كوفيد-19 فرصة لتنشيط مبيعات الرفاهية إلكترونياً

  • 2020-04-06
  • 07:56

كوفيد-19 فرصة لتنشيط مبيعات الرفاهية إلكترونياً

  • برت دكاش

ليست صناعة الرفاهية وحدها المتضرّرة من فيروس كورونا المستجدّ، لكنها قد تكون من أكثر القطاعات تأثراً بانتشاره حيث اضطرت جميعها إلى إغلاق متاجرها حول العالم، وبعضها إلى إغلاق مواقع إنتاجها وحتى تحويل عدد منها إلى إنتاج الأقنعة والملابس الواقية والمعقمات.

كورونا يعمق تحدي التعافي

لكن أزمة الصناعة غير مستجدة بحسب تقرير لشركة الاستشارات ماكنزي أند كومباني عن صناعة منتجات الرفاهية خلال انتشار وباء كورونا وبعده، على الرغم من كون الفيروس مستجداً، ما يجعل عدداً من العلامات أمام تحدي التعافي وربما الاستمرارية بعد القضاء على الوباء وعودة الحياة إلى طبيعتها. ويقول التقرير إن تجار التجزئة الفاخرة المستقلين في أوروبا (بعضهم صغير، ومتاجر تملكها عائلات)، كذلك بعض المتاجر الراقية المتعددة الأقسام Department stores في أميركا الشمالية يواجهون صعوبات، منذ ما قبل كورونا، جزء منهم بسبب تحول بعض العلامات إلى الدمج العمودي Vertical integration خلال الأعوام العشرين الأخيرة، إضافة إلى نمو التجارة الإلكترونية أخيراً. لذلك، وكما يفيد التقرير، فإن وباء كورونا قد يخرج بعض هذه العلامات من السوق في حال لم تتبنَّ نموذج توزيع مدمج عمودياً، في حين تحتاج العلامات الحديثة إلى قنوات بيع بالجملة للوصول إلى زبائن جدد وإلى تمويل عملية تطوير ابتكاراتها لتجاوز المحنة.

خسائر ولكن...

يلفت التقرير الانتباه إلى أنه من المبكر تحديد حجم الخسائر المالية للقطاع نتيجة انتشار الوباء، على الرغم من تراجع المبيعات في ربيع العام الحالي بنسبة 70 في المئة، وهو أمر طبيعي نتيجة إقفال المتاجر. ووفق التقرير أيضاً، هنالك تفاوت كبير، قبل ظهور الوباء، في نمو وأرباح  مجموعات وعلامات الرفاهية، إذ تراوح النمو ما بين 40 في المئة إلى نسب نمو سلبية، فيما تراوحت الأرباح ما بين 50 في المئة إلى أقل من 10 في المئة. لذلك، توقع التقرير تمركزاً أكبر للنمو والأرباح بعد انقضاء الأزمة، مستنداً إلى ثلاثة عوامل رئيسية هي: صحة النتائج المالية لكل علامة قبل الأزمة، مرونة نموذجها التشغيلي (بما في ذلك قدراتها الرقمية، وحركة سلسلة توريدها واعتمادها على قنوات بيع التجزئة) واستجابتها لتحديات فيروس كوفيد-19. ولا يغفل التقرير عن تحد أساسي يتمثل في القلق الذي تعيشه قادة الصناعة لإيجاد حلول إستراتيجية بعيدة المدى الممكن اعتمادها لتجاوز المحنة الراهنة وضمان استمرارية أعمالهم، حيث تشكل صناعة الرفاهية مصدر رزق للملايين من الأشخاص حول العالم، بدءاً من عمال المصانع، إلى موظفي متاجر التجزئة ووصولاً إلى صغار الحرفيين في القرى والمدن الصغيرة.

