لبنانيون يتحايلون على المصارف لاستعادة جزء من مدخراتهم

  • 2020-01-27
  • 10:36

لبنانيون يتحايلون على المصارف لاستعادة جزء من مدخراتهم

سمعت الطبيبة ريتا أن البنوك اللبنانية ستحدّ من عمليات السحب النقدي فسارعت إلى شراء ساعة رولكس ثمنها 10 آلاف دولار ببطاقتها الائتمانية حرصاً منها على حماية مدخراتها. وتقول ريتا إن "ذلك أفضل من الاحتفاظ بأموالي في البنك".

هكذا هي حال اللبنانيين في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة، باتوا رهن الشائعات باحتمال ضياع ودائعهم فلجأوا إلى طرق مختلفة في محاولات ربما يائسة، للحفاظ على أموالهم، إمّا بشراء الحلي والمجوهرات والعقارات وإما في إخفاء أموالهم في البيوت، وذلك في ظل أسوأ أزمة يشهدها لبنان منذ عشرات السنين.

كل أسبوع يصطف أصحاب الحسابات المصرفية أمام فروع البنوك لسحب نصيبهم المحدد بحسب التعاميم التي تصدرها المصارف، تقل حصة البعض منهم عن 200 دولار في الأسبوع من مصارفهم التي أوقفت تحويلات النقد الأجنبي في وقت يغرق فيه لبنان في أزمة اقتصادية تزداد عمقاً يوماً بعد يوم.

منذ أيام يعيش اللبنانيون مرحلة تذبذب سعر الدولار بسبب النقص الحاصل في العملة الصعبة، وقد أدى هذا الأمر إلى استغلال الصرافين لذلك الأمر فلجأوا إلى رفع سعر الدولار في السوق السوداء فهوت الليرة اللبنانية في السوق الموازية وانهارت الثقة بالنظام المصرفي.

هذه الأوضاع دفعت أصحاب المدخرات في البنوك إلى المسارعة في الحصول على أموالهم عن طريق شراء الحلي أو السيارات أو الأراضي ببطاقات الائتمان أو الشيكات المصرفية، ويقول عدد من اللبنانيين إنهم يخشون فرض قيود أشد أو اقتطاع جزء من ودائعهم أو انهيار البنوك أو تخفيض قيمة العملة اللبنانية المربوطة بالدولار الأميركي منذ 22 عاماً.

وإذ يرفض بعض هؤلاء اللبنانيين البوح بأسمائهم بسبب مخاوف تتعلق بالأمان، يؤكد مصرف لبنان بشكل دائم أن الودائع آمنة متعهداً بالمحافظة على ربط العملة بالدولار في حين قال جمعية مصارف لبنان لـ "رويترز" إن القيود على السحب وغيرها من التدابير تهدف إلى المحافظة على ثروة لبنان.

إخفاء المال في البيوت

وفي موازاة الذين يقومون بشراء الحلي والعقارات ثمة من اللبنانيين العاديين من بدأ بإخفاء المال في البيوت قبل أشهر، أي منذ تفجّر الاحتجاجات في تشرين الأول/أكتوبر الماضي في مواجهة الطبقة الحاكمة التي يعتبر المحتجون أنها قادت لبنان إلى أسوأ أزمة يشهدها لبنان منذ عشرات السنين.

في العاصمة بيروت، يقول عاملون في متاجر عدة للحلي إن الزبائن تدفقوا في الآونة الأخيرة سعياً إلى شراء الذهب والألماس، لبيعه في بعض الأحيان في الخارج، وذلك على الرغم من أن أغلب باعة الحلي لا يقبلون سوى النقد السائل.

وفي متجر للساعات الرولكس في المدينة يشير موظف إلى أن "المبيعات لا تتم الآن إلا إذا كان نصف الثمن مدفوعا نقدا بالدولار الأميركي".

وعندما بدأت الأزمة تشتد خشيت لوسي وهي ربة بيت في الستينيات من عمرها على ما تركه زوجها الراحل لها من أموال. فجمعت هي وبناتها كل ما أمكنهن من نقد سائل واشترين ذهبا قيمته 50 ألف دولار وأخفينه في البيت.

وتقول إحدى بناتها "هذه هي مدخرات العمر التي ادخرها أبي. لا أريد الاحتفاظ بفلس واحد في البنك."

وتشير مستشارة في أحد بيوت المزادات في بيروت طلبت الاحتفاظ بسرية هويتها إلى أنها تتلقى مكالمات يومية من أفراد يريدون إدخار "أموالهم في لوحات فنية بدلا من وضعها في البنوك"، مضيفة: "للمرة الأولى أتلقى مكالمات من أناس لا يعرفون شيئا عن الفن".

أما الطبيب عبد الله، وهو في الخمسينيات من العمر، فقد اشترى ثلاث سيارات تتجاوز قيمتها 80 ألف دولار بشيك مصرفي. ويوضح أن مصرفه لا يسمح سوى بسحب 100 دولار كل أسبوع وإنه يخشى أن تزداد القيود تشددا.

في ظل الأزمة لم تعد الخيارات أمام اللبنانيين كثيرة، فهم يعوّلون اليوم على الحكومة الجديدة على أمل أن تقوم بخطوات عملية على طريق إخراج لبنان من الأزمة غير المسبوقة.

 المصدر: رويترز، أولاً