مستقبل الشرق الأوسط لتركيا أم لإيران؟

  • 2020-06-15
  • 09:19

مستقبل الشرق الأوسط لتركيا أم لإيران؟

  • نبيه البرجي

حين سئل الفيلسوف الفرنسي برنار ـ هنري ليفي (وما أدراك من وما برنار ـ هنري ليفي !)، لمن المستقبل في الشرق الأوسط، لتركيا أم لإيران، قال:"المستقبل في المنطقة لمن يكون مع اسرائيل"!

ربما كان من السذاجة بمكان إدراك المدى الجيوسياسي، والمدى الجيوستراتيجي، لأنقرة وطهران بمنأى عن السياق الدراماتيكي الذي يأخذه الصراع بين أميركا والصين وروسيا، وهو ما قد يذهب بالكرة الأرضية، مع حلول منتصف القرن، إلى الانفجار.

الصراع على إدارة ما تبقى من القرن، ربما على إدارة القرون المقبلة، وإن كان الباحث المستقبلي الشهير آلفن توفلر قد قال قبيل رحيله في العام 2016، "لن نكون، بعد عقود، في حالة ما بعد الزمن، ولا في حالة ما بعد الإنسان، فحسب، قد نكون في حالة ما بعد العالم الآخر".

هذا ما يوحي بأن الأتراك والايرانيين الذين أيقظوا عظام آبائهم انما يدورون حول أنفسهم في إحدى زوايا القرن ...

    الباحثون الأميركيون، وبينهم أنطوني كوردسمان، يرون أن رجب طيب اردوغان الذي يلعب دبلوماسياً، وحتى استراتيجياً، على طريقة "رقصة الدراويش"، وحيث السقوط في الهذيان، أكثر قدرة على أن يضطلع بدور المشعوذ الذي يعرف كيف يوظف الايديولوجيا الضاحكة في خدمة التاريخ وفي خدمة الجيوبوليتيكا. الأحرى، في خدمة ... الأنا!

 ها هو على الأرض القطرية، بالإمكانات المالية والاعلامية الهائلة. وها هو على الأرض الليبية، بالثروات النفطية، والمعدنية، التي تلامس الخيال، ناهيك عن الموقع الجغرافي الفائق الحساسية قبالة القارة العجوز. "لا كروا" الفرنسية استذكرت حصار فيينا، وقالت إن العثمانيين "يدقون على أبوابنا".

 الرئيس التركي يدرك أن المال هو "العصب المقدس" في الصراع. في اللحظة الأخيرة لا بدّ أن يتدحرج رأسه بعد أن ينتهي دوره في "لعبة الفيلة"، ولطالما راهن على أن يرث لقب الآباء (سلطان البر وخاقان البحر).

الباحثون إياهم يلاحظون أن الايديولوجيا المتجهمة التي استخدمتها ايران للوصول الى ضفاف المتوسط، وهو ما فعله الفرس الأخمينيون (داريوس وقوروش وقمبيز) في القرون الأربعة التي سبقت ظهور السيد المسيح، لن توصل الى شيء.

لبنان في تعثر سياسي ومالي واجتماعي، مريع. سورية داخل الحصار الذي يحول بينها وبين القيام بأي دور. العراق قابل للتفكك في أي لحظة. أما الوجود الإيراني، من جبال صعدة وحتى شواطئ البحر الأحمر، فلا يعدو كونه وجوداً تكتيكياً كانت الغاية منه الضغط على السعودية في سورية، عبر تلك الخاصرة الرخوة، قبل أن يحل الأتراك محلها.

أي جدوى من البقاء في اليمن بكل تلك التضاريس القبلية، والطبيعية، البالغة التعقيد؟ لا دولة هناك قبل مئة سنة.

الشرق الأوسط في قاعة الانتظار، كما لو أنك تضع منطقة بكاملها على الكرسي الكهربائي. على الرغم من تلك المشاهد البهلوانية، تركيا داخل الحلقة المفرغة. إيران أيضاً داخل الحلقة المفرغة.

محمد جواد ظريف يتوقع أن يبقى دونالد ترامب في البيت الأبيض. في البنتاغون يعتبرون أن إيران، بموقعها الجغرافي، أكثر من أن تكون ضرورية للأمن الاستراتيجي الأميركي. هل يمد الرئيس ترامب يده الى آية الله خامنئي؟!

هذه ليس بالمسألة المستحيلة، من الشرق الأقصى الى الشرق الأدنى، المسرح يضج بالاحتمالات. الأميركيون يلاحظون كيف أن التنين الذي يتسلل من ثقب الباب إنما يتسلل من ثقب الإبرة.

فلاديمير بوتين يشرف شخصياً على السوبرتكنولوجيا العسكرية، علّه يلعب "الورقة السحرية" عندما تدق ساعة البلقنة الثلاثية الاضلاع هذه المرة.

ماذا عن إسرائيل؟ الديبلوماسي الأميركي المخضرم دنيس روس، والذي كان يضع نجمة داود في مكتبه في الخارجية، يخشى على الإسرائيليين من التيه (الشتات) ثانية.

تدريجاً، اللاعبون الصغار يتساقطون، على خشبة المسرح. الفيلة، بأجنحة أسطورية، يتحلقون فوقنا ..