مايكروسوفت تقتحم جسم الانسان لتوليد العملات الرقمية

  • 2020-06-09
  • 15:22

مايكروسوفت تقتحم جسم الانسان لتوليد العملات الرقمية

هل يجد ابتكار مايكروسوفت طريقه إلى التنفيذ.. وما هي الضوابط؟

  • إياد ديراني

"مايكروسوفت" تُخطط لاستخدام جسم الإنسان كبديل عن الكمبيوترات المُستخدمة في ما يسمى عمليات "التعدين" لإنتاج العملات الرقمية، والتعدين أو Mining هو تعبير مُستعار من عالم عملة البتكوين Bitcoin الرقمية، حيث يستخدم المعدّنون كمبيوترات متطورة للقيام بعمليات معقدة بهدف توليد العملات وحماية منظومة عمل البتكوين وبقاء شبكتها آمنة ومستقرة.

قد يبدو "اختراع" مايكروسوفت للوهلة الأولى وكأنه فكرة من عالم الخيال العلمي، لكن الشركة سجّلت بالفعل براءة الاختراع الخاصة بهذه الفكرة لدى المنظمة العالمية للملكية الفكرية WIPO منذ شهرين تحت عنوان "نظام العملة الرقمية باستخدام بيانات نشاط الجسم"، ليس بالضرورة أن تبصر هذه الفكرة النور قريباً في حياتنا اليومية، وقد لا تصبح مُستخدمة أبداً كما هي الحال بالنسبة إلى آلاف براءات الاختراع التي تسجّل عالمياً وتبقى سجينة الأدراج أو تصبح مجرّد ملف في ذاكرة كمبيوترات "منظمة الملكية الفكرية"، لكن الفكرة في غاية الأهمية والخطورة في آن معاً لعدد من الأسباب سنأتي على ذكرها، لكن قبل ذلك، وببساطة ومن دون تعقيدات، ما هي تفاصيل الفكرة الجديدة؟     

أهمية الفكرة

تريد مايكروسوفت تركيب أجهزة استشعار Sensors في أجساد الناس، لكي ترصد وتسجّل كميات من البيانات المتعلّقة بنشاطات الدماغ وأعضاء أخرى، وتدفّق الدم عبر الشرايين والأوردة وحركة السوائل، إضافة الى قياسات متعددة كالحرارة التي يولّدها جسم الإنسان، وقد يتم استخدام معدات رصد أخرى كأجهزة الرنين المغناطيسي MRI، كاميرات الرصد الحراري، أجهزة قياس ضربات القلب والمستشعرات التي تعمل بالأشعة ما تحت الحمراء.

 

مايكروسوفت تسعى الى استخدام جسم الانسان في توليد العملات الرقمية

 

لكن مايكروسوفت لا تريد تسجيل البيانات بشكل أعمى، بل هي تسعى مثلاً إلى تسجيل الموجات الدماغية وردّات الفعل العصبية للشخص خلال مشاهدته إعلاناً محدداً أو تصفحّه وسائل التواصل الاجتماعي أو زيارة مواقع انترنت معيّنة، وعندما تأخذ الشركة البيانات الناتجة عن هذه النشاطات، تستخدمها بطريقة ما لإنتاج عملة رقمية لم تكشف عنها بعد، جزء من قيمة هذه العملة المُفترضة سيكون من نصيب الشخص الذي شارك في انتاج البيانات من جسمه. وتشمل براءة الاختراع التي سجّلتها الشركة، 28 طريقة يُمكن من خلالها استخدام جسم الانسان للقيام بـ "التعدين"، وبحسب نص مرفق ببراءة الاختراع على موقع "منظمة الملكية الفكرية" (patentscope.wipo.int)، فإنه وبدلاً من طاقة الحوسبة الهائلة المطلوبة في أنظمة العملات الرقمية التقليدية، يمكن استخدام الداتا الناتجة عن نشاطات جسم المستخدم، وبحسب النص أيضاً، فإن المستخدم يقوم بتقديم البيانات بطريقة "غير واعية" Unconsciously. 

 

خطورة الفكرة

 

فكرة استخدام جسم الإنسان لتحقيق الربح ليست جديدة، فالعمل أي تقديم الجهد الفكري والجسدي هو في أساسات الأنظمة الاقتصادية، لكن العمال خاضوا الثورات على مدى قرون لنيل أجزاء من حقوقهم وفرضوا تشريعات تضمن المحافظة نسبياً على الكرامة الإنسانية للعامل وعلى حرمة جسده منعاً للإستغلال.

 

يذكّر هذا الاختراع برواية جورج أوريل "1984" 

 

الخطير في فكرة مايكروسوفت الجديدة، هو زرع جسد الإنسان بالأجهزة والمستشعرات لمشاركته في الربح، لكن مع تعريض حريته وخصوصيته لمخاطر هائلة، والأكثر خطورة من ذلك، هو مدى تعقيد محرّكات الربح في الاختراع الجديد، والذي سيتطلب جهوداً هائلة سواء من المنظمات الحقوقية أو المشرعين لفهم طريقة عمله وتحديد الخطوط الحمر والحقوق والواجبات للوصول إلى قوانين ناظمة تكفل إدارة شفافة لكامل العملية. وعلى سبيل المثال، لم يتمكن المشرعون حول العالم حتى اليوم من وضع قوانين ناظمة كافية لعمل وسائل التواصل الاجتماعي مثل "فايسبوك" و"تويتر" ومحركات البحث مثل "غوغل"، والتي تسببت في حالات عدة بهضم حقوق الناشرين، وتعريض خصوصية المستخدمين للخطر، واستخدام بياناتهم للتلاعب بنتائج الاستفتاءات والانتخابات كما حصل في فضيحة "فايسبوك" و"كامبريدج أناليتيكا" خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية التي جاءت بالرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. وتذكّر فكرة مايكروسوفت الجديدة برواية "1984" للروائي البريطاني جورج أورويل التي نُشرت العام 1949، إذ تحدثت عن عالم تستولي فيه على الحكم أقلية طاغية مستبدة، فتسلب حرية الإنسان، وتفضح خصوصياته، ويصبح محاصراً بوسائل المراقبة والرصد.

الجدير ذكره أن "أوّلاً – الاقتصاد والأعمال" راسلت إدارة مايكروسوفت في الشرق الأوسط للحصول على إجابات إضافية، لكن لم تحصل على إجابات حتى تاريخ نشر هذا التقرير.