غياب أمير الكويت: إنجازات تروي مسيرته الوطنية والعربية والدولية

  • 2020-09-30
  • 12:05

غياب أمير الكويت: إنجازات تروي مسيرته الوطنية والعربية والدولية

  • بيروت – "أوّلاً- الاقتصاد والاعمال"

ما ان أعلنت دولة الكويت نبأ وفاة أميرها الشيخ صباح الأحمد الصباح، حتى عمت ردود الفعل مختلف الأقطار في المنطقة والعالم.. تأكيداً على مكانة الراحل الكبير ومسيرته الحافلة بالعطاء في بلاده والعالم منذ قرابة ستين عاماً.

الأمير الراحل، وهو الأمير الخامس عشر منذ قيام الدولة والخامس بعد نيل الكويت الاستقلال من المملكة المتحدة، هو أول من رفع علم بلاده فوق مبنى هيئة الأمم المتحدة لدى الموافقة على الانضمام إليها في العام 1963 عند تعيينه في ذلك العام وزيراً للخارجية ورئيساً للجنة الدائمة لمساعدات الخليج وظل في هذا المنصب لمدة 40 عاماً، وبحكم منصبه الوزاري أصبح عضواً في مجلس الأمة الكويتي.

 

عن الراحل الكبير:

أمير الوئام العربي

 

ان يكون "ابو ناصر"، كما كان يحلو للأمير الراحل أن تتم مخاطبته بهذا اللقب، في قلب مسيرة الحكم على مدى ستة عقود هي عمر استقلال دولة الكويت، معنى ذلك أنه يستحق لقب "ابو الكويت" عن جدارة نتيجة تمرسه بالمسؤوليات في بلاده التي تبوأت موقعاً في الصدارة إقليمياً ودولياً في ظروف الرخاء والشدة معاً فأثبتت جدارتها كي يكون لها مكان على المسرح العالمي.

إن التوقف عند عينة من بيانات نعي الأمير الراحل التي صدرت فوراً عن عدد من الملوك والرؤساء العرب يوضح الموقع الذي تبوأه الفقيد في المنطقة العربية والعالم. ومن الشهادات المعبّرة تلك التي قدمها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عندما قال: "لن أنسى أبداً عندما كنت مفوضاً سامياً لشؤون اللاجئين أنني شهدت على مبادراته وقيادته بعض أهم الأعمال الإنسانية في العالم، ومنها إنقاذ حياة ملايين الناس، ومساعدة وحماية مجتمعات واقعة في محنة كبيرة بسبب نزاعات وكوارث طبيعية، حيث كان دائماً في الصف الأول لحشد تضامن المجتمع الدولي مع المحتاجين"، وكانت الأمم المتحدة كرّمت الأمير الراحل في 9 أيلول/سبتمبر سنة 2014 بلقب "قائد العمل الإنساني" وسُمِّيَت الكويت "مركزاً للعمل الإنساني" تقديراً من المنظمة الدولية للجهود التي بذلها الأمير وبذلتها الكويت خدمة للإنسانية، كما لُقِّب الأمير الراحل بـ "شيخ الدبلوماسيين العرب والعالم" و"عميد الدبلوماسية العربية والكويتية".

 

باني سياسة إصلاحية رسخت الحياة الديمقراطية

 

ويرى مراقبون أنّ الأمير صباح الأحمد اتبع في عهده سياسة إصلاحية فترسَّخت الحياة الديمقراطية وزادت الحريّات الإعلامية، وانتشرت الصحف والمنابر الإعلامية وتوسّعت مساحات النقد في الكويت. فبعد أن كان أول وزير إعلام لبلاده، كان ثاني وزير خارجية لها على مدى أربعة عقود حيث يعود له الفضل خلالها في إرساء وتوجيه السياسة الخارجية للدولة والتعامل مع الغزو العراقي للكويت في العام 1990، كما كانت للشيخ صباح بصمات لا تمحى في إنجاز السلام اللبناني في العام 1989 عبر اتفاق أبرم برعاية عربية ودولية في المملكة العربية السعودية.

وعندما صار أميراً للدولة في 29 كانون الثاني/يناير 2006 بدأت مسيرة جديدة للكويت بانت ملامحها في العام السابق لتوليه الإمارة عندما كان رئيساً لمجلس الوزراء حيث تم توزير أول امرأة في حكومته في العام 2005، ومن ثمَّ تُوجّت سياسته الإصلاحية تلك بدخول المرأة لأوّل مرة عضواً في مجلس الامة في ثالث إنتخابات جرت في عهده.

 

مبادرات للراحل ومحطات عدة مشرقة

 

 

في سجل مبادرات الأمير الراحل محطات عدة من بينها: في تشرين الثاني/نوفمبر 2007 تبرع في القمة الثالثة لمنظمة أوبك التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض بمبلغ 150 مليون دولار لدعم برنامج يمول البحوث العلمية المتصلة بالطاقة والبيئة والتغير المناخي. وفي أيار/مايو 2008 أنشأت دولة الكويت صندوق الحياة الكريمة وساهمت بمبلغ 100 مليون دولار في هذا الصندوق لمواجهة الانعكاسات السلبية لأزمة الغذاء العالمية على الدول. أما في كانون الثاني/يناير 2009 فأطلق الشيخ صباح مبادرة دعم وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال مؤتمر القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية برأس مال قدره مليارا دولار، كما مهدت المبادرة لتحقيق المصالحة بين قادة الدول العربية من خلال تعزيز الأجواء الإيجابية. وفي تموز/يوليو 2012 أعلن أمير الكويت خلال مؤتمر قمة الاتحاد الافريقي عن تبرع دولة الكويت بتكاليف تجهيز المقر الجديد للمفوضية العامة للاتحاد الافريقي بجميع مستلزماته في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. وفي نيسان/أبريل 2016 أطلقت بلاده مبادرة لاستضافة مباحثات السلام اليمنية برعاية الأمم المتحدة وتدخل الأمير بشكل مباشر لضمان نجاحها.

إلى جانب ذلك، كان الامير الراحل قد اهتم بالقضايا الاجتماعية وعمل على توفير فرص العمل الملائم للمواطنين الكويتيين، وقام بإعطاء المنح المالية من دون مقابل والتي شملت دولاً كثيرة.

 

الكويت تستعد لمسيرتها الجديدة

مع الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح

 

 

الكويت التي تودع أميرها، استعدت لمسيرة جديدة بقيادة الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح الذي كان وليّاً للعهد قبل أن يصبح أميراً للبلاد، وقد ولد الشيخ نواف الأحمد الصباح في الخامس والعشرين من حزيران/يونيو سنة 1937 في مدينة الكويت، وهو الابن السادس لحاكم الكويت العاشر الشيخ أحمد الجابر المبارك الصباح، الذي حكم البلاد في الفترة ما بين عامي 1921 و1950.

وللشيخ نواف 4 أبناء وابنة، هم الشيخ أحمد النواف والشيخ فيصل النواف والشيخ عبد الله النواف والشيخ سالم النواف والشيخة شيخة النواف.

وتولى الشيخ نواف الأحمد الصباح العديد من المناصب المهمة، لتبدأ رحلته في العمل السياسي في شباط/فبراير 1962، عندما تولى منصب محافظ حولي، حيث تمكن من تحويل المحافظة التي كانت عبارة عن قرية إلى مدينة حضارية وسكنية وتجارية تعج بالنشاط التجاري والاقتصادي، وتولى مسؤولية محافظة حولي لمدة 16 عاماً.

وفي آذار/مارس 1978، تولى حقيبة وزارة الداخلية خلفاً للأمير الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح، الذي تولى منصب ولاية العهد ورئاسة مجلس الوزراء في بداية عهد الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح.

ثم تولى الشيخ نواف منصب وزير الدفاع في كانون الثاني/يناير 1988، حيث طور العمل بشقيه العسكري والمدني، وعمل على تحديث وتطوير معسكرات وزارة الدفاع ومدها بالأسلحة والآليات الحديثة كافة.  

 رحم الله أمير الانسانية وأمدّ الله امير الكويت الجديد بكل الامكانات كي يتحمل المسؤولية في دولة صغيرة الحجم كبيرة الفعل في العالم.