قطاع الطاقة: بين ذروة النفط وشطب الأصول المبكر

  • 2020-08-21
  • 09:12

قطاع الطاقة: بين ذروة النفط وشطب الأصول المبكر

  • حنين سلّوم

لا شك أن سنة 2020 كانت الأسوأ على قطاع الطاقة العالمي، من تراجع في الطلب وانخفاض أسعار النفط وصولاً إلى إفلاس بعض الشركات وشطب العديد من الأصول. فهل بلغ انتاج النفط ذروته؟ وماذا عن شطب الأصول المبكر؟

 

هل وصل انتاج النفط إلى ذروته؟

 

 

نظرية ذروة النفط، أو ما يُعرف بقمة انتاج النفط في العالم، تعود إلى عالم الجيولوجيا ماريون كينغ هوبرت فهو الذي ابتكر هذا التعبير في خمسينات القرن الماضي وتحديداً سنة 1956 عندما كان يعمل كمهندس لإنتاج البترول في شركة Royal Dutch Shell.

تتنبأ النظرية بالإنتاج الأقصى للنفط بالاستناد إلى النقطة الزمنية التي يصل فيها معدل الإنتاج لحقل النفط إلى ذروته، وبعد هذه النقطة يبدأ الإنتاج بالانخفاض وأنّ حدة هذا الانخفاض مرتبطة باكتشاف آبار جديدة واستخدام التكنولوجيا.

 

ووفقاً لنظريته، تنبأ هوبرت أن تكون ذروة انتاج النفط في العالم قرابة سنة 2000 عند نحو 12.5 مليار برميل سنوياً، وكان هناك إجماع بين قادة القطاع والمحلّلين أن يصل انتاج النفط إلى ذروته ما بين العامين 2010 و2030 مع احتمال حدوثها قبل سنة 2020، في ظل التطورات الأخيرة التي شهدها القطاع هذه السنة، هل يكون انتاج النفط قد وصل إلى نقطة الذروة؟

هنا تنقسم الآراء بين مؤيد ومعارض وكل طرف يستند إلى جملة من التحاليل. فوفقاً لمقال نشر على موقع Resilience، فإنّ انخفاض انتاج النفط لم يبدأ بعد انتشار وباء كورونا بل هو يعود لأكثر من سنة إلى الوراء ولم يلاحظه سوى البعض. فقد انخفض الإنتاج العالمي من 84.5 مليون برميل يومياً في تشرين الثاني/نوفمبر 2018 إلى 83.2 مليون برميل يومياً في كانون الأول/ديسمبر 2019 وقد وصل إلى مستويات أدنى خلال هذه الفترة، علماً أن الاقتصاد العالمي في تلك الحقبة كان أفضل مما هو عليه في هذه المرحلة، واستناداً إلى هذه المعطيات، وتراجع أسعار النفط، بالإضافة إلى تخفيض الإنفاق الرأسمالي على المشاريع الجديدة، وانخفاض الإيرادات وإفلاس العديد من شركات الطاقة منذ بداية سنة 2020، يرى كاتب المقال أن انتاج النفط قد بلغ ذروته ولكن ذلك بالطبع ليس محسوماً. في الوقت نفسه، إنّ تخطّي مستويات انتاج تشرين الثاني/نوفمبر 2018 يتطلّب حلاً سريعاً للركود الحالي وانخفاضاً في عدد الإصابات التي أدت إليه وهو لا يزال غير متوفّر حتّى الساعة.

في المقابل، في التقرير السنوي لشركة Rystad Energy، خفضت الأخيرة تقديراتها لحجم الموارد النفطية القابلة للإسترداد (recoverable oil resources) من الأرض، نظراً إلى قيود التكنولوجيا والطلب، بمقدار 282 برميلاً عن تقديرات سنة 2019 لتصل الموارد النفطية القابلة للاسترداد إلى 1.9 تريليون برميل وذلك نتيجة تغير عادات الاستهلاك وتخلّي الشركات عن خطط استكشاف آبار جديدة (مثل BP على سبيل المثال).

وقال رئيس قسم التحليل في Rystad Energy، إن الأحداث الأخيرة قد تكون سرّعت بلوغ ذروة النفط بنحو ثلاث سنوات، فكانت الشركة تتوقّع أن يبلغ انتاج النفط ذروته سنة 2030 والآن باتت تتوقع حدوثها ما بين العامين 2027 و2028، كما اضافت الشركة في التقرير أن انخفاض الطلب وزيادة الوعي البيئي سيحولان دون استكشاف النفط في مناطق نائية كانت تنوي الشركات استكشافها لتجنّب ضخ استثمارات ضخمة.

 

أصول تخسر من قيمتها قبل الآوان

 

شهد قطاع الطاقة في الربع الثاني من العام 2020 شروع العديد من شركات الطاقة العالميّة في تسجيل خسائر غير نقدية إثر شطب write down قيمة بعض الأصول النفطية بعد أن تراجع الطلب على النفط وأصبحت الشركات تعي أنّها لن تستكمل استكشاف بعض الآبار أي أنّها لن تتمكّن من الاستفادة من هذه الموارد وذلك فضلاً عن خفضها توقّعاتها لأسعار النفط. على اثر ذلك، تكون الأصول النفطية قد شهدت ما نسميّه stranded assets وهو أن تشطب قيمة الأصول بشكل غير متوقّع وقبل أوانها.

يضاف إلى تراجع الطلب وانخفاض الأسعار، وجوب شركات الطاقة الالتزام باتفاق باريس وخفض الاحتباس الحراري وهو أيضاً ما سيحول دون اكتشاف واستخراج النفط، فوفقاً لمقال نشرته صحيفة Financial Times، فإنّ الالتزام بمتطلّبات المحافظة على المناخ تكلّف الشركات نحو 900 مليار دولار أميركي من شطب الأصول قبل أوانها.

مع اجتماع عوامل إضافية أتت بشكل مفاجئ (أي تراجع الطلب والأسعار معاً)، شهدنا شطباً مبكراً للأصول النفطية في الربع الثاني ومن المتوقّع أن تستمر هذه الظاهرة خصوصاً مع عزم بعض الشركات إلى التخلي عن استكشاف الآبار الجديدة والاستثمار في الطاقة المتجدّدة.

 

شطب الأصول خلال الربع الثاني 2020- مليار دولار أميركي
BP 9.2
ExxonMobil 2.9
Royal Dutch Shell 16.8
Total SA 8.3
Chevron 4.8
 المصدر: البيانات المالية، "أولاً- الاقتصاد والأعمال"