عمليات إندماج مرتقبة

في تفنيد للقطاع الفاخر، يشير التقرير إلى أن العقد الماضي شهد جنوحاً لدى تكتلات الرفاهية الأوروبية، وشركات الأسهم، وحديثاً، مجموعات الموضة الأميركية ومستثمرين شرق أوسطيين نحو شراء علامات تجارية راقية جاذبة. إنما، وكنتيجة للأزمة الراهنة، فإن بعض هذه الشركات وهؤلاء المستثمرين، قد يفتقرون إلى القدرات الأساسية وإلى الصبر لتغذية ما تتطلبه هذه العلامات لمواجهة الأزمة والتعافي، وبالتالي قد لا يكون بمقدورهم إعادتها إلى السوق من جديد. ويرى التقرير في ضوء ذلك، أن الإستحواذات التي كانت في السابق مكلفة جداً، قد تصبح قابلة للتطبيق بشروط أسهل في مرحلة ما بعد الأزمة حيث إن تطورات كهذه قد تؤدي إلى المزيد من الاندماجات في الصناعة أو حتى تكوين تكتلات رفاهية جديدة.

مقاربة الأزمة

ينصح التقرير قادة علامات الرفاهية بوجوب مقاربة الأزمة في إطار أولويتين، الأولى اعتماد إجراءات قصيرة المدى "لعبور الأزمة الراهنة"، وأخرى بعيدة المدى تقضي بـ"وضع تصوّر للمستقبل"، ويقول إنه لتجاوز الأزمة، قد يعمد بائعو الجملة إلى تبني سياسات تجارية جريئة Aggressive وخصومات يمكن أن تؤذي، أقله على المدى المتوسط، العلامات التي تفتقر إلى نموذج عمل واضح.

ويدعو التقرير الشركات إلى مراجعة مخزونها للعام 2020 وإعادة التفكير بمجموعة العام 2021، مع ضرورة أن يقرر قادة الشركات كيف يطوّرون مجموعتي خريف وشتاء 2020 وتطوير خطة للتعامل مع مستويات غير مسبوقة من مخزون العام 2020 غير المباع. إنما من دون المبالغة في الخصومات التي تعرض أسهم العلامة للخطر. كما دعاهم للبقاء على اطلاع على خطط بائعي الجملة والتجزئة الإلكترونية للتخلص من المخزون الفائض. وفي بعض الحالات، مقايضة المخزون قد تكون أفضل من الخصومات وعمليات الترويج الجريئة، على سبيل المثال مكافأة الزبائن الأوفياء بهدايا أو برامج تحفيزية أخرى لإرضائهم، وكذلك تحريك شهيتهم لشراء منتجات من ضمن عدد من المجموعات المتوافرة.

عروض الموضة

تمثّل عروض الأزياء جزءاً من خطة التعافي التي يقترحها التقرير، إذ لطالما مثلت أسابيع الموضة والعروض التجارية وسائل أساسية حافظت من خلالها العلامات على علاقات حيوية مع المستهلكين والشركاء التجاريين. وفيما يتوقع التقرير عودة الحياة إلى هذه العروض، إلا أنه يتعيّن على صناع الرفاهية التعاون الوثيق مع منظمي أسابيع الموضة والجمعيات التجارية لاستكشاف طرق بديلة جاذبة بمقدار هذه الأحداث نفسها عندما تكون هنالك قيود على السفر العالمي والتجمعات الكبرى، مع ضرورة أخذ اللاعبين الدوليين في الاعتبار إعادة إحياء رزنامة الموضة بشكل منسّق مع العلامات وبطريقة مبسطة وموجهة لعروضها.

التجارة الإلكترونية

إزاء واقع استمرار إقفال المتاجر في جميع الأسواق بسبب تفشي الفيروس على نطاق عالمي برز تركيز العلامات الراقية على التواصل مع عملائها من خلال منصات التواصل الإجتماعي وتوفير منتجاتها أونلاين للراغبين في الشراء. وفي هذا السياق، يعتبر التقرير قنوات التجارة الإلكترونية عاملاً حاسماً للحفاظ على مبيعات عالية، والتواصل مع العملاء. ويدعو العلامات إلى تسريع عمليات الإستثمار الرقمي وتحويل الإستثمار في الإعلام التقليدي إلى قنوات الأونلاين، مع تركيز على تحريك الزبون وحثه على الشراء أكثر منه التركيز على بناء العلامة، وعقد شراكات مع مواقع تجزئة إلكترونية معروفة. ويرى التقرير أن التسويق الرقمي لن يساعد فقط على إعطاء مبيعات الأونلاين دفعاً، إنما على إغراء الزبائن لزيارة المتاجر فور إعادة فتحها.

كما دعا التقرير علامات الرفاهية إلى تقديم حوافز لتجار الجملة والمتاجر المتعددة الأقسام مثل تمديد مهل سدادهم مستحقاتهم لصالح العلامات ومقايضة المخزون. بالإضافة إلى عدم تقديم المبيعات على حساب الربحية، كون مقاربة تركز على المبيعات ستؤدي إلى توقعات غير دقيقة بشأن الطلب وبالتالي إلى تكدّس كميات غير مباعة من المخزون.

إيطاليا في خطر

يقدّم التقرير إيطاليا كنموذج للخطر المحدق بالصناعة حيث تمثّل أكثر من 40 في المئة من إنتاج منتجات الرفاهية عالمياً، حيث إن جميع المصانع الإيطالية، بما فيها الصغيرة والعائلية التي تعمل بموجب التعاقد أقفلت مؤقتاً، لذلك، على شركات الرفاهية أن تقيّم مستويات التأثر بحسب الفئات والمنتجات، واتخاذ إجراءات قصيرة المدى تشمل نقل المخزون وتوزيعه على المناطق والقنوات ولا سيما في الأسواق الأقل تأثراً، والتأكد من تلبية الطلبات أونلاين. وعلى المدى المتوسط، على شركات الرفاهية مساعدة شركائها في الإنتاج على التعافي عبر توفير دفعات فورية وترميم الإنتاج بأقصى سرعة ممكنة. ووفق أسوأ سيناريو، يشير التقرير إلى أنه لم تتمكن المصانع التعاقدية في إيطاليا من تجاوز الأزمة، فإن المهن الحرفية التي هي نتيجة التمايز والمهارة والتي تنتقل عبر الأجيال، كما هالة "صنع في إيطاليا" مهددان بالزوال إلى الأبد.

الصين هي الأمل

ينطلق التقرير من التجربة الصينية خلال الأزمة ليشدّد على وجوب وضع عملية التحول الرقمي في صلب اهتمام العلامات خلال عملية التعافي. ففي الصين مثلاً، جذبت التجارة الإلكترونية فئات جديدة من المستهلكين ومن الأسواق والعروض، وبالإمكان تعميم نموذج مماثل في مناطق جغرافية أخرى.

وفق التقرير، فإن ما بين  20 إلى 30 في المئة من إيرادات الصناعة تتحقق بواسطة مستهلكين يشترون منتجاتهم الفاخرة من خارج بلدانهم، ففي العام 2018، على سبيل المثال، أنجز المستهلكون الصينيون أكثر من 150 رحلة إلى خارج الصين، وتشير التقديرات إلى أنهم أنفقوا في الأسواق الخارجية أكثر من نصف إنفاق الصين على منتجات الرفاهية في ذلك العام. واشترى المتسوقون الآسيويون منتجات الرفاهية أيضاً من خارج دولهم، ليس فقط للاستفادة من أسعار أدنى في أوروبا، إنما لأن التسوق أصبح جزءاً لا يتجزأ من تجربة السفر. وفي ظل القيود المفروضة حالياً على السفر، فإن أحد محركات الإنفاق الفاخر توقّف، ويتوقع التقرير عودة تدريجية إلى حركة السفر العالمي، حتى بعد رفع القيود عنه. وعليه، يلفت التقرير إلى أن المستهلكين الصينيين يمثلون أكبر فرصة لنمو قطاع الرفاهية، لذا تحتاج العلامات إلى مقاربة جديدة لجذب متسوقي الرفاهية لتنشيط حركة الاستهلاك مجدداً مثل العروض التجارية المحلية، وتقوية العروض الرقمية والشاملة والتواصل مع الزبائن بشكل أعمق في المدن المصنفة ثانية وثالثة في البلاد Tier-two وTier-tree. فباستطاعة الأزمات أن تخلق مجالات جديدة للنمو، يخلص التقرير.