مقتل سليماني يرفع الذهبَيْن.. وتكلفة التأمين على الديون بالسعودية

  • 2020-01-06
  • 15:26

مقتل سليماني يرفع الذهبَيْن.. وتكلفة التأمين على الديون بالسعودية

وضع مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، المنطقة فوق صفيح ساخن، فباتت أشبه ببرميل بارود قد ينفجر في أي لحظة.
فالضربة الأميركية جعلت منطقة الشرق الأوسط تتأرجح بين تاريخين، في ظل توقعّات أحلاها مرّ، فقد بات من المرجح أن تتجرّع المنطقة جرعات من عدم الاستقرار، إلى أجل غير مسمى، إلا إذا وجدت الأزمة كوة في جدار تتسلل منها إلى حديقة تسويات دولية ممكنة قد تعيد خلط الأوراق مجدداً.

ولا شكّ، أن مرحلة ما بعد سليماني، قد لا تكون كما قبلها، فالجنرال الذي يعدّ الرجل الثاني في إيران، يحمل رمزية خاصة بالنسبة إلى الإيرانيين وحلفائهم، فهو الذي تمكّن، منذ سنوات، في بناء أذرع طويلة لإيران ساهمت في توسيع نفوذها في المنطقة، من لبنان إلى العراق وسوريا فاليمن. لذا يبدو طبيعياً أن تكون هذه الدول الأكثر تأثراً بتداعيات مقتله.  

النفط والذهب يقفزان

منذ يوم الجمعة 3 كانون الثاني/يناير بدأت تداعيات اغتيال سليماني ترخي بثقلها على أسواق المنطقة، التي باتت دولها معرضة لأعمال عنف وعمليات عسكرية قد تهدد إمدادات نفطها إلى السوق العالمية. وعليه ارتفعت أسعار الذهبين الأسود (النفط) والأصفر الذي سجّل أعلى مستوياته منذ العام 2013. وارتفعت أسعار النفط اليوم الاثنين 2 في المئة مواصلة مكاسبها ودافعة "برنت" فوق 70 دولاراً للبرميل، متأثرة بالتصريحات الصادرة والرسائل المتبادلة بين الولايات المتحدة وإيران والعراق الذي كان برلمانه قد أقرّ أخيراً إنهاء العمل بالاتفاقية الموقعة مع واشنطن عقب مقتل سليماني.

كذلك صعدت العقود الآجلة لخام "برنت" إلى 70.74 دولار للبرميل وسجلّت 70.25 دولار مرتفعة 1.65 دولار بما يعادل 2.4 في المئة عن تسوية يوم الجمعة. أمّا الخام الأميركي غرب تكساس فسجل 64.35 دولار للبرميل وهو أعلى سعر منذ نيسان/أبريل الماضي. علماً أن هذا الارتفاع يأتي بعد صعود بأكثر من 3 في المئة يوم الجمعة عقب الضربة الجوية التي أطاحت بسليماني، والتي أثارت مخاوف من تعطل إمدادات النفط إلى الأسواق العالمية. خصوصاً أن المنطقة تسهم بنحو نصف انتاج العالم من الخام، في حين يمرّ خمس شحنات النفط العالمية عبر مضيق هرمز.

وأيضاً فقد أدت التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، إلى بلوغ الذهب أعلى مستوياته منذ 7 سنوات، فيما تجاوز البلاديوم مستوى الألفي دولار ليسجل ذروة قياسية.

وصعد الذهب في التعاملات الفورية 1.5 في المئة إلى 1574.14 دولار للأوقية (الأونصة). وكان قد ارتفع في وقت سابق من الجلسة 1.8 في المئة ليبلغ 1579.72 دولار وهو أعلى مستوى منذ العاشر من نيسان/أبريل 2013. كذلك فقد ارتفع الذهب في التعاملات الأميركية الآجلة 1.6 في المئة إلى 1577.20 دولار.

 البورصات الخليجية: استقرار بعد خضّة

مع ورود نبأ مقتل سليماني وارتفاع منسوب التوترات، تراجعت الأسهم الخليجية، لكن يبدو أن تأثيرات يوم الجمعة الماضي السلبية، لم تستمر إذ شهدت البورصات الرئيسية في الخليج اليوم الاثنين استقراراً، لم يلغِ احتمالات امتداد التأثيرات إلى الكتل المالية في المنطقة، إذ أكدّ مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "آي.إتش. إس. ماركت" فراس موداد أن "التصعيد يدفع الأموال إلى مغادرة المنطقة ويقلّص تدفقات الاستثمار، لأن اندلاع حرب فعلية سيكون مدمّراً لاقتصادات المنطقة.

وفي السعودية أيضاً، هبط المؤشر 0.1 بالمئة، مع انخفاض سهم البنك الأهلي التجاري 0.6 في المئة ونزول سهم أرامكو السعودية 0.1 في المئة إلى 34.5 ريال، مسجلا أدنى مستوياته منذ بدء تداوله في السوق الشهر الماضي.

وفي الكويت، انخفض مؤشر السوق الأول 0.2 في المئة، بعد هبوطه بأكبر قدر خلال عامين في الجلسة السابقة. ونزل سهم شركة المباني 2.6 بالمئة و"بنك برقان" اثنين في المئة.

وارتفع مؤشر دبي 0.3 في المئة إذ زاد سهم بنك دبي الإسلامي 0.7 بالمئة وإعمار العقارية 0.5 في المئة.

واستقر مؤشر أبوظبي من دون تغير مع هبوط سهم الدار العقارية 0.9 بالمئة وارتفاع دانة غاز 1.7 في المئة.

وتراجع المؤشر القطري 0.1 بالمئة متأثرا بانخفاض سهم مصرف الريان 1.5 في المئة وهبوط مسيعيد للبتروكيماويات 1.7 في المئة.

ارتفاع تكلفة التأمين على الديون

إلى ذلك، انعكس مقتل سليماني تأثيراً في ارتفاع تكلفة التأمين على الديون في بعض دول المنطقة، وخصوصاً في السعودية، إذ قفزت تكلفة التأمين على ديون المملكة أكثر من 16 في المئة، فيما بلغت عقود مقايضة مخاطر الائتمان السعودية لخمس سنوات 64 نقطة أساس في المعاملات المبكّرة ليوم الاثنين، ارتفاعاً من 55 في الثاني من كانون الثاني/ يناير وفقاً لبيانات "آي. إتش. إس ماركت".

كما ارتفعت السندات الدولية التي أصدرتها الحكومة السعودية وشركة "أرامكو" نحو عشر نقاط أساس عند الآجال الطويلة على المنحنى عند المقارنة بمستويات ما قبل الغارة التي استهدفت سليماني.

وبالنسبة إلى دبي توقّع محللون متخصصون في الدين تأجيل أي خطط محتملة للمقترضين في المنطقة لإصدار أوراق جديدة نظراً لتقلبّات السوق.

أوروبا تخسر

ولم ينحصر تأثير مقتل قاسم سليماني بالمنطقة، إذ انعكست تداعياته على الأسهم الأوروبية التي واصلت خسائرها، فقد نزل المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 0.7 في المئة الاثنين. فيما كان أداء الأسهم الألمانية الأضعف في المنطقة حيث انخفض المؤشر "داكس" نحو واحد في المئة.

وفي المحصلة، لا تزال المنطقة تعيش تحت تأثيرات التهديدات المتبادلة، خصوصاً التي كان قد أدلى بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض عقوبات على العراق، ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك"، وذلك رداً على دعوة العراق للقوات الأميركية والأجنبية بمغادرة أراضيه.

وفيما يرى محللون أن الأسواق تعاني اليوم من حالة عدم تيقن في انتظار صورة وشكل الرد الإيراني وما بعده، فإن الواضح أن التطورات الحاصلة تزيد من مخاطر تعطّل إمدادات النفط في الشرق الأوسط، سواء إذا ما عمد الإيرانيون إلى وقف تدفقات النفط عبر مضيق هرمز، أو لجأوا إلى مهاجمة البنية التحتية للطاقة في المنطقة، وهذا أمر يقود إلى البحث عن إجابة للسؤال المحوري: ماذا بعد مقتل سليماني؟