ما طلبه ماكرون: حكومة جديدة عندما أعود إلى لبنان

  • 2020-08-13
  • 14:31

ما طلبه ماكرون: حكومة جديدة عندما أعود إلى لبنان

  • أحمد عياش

بين زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان في السادس من آب/ أغسطس، وبين استقالة حكومة الرئيس حسّان دياب، فقط أربعة أيام، فهل من رابط بين الزيارة والاستقالة؟

في معلومات حصل عليها "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال" من مصادر وثيقة الصلة بالمحادثات التي أجراها الرئيس الفرنسي في بيروت، والتي شملت شخصيات رسمية وسياسية، خرجت شخصية بارزة بمعطيات مفادها أن باريس تتطلع إلى ولادة حكومة جديدة في المدة التي تفصل زيارته الأخيرة عن تلك المقررة في الأول من أيلول/ سبتمبر حيث سيحضر ماكرون للمشاركة في احتفال مرور مئة عام على ولادة لبنان الكبير في قصر الصنوبر الذي كان مقراً للجنرال هنري غورو والذي كان يتولى إدارة لبنان وسورية في عهد الانتداب.

وفي معطيات هذه الشخصية أيضاً أن رحيل حكومة الرئيس دياب، من وجهة النظر الفرنسية، لا يرتبط بتصفية حساب شخصي ناجم عن الطريقة التي تعاملت بها الحكومة مع الوزير الأبرز في الحكومة الفرنسية، وزير الخارجية جان إيف لودريان عندما زار لبنان في 23   تموز/يوليو الماضي، ولاسيما تعامل دياب مع لودريان  بطريقة غير مسبوقة في العلاقات اللبنانية-الفرنسية والذي وصف زيارة وزير الخارجية الفرنسي بأنها "لم تحمل أي جديد"، بل جاء رحيل هذه الحكومة، كما تقول الشخصية السياسية، انطلاقاً من هدفيّن مستعجلين هما: وجود حكومة تفتح المسار المغلق في محادثات لبنان مع صندوق النقد الدولي بعد ان بات واضحاً أن حكومة الرئيس دياب وصلت الى الحائط المسدود، أما الهدف الثاني الذي يحتّم وجود حكومة جديدة، فهو إيجاد مرجعية لبنانية تستطيع أن تدير المساعدات الخارجية الضخمة التي ستتدفق على لبنان بعد كارثة الانفجار الهائل في مرفأ بيروت في الرابع من آب/ أغسطس الحالي، وليس أدل على حجم هذه المساعدات من مبلغ يقارب ربع مليار يورو استطاع الرئيس الفرنسي الحصول عليه لمصلحة لبنان في المؤتمر الدولي الافتراضي الذي انعقد بدعوة منه لدعم لبنان والشعب اللبناني في التاسع من الشهر الحالي وبالاشتراك مع الأمم المتحدة ومشاركة 36 مسؤولاً من ملوك وأمراء ورؤساء جمهوريات وحكومات ووزراء خارجية ومدراء مؤسسات مالية دولية.

لم تكن العبارة التي وردت في تصريح وزير الخارجية الألماني هايكو ماس خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان حين قال إن المساعدات لن تقدم عبر الأجهزة الرسمية سوى عينة من الطريقة التي يتعامل بها العالم حالياً مع لبنان. وبحسب معلومات "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال" فإن المساعدات التي وصلت إلى لبنان من مختلف أنحاء العالم، سيتولى الجيش اللبناني تسلّمها ويضعها في ساحة البيال تحضيراً لنقلها عبر الجهات المانحة، بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، كي تصل المساعدات مباشرة إلى مستحقيها الذين يجري إعداد لوائحهم الإسمية بالتعاون بين الجيش والسلطات المحلية والمنظمات الأهلية، ما يعني أن الجهات الحكومية والمرجعيات السياسية خارج توزيع المساعدات تماماً.

في أي حال، لا يمكن أن تستمر حال القفز فوق الجهات الرسمية التقليدية طويلاً، والحل سيكون من خلال حكومة تستعيد الثقة بلبنان داخلياً وخارجياً، وهذا ما ينقل البحث إلى المربع السياسي، أي حقل الألغام. فما هي المعطيات على هذا المستوى؟

مرة أخرى، يعود البحث في المعطيات التي رافقت ولا تزال التحرّك الفرنسي الذي يقوده الرئيس ماكرون من أجل فتح مسارب الحل للأزمة اللبنانية التي بلغت الذروة في انفجار المرفأ. ووفق المعلومات من مصادر الذين اجتمع بهم الرئيس الفرنسي في زيارته الأخيرة، أن باريس قررت التصرف بطريقة مختلفة عن واشنطن في ما يتعلّق بالتعامل مع "حزب الله"، أي أن فرنسا لن تتجاهل وجود هذا الحزب وتقفز فوقه كي تقوم حكومة جديدة. لكن هذا التوجه دونه مصاعب، أقلها ان هناك كثرة لاعبين في لبنان وفي المنطقة، ما يحول دون أن تشق مبادرة الرئيس الفرنسي إلى خاتمتها السعيدة قبل الأول من الشهر المقبل.

وعلى الرغم من كل هذه التعقيدات، تعتقد أوساط سياسية خبيرة في السياسة الفرنسية أن الرئيس ماكرون ما كان ليمضي في ما مضى إليه في بيروت، وفي المؤتمر الدولي الافتراضي، لو لم تكن لديه معطيات، وهذا ما يدعو إلى مراقبة مرحلة لا تتجاوز الأسبوعين، كي يتحقق ما طلبه الرئيس الفرنسي.