هل انتهى معرض "عالم بازل"؟

  • 2020-04-15
  • 14:24

هل انتهى معرض "عالم بازل"؟

  • برت دكاش

"هل يستمر معرض "عالم بازل" وكذلك الاستثمار في تطويره؟" سؤال لم يطرحه محللون أو مراقبون لقطاع صناعة الساعات، بل إدارة المعرض نفسها "المصدومة" من قرار مغادرة خمس دور أساسية "المفاجئ" لـ "عالم بازل" Baselworld، كما جاء في بيان أصدرته مجموعة أم سي أتش MCH Group المنظمة للمعرض مساء أمس الثلاثاء، وليس هذا فقط، بل استدارة الدور الخمس وهي رولكس Rolex، وباتك فيليب Patek Philippe، وشوبارد Chopard، وشانيل Chanel وتودور Tudor نحو جنيف لتنظيم معرض خاص بها بالتزامن مع معرض جنيف للساعات Watches & Wonders Geneva (W&W) في أبريل 2021، وبالتعاون مع مؤسسة الساعات الرفيعة Fondation de la Haute Horlogerie (FHH)، الجهة المنظمة لمعرض W&W.

حرب البيانات

بيان مجموعة MCH المسائي، جاء رداً على بيان الدور الخمس الصباحي والذي برّرت فيه قرار مغادرتها قائلة إنه "اعتراض على عدد من القرارات المتفرّدة لإدارة المعرض، من دون التشاور مع العلامات، بما في ذلك قرار تأجيل "عالم بازل" إلى كانون الثاني/ يناير 2021، فضلاً عن عدم قدرة معرض "عالم بازل" على تلبية احتياجات العلامات وتوقعاتها".  

كلام الدور هذا قابله رد مباشر وصريح من إدارة "عالم بازل" اتهمت فيه "الدور الخمس بالتخطيط لمغادرة "عالم بازل" منذ مدة، وما إثارة موضوع إلغاء الالتزامات المالية المتعلّقة بنسخة العام 2020 من المعرض، سوى حجة لتبرير إلغاء مشاركتها"، وأكّدت الإدارة في بيانها أن "اختيار موعد المعرض في كانون الثاني/ يناير 2021 والذي كان لا مفرّ من تأجيله، جاء بمشاركة كبار العارضين لاختيار أفضل وأقرب تاريخ بعد الإجراءات المتخذة من قبل السلطات المختصة لمواجهة كوفيد-19"، واعتبر البيان أن "الشركات "المهاجرة" الآن، ومن ضمنها Rolex، أيّدت خيار كانون الثاني/ يناير"، مذكّراً في أن "الدار ممثّلة في لجنة العارضين التي ناقشت في مناسبات عدة رؤية "عالم بازل" المستقبلية والتي لاقت إجماعاً أو بشكل منفرد تجاوباً إيجابياً من قبل العارضين"، وأوضح البيان أن "نيّة التوجه إلى جنيف لم تُثر قط".

أزمة مزمنة

أياً تكن مبرّرات الدور المغادرة وتبريرات إدارة المعرض، إلا أن قرار العلامات الخمس الصادم لمجموعة MCH، كان متوقّعاً، أقلّه بالنسبة إلى المتابعين. فالمعرض الأقدم والأكبر في صناعة الساعات والمجوهرات يواجه منذ سنوات تحدي الاستمرارية، على الرغم من أعمال التوسعة الشاملة لقاعاته في العام 2014. فقد خسر المعرض في عشرة أعوام نحو 70 في المئة من العارضين، وهو يواجه في الأعوام الأخيرة اعتراضات كثيرة من قبل العلامات العارضة ولاسيما على ارتفاع كلفة المشاركة فيه وعلى عدم تطوير المعرض ليتناسب والتغيرات الحاصلة في العالم الحديث. وغالباً مع تردّدت في أروقة المعرض في كل عام أخبار عن احتمال مغادرة مجموعات ودور عريقة للمعرض. أخبار ظلت في إطار الشائعات إلى انفجار الخلاف بين الإدارة وأكبر مجموعة عارضة هي Swatch Group فأعلن رئيسها التنفيذي نك حايك في صيف العام 2018 عدم مشاركة المجموعة من خلال دورها الثماني عشرة في نسخة العام 2019، علماً بأن المجموعة كانت وقعت مع الإدارة على اتفاق يضمن مشاركتها لغاية العام 2020، وفق ما كشفه مصدر خاص داخل إحدى الدور التابعة للمجموعة لـ "الاقتصاد والأعمال"، ووجّه حايك على أثر ذلك انتقاداً لاذعاً لإدارة المعرض، متسائلاً عن "جدوى الاستمرار في المشاركة في معارض تقليدية وفي ظل تعنّت الإدارة". وبحسب أحد وكلاء التجزئة لموقع أولاً- الاقتصاد والأعمال فإن "كلفة مشاركة المجموعة في "عالم بازل" كانت تقدر بنحو 60 مليون فرنك سويسري"، وفي حين ظلّت إدارة المعرض تعوّل على عودة Swatch Group إلى أحضان "عالم بازل" كما قال مدير عام المعرض ميشال- لوريس ميليكوف في دردشة مع أولاً- الاقتصاد والأعمال على هامش أسبوع دبي للساعات في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي والذي وصف "حايك بالعاطفي، وأن العاطفة أكثر ما تحتاجه صناعة الساعات"، ردّت المجموعة بإعلانها عن تنظيم النسخة الثانية من معرضها الخاص Time to Move في زوريخ ما بين 4 و6 آذار/ مارس الماضي والذي تمّ إلغاؤه لاحقاً بسبب انتشار فيروس كورونا.

الضوء الأخضر

إنسحاب Swatch Group جاء كذلك بمثابة الضوء الأخضر لعدد من علامات الساعات لمغادرة المعرض، وهو ما عبّر عنه الرئيس التنفيذي لدار Raymond Well إيلي برنهايم صراحة لدى إعلانه عدم المشاركة في المعرض اعتباراً من نسخة العام 2019 أيضاً. وهكذا كرّت السبحة، إلى أن أعلنت دار Breitling مغادرتها والتركيز على جولاتها العالمية وأحداثها الخاصة تحت اسم Breitling Summit، قبل أن تكشف Bvlgari التابعة لمجموعة الرفاهية LVMH عن قرار مماثل وإعلان رغبتها تكرار تجربة "أسبوع LVMH للساعات- دبي" بالتعاون مع المجموعة.

مستقبل مجهول

مصير معرض "عالم بازل" الذي بات شبه معروف، يثير السؤال عن مستقبل صناعة المعارض التقليدية المتخصصة في الساعات ولاسيما في أجواء الضياع ما لم تكن التشرذم الواضحة بين أهل الصناعة. فإعلان الأمس عن معرض جديد في نيسان/ أبريل المقبل للدور الخمس المنسحبة من "عالم بازل"، سبقته في آذار/ مارس الماضي، وفي ضوء إلغاء معرض جنيف للساعات W&W وتأجيل "عالم بازل" إلى كانون الثاني/ يناير 2021، مبادرة مجموعة من العلامات الكبرى والمستقلة الفاخرة في مقدمها بولغري Bvlgari وبرايتلنغ Breitling إلى تنظيم أيام جنيف للساعات 2020 ما بين 26 و29 نيسان/ أبريل الجاري لـ"إنقاذ صناعة الساعات"، كما ذكر رئيس دار Bvlgari جان- كريستوف بابان في بيان الإعلان عن المبادرة والذي أوضح كذلك أنه "بديل مؤقت فقط للمعرضين المذكورين فرضته تداعيات فيروس كورونا المستجد وليس أن ينوب عنهما في المستقبل"، كما يمثّل "خياراً في وقت تمرّ أحداث الدور الخاصة في حال من عدم اليقين"، وفق ما قاله الرئيس التنفيذي لدار Breitling جورج كيرن لموقع أولاً- الاقتصاد والأعمال، ولكن، ودائماً بسبب كوفيد-19، جرى تأجيل الحدث إلى أواخر آب/ أغسطس المقبل.

ظاهرة الهجرة

هجرة دور Rolex، وPatek Philippe، وChopard، وChanel وTudor إلى جنيف، ليست الأولى. فقد سبقتها، قبل ثلاثة أعوام، هجرة La Montre Hermès التابعة لدار الموضة الفرنسية Hermès إلى الصالون العالمي للساعات الرفيعة SIHH (والذي أصبح W&W)، ولحقتها دار Ulysse Nardin بعد شرائها من مجموعة Kering وكذلك عودة دار Girard-Perregaux إلى أحضان الصالون بعد انتقاله لسنوات إلى "عالم بازل". وقد شهد الصالون الذي تنظمه مؤسسة الساعات الرفيعة جملة تطورات، في إطار المبادرات الإنقاذية ولاسيما منها تخصيص مساحة خاصة للعلامات المستقلة تحت اسم "مربّع صانعي الساعات" Carré des Horlogers، وتغيير اسم الحدث ومفهومه العام، وقد نجحت الإدارة إلى حدّ ما في الصمود إلى غاية الآن في وجه التغيرات، رغم مغادرة دارين كبيرتين من المشاركين الرئيسيين فيه وهما Richard Mille وAudemars Piguet. وفي حديث سابق مع أولاً- الاقتصاد والأعمال جزم الرئيس التنفيذي لدار Audemars Piguet فرنسوا- هنري بنهامياس "عدم العودة إلى الصالون"، مؤكداً أن "المشاركة في معرض تقليدي نقدم خلاله منتجاتنا جميعها دفعة واحدة لم تعد مجدية، فالزبون بات يريد الساعة في اليوم التالي على طرحها، وليس انتظار شهور طويلة للحصول عليها. لذلك، فإن اللجوء إلى أحداث خاصة ننظمها على مدار العام، يخوّلنا تكييف إصداراتنا مع كل سوق أو مناسبة، وبالتالي تلبية احتياجات العملاء في وقت قصير جداً".

... في الإنتظار

تنظيم الأحداث الخاصة ظاهرة راجت خلال العامين الماضيين وبدأت تعتمدها غالبية المجموعات والعلامات، لذلك، يبقى السؤال عن جدوى تنظيم معارض جديدة، وإن على نطاق أضيق.

وفي وقت ذكر بيان الدور الخمس أمس احتمال انضمام علامات أخرى إلى الحدث الجديد الموجّه بشكل رئيسي إلى وكلاء التجزئة، والصحافة وكبار العملاء، فور تحديد الشروط، لذلك، أوضح مصدر دار Breitling إلى "أولاً- الاقتصاد والأعمال أن الدار "ليست في موقع التعليق حالياً على احتمال الانضمام إلى هذا الحدث، إنما سيتم إعلامنا بذلك في حينه، وذلك عند حصول فهم أفضل لتصميم المعرض الجديد".