حساب المستحقين والفقراء، وقد نتج عن ذلك استغلال للدعم دفع الكثيرين إلى المطالبة برفع الدعم لأن المستفيد منه "تاجر فاجر" لا "فقير يجهد لتأمين قوت يومه".

 

تجار الأعلاف المدعومة:

تحايل وتنكيل بالمزارعين

 

وبالعودة إلى تجّار الأعلاف المدعومة، فقد تفنن هؤلاء في طرق التحايل على المزارعين والتنكيل بهم، فبحسب عدد من المزارعين الذين يخشون ذكر أسماءهم خوفاً من مقاطعة التجّار لهم وحرمانهم من الأعلاف التي يحتاجونها لأبقارهم ومواشيهم، فإن ثمة من التجار من يخفي الأعلاف المدعومة ويكدسها في مستودعاته ولا يمنحها لمستحقيها، فإذا ما تم التوجه إليه للحصول على "العلف" يدعي أن الأعلاف المدعومة نفذت وأن المتوافر ليس مدعوماً ويجب تسديد ثمنه بالدولار وليس بالليرة. أما تاجر آخر، ووفقاً للمربين أنفسهم فبقوم بتسليم الاعلاف إلى الذين يحملون "بون" من وزارة الزراعة والمحدد الكمية لكنه يرفض تسليمهم الإيصال حتى يتسنى له التلاعب بالسعر من دون أن يترك دليلاً مثبتاً على ما يقوم به، وفي حال رفض المزارع الاستلام من دون إيصال فإن التاجر يرفض تسليمه الكمية المطلوبة. ويروي أحد المزارعين المتضررين بأن هذا التاجر يتعامل بأسلوب النهر والزجر مع أي مزارع يعترض على ممارساته، ولدى سؤالهم: لماذا لا يلجأون إلى وزارة الزراعة أو الجهات الرسمية المعنية؟ يردون بأن التاجر المذكور مدعوم وأنهم يخشون على أنفسهم منه وحتى لا يفتعلون معه مشكلة لن تعود عليهم سوى بالمزيد من المعاناة التي هم في غنى عنها.

 

من وزارة الزراعة

 

تؤكد وزارة الزراعة اللبنانية أنها شفافة في تعاملها مع ملف دعم الثروة الحيوانية، وهي في سبيل ذلك تقوم بتنظيم توزيع الأعلاف المدعومة من خلال هيئة بإشراف وزير الزراعة عباس مرتضى، وتعمل من خلال المصالح الإقليمية في المناطق والتي تتولى توثيق المعلومات حول المزارعين. وبموجب هذه العملية يمنح كل مزارع "بون" بكمية من الأعلاف بحسب أعداد الأبقار أو المواشي أو الدواجن التي يمتلكها. لكن هل حدّت هذه العملية من ممارسات التجار؟

 

الوزير عباس مرتضى في اتصال مع "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال":

عملية تنظيم توزيع الأعلاف نجحت بنسبة كبيرة والمنصة الالكترونية قريباً

 

 

يؤكد وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس مرتضى أن الخطوات التي قامت بها الوزارة على صعيد توزيع الأعلاف على مستحقيها من المزارعين نجحت بنسبة كبيرة، وإن كان هناك بعض الخلل الذي يشوب العملية والناتجة عن تجاوزات يقوم به بعض التجار. ولتدارك الخلل الموجود، عمدت الوزارة بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد والتجارة إلى إطلاق المنصة الالكترونية للأعلاف والتي ستبدأ العمل خلال اليومين المقبلين، وهي تهدف إلى الحد من الفوضى في هذا القطاع وتعزيز الشفافية لأنها ستوثق لكل العمليات المتعلقة بالأعلاف ومنتجاتها من استيرادها وتوزيعها بحيث ستتضمن كمية الأعلاف المستوردة وطرق توزيعها وتسليمها إلى مستحقيها من المزارعين. ويشير مرتضى إلى أن فكرة المنصة نابعة من عمق الأزمة التي يعيشها لبنان، والتي دفعتنا إلى ابتكار وسائل جديدة للمواجهة بالاعتماد على أحدث التقنيات، وبالتالي فإن المنصة هي "ابتكار" غايته الرئيسية الحد من الانتهاكات التي يتعرض لها المزارعون، وضبط إيقاع القطاع، وطبعاً كل ذلك في إطار امكاناتنا المادية والمالية المتواضعة. ويشدد وزير الزراعة على أن هذه المنصة ستكون السيف المسلط على التجار إذ ستكشف مستودعاتهم أمام الوزارة والمزارعين بحيث لا تترك لهم مجالاً للتهرب من أداء أعمالهم بحسب القوانين المرعية. ورداً على الممارسات التي يقوم بها التجار ضد المزارعين؟ يؤكد مرتضى أن الوزارة لا يمكنها التحرك بناء على أخبار قد لا تكون دقيقة ولا تستند إلى وثائق حقيقية، متسائلاً: هل يمكن محاسبة تاجر بناء على "خبرية" ومن دون سند عملي؟ وإذ يشدد على حرص وزارة الزراعة على دعم المزارعين وتثبيتهم في أرضهم، يدعو كل المتضررين منهم إلى الإبلاغ عن أي تجاوزات قد يتعرضوا لها من قبل التجار، وذلك بموجب شكاوى رسمية حتى يتسنى لأجهزة الوزارة متابعة القضية، محذراً التجار في المقابل من أن أي تلاعب بالأسعار أو بكميات الأعلاف من شأنه أن يعرضهم للإحالة إلى النيابة العامة المالية والملاحقة القضائية.

ويخلص الوزير مرتضى إلى التأكيد بأن الدعم، حتى لو أمن فائدة لبعض التجار، إلا أن ذلك قد يعدّ أمراً طبيعياً لأن المزارع في النهاية يستفيد بدوره منه، فغياب الدعم كان سيرفع الأسعار بشكل جنوني وسيرتب على المزارعين أعباء مالية لا طاقة لهم بها.

 

إلى وزارة الاقتصاد؟

 

وإلى جانب وزارة الزراعة، تعمل وزارة الاقتصاد والتجارة لضبط الأسعار والتلاعب بها، وإذ تؤكد مصادرها أن تفاصيل استيراد الأعلاف وتوزيعها على المزارعين وكذلك مراقبة المزارع ومتابعتها هي لدى وزارة الزراعة، تشدد على أن دور الوزارة يقتصر على ضبط المخلين بتسعير الأعلاف المدعومة. وفي هذا السياق، تدعو المصادر كل المتضررين من المزارعين إلى التقدم بشكوى رسمية لدى "حماية المستهلك" عند تعرضهم لأي عملية استغلال من قبل التجار..

تلتقي وزارتا الزراعة والاقتصاد والتجارة على ضرورة قيام المزارعين بتقديم شكاوى رسمية من أجل نيل حقوقهم. وقد لا تلتقيان في خصوص النظرة إلى الدعم، لكن الحقيقة تبقى أن الدعم على فائدته وإن كان يصل إلى المستحقين، إلا أنه الطريقة الأمثل لـ "عَلْف" التجار ويعزز ثرواتهم، لذا فإن البحث قد لا يكون واجباً في احتمالات ترشيده أو رفعه بالقدر الذي يستوجب التعامل معه من منظور مختلف كلياً وتنظيمه من قبل الدولة بنفسها مباشرة لا عبر الوسطاء...