الصين: طفرة عقارية لإعادة إحياء الاقتصاد المتضرر

  • 2020-07-27
  • 13:00

الصين: طفرة عقارية لإعادة إحياء الاقتصاد المتضرر

  • كريم الحسنية

 اتخذ البنك المركزي الصيني إجراءات تحفيزية تمثلت برفع مستوى القروض المتاحة من قبل البنوك كوسيلة لإعادة احياء الاقتصاد المتضرر، ولكن سرعان ما اتجهت الأنظار نحو القطاع العقاري الذي استقطب قسماً من القروض الممنوحة وانعكاسات هذا التدفق على قيمة الأصول العقارية المتضخمة، وبحسب ما جاء في South China Morning Post فإن نحو 71 في المئة من المحافظات سجّلت نمواً في الاستثمار العقاري خلال فترة الخمسة أشهر الأولى من العام الحالي، وفي حال استمرار هذا النهج، يخشى الخبراء من تشكّل "فقاعة عقارية" في بعض المناطق التي تشهد نمواً سريعاً في سوقها العقارية.

للقطاع العقاري في الصين خصوصية وأبعاد سياسية أحياناً، مع سعي أصحاب القرار إلى اظهار اهتمام بالسيطرة على أسعار العقارات ووضع سقف لارتفاعها، خصوصاً تلك السكنية، والتشديد على أنها وجدت لغاية السكن وليس المضاربة، وأن ارتفاع أسعار العقارات يساهم في عدم الاستقرار الاجتماعي، وهو بدوره من أبرز التحديات الداخلية التي تواجه الصين على الدوام.  

ووفقاً لـ South China Morning Post أيضاً، عادت في المقابل نشاطات التمويل غير الخاضع للرقابة القانونية الى الواجهة مع استغلال بعض المؤسسات التمويلية واقع التسهيلات لتوجيه التمويل نحو القطاع العقاري من دون التقيد بالإجراءات التي توجه وترشد عمليات التمويل تلك، وتمّ منح الأفراد قروضاً يمكن استخدامها لشراء العقارات بغية المضاربة مع وصول كلفة الاقتراض السكني للأفراد الذين يشترون للمرة الأولى، وفق المصدر نفسه، الى معدل 5.28 في المئة خلال شهر حزيران/يونيو بعد ان كانت قرابة 5.50 في المئة بداية العام.

ولطالما كان بيع الأراضي مصدر دخل أساسياً للحكومات المحلية وهو ما أصبح حاجة أكبر بعد انخفاض الدخل من الضرائب بسبب جائحة كورونا، ووفق أرقام Centaline ارتفعت قيمة الأراضي المباعة من قبل خمسين مدينة صينية إلى المطورين العقاريين بنسبة فاقت 15 في المئة خلال الفترة الزمنية نفسها المشار إليها أعلاه (الأشهر الخمسة الأولى من العام). وفي السياق نفسه، ألغت بعض الحكومات المحلية اجراءات كانت قد اتخذت سابقاً إجراءات للحدّ من حرية التداول بالعقارات بغية السيطرة على أسعارها.

ويأتي هذا الاقبال على الاستثمار العقاري في الوقت الذي تهدف فيه الصين الى توجيه الاستثمارات نحو قطاعات إنتاجية مثل الزراعة والصناعة إضافة الى الشركات الصغيرة، وهي اجراءات تحفّز الاقتصاد الحقيقي. والجدير ذكره أن المصارف أظهرت عدم الرغبة في إقراض القطاع الإنتاجي مثل المصانع المتضررة التي تتكبّد الخسائر ما يجعل المهمة أصعب.

في الوقت الحالي، يبدو أن الصين مضطرة إلى تحمّل الانتفاخ الزائد في القطاع العقاري لأنه وسيلة تعول عليها السلطات حتى ولو رغماً عنها، للمساعدة على النهوض الاقتصادي السريع نسبياً. وعلى الرغم من الدفعة التي يمنحها النمو العقاري إلى الاقتصاد على المدى القريب، حذّر خبراء اقتصاديون من خطورة استمرار توجيه التسهيلات وتدفقها الى العقارات حيث من الممكن ان تسبب عدم اتّزان اقتصادي على المدى الأبعد، وتوقع  مركز الأبحاث "نومورو" أن يستمر المركزي الصيني بعملية التسهيلات بسبب استمرار الأزمة الّا أنه رجَح امكانية أن يؤجّل المركزي بعض الاجراءات التسهيلية التي كان سيتخذها، مثل خفض معدل احتياطات البنوك لديه وخفض كلفة الاستدانة على المدى المتوسط.

في غضون ذلك، يتوقع بعض المحللين أن يعود مستوى المبيعات تدريجياً الى طبيعته خصوصاً مع استمرار مشاكل البطالة وانخفاض القدرة الشرائية